ربما كانت صدمة الموالين للنظام السوري بالصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لإغلاق أحد مداخل باب شرقي في دمشق، أقل بكثير من الصدمة التي أتت بعد التفسير الرسمي للحادثة، والتي أحالت إغلاق المدخل الأثري بحائط إسمنتي، إلى تصرف فردي لأحد عناصر الجيش السوري.
وفيما يقدس إعلام النظام، العسكرة في البلاد، وضخ طوال السنوات الثمانية الماضية خطاباً رفع من قيمة جنوده أمام الموالين له، بات اليوم يعلق أغلاطه الرسمية الفادحة بحق أولئك الجنود أنفسهم، تحت مسمى “الأخطاء الفردية”، ليتذكر موالون للنظام، نوعية المعاملة “السيئة” للجنود السوريين، من ناحية البرد والطعام والملابس، مقارنة مع الجنود الروس مثلاً.
ودفعت موجة الاحتجاج الكبيرة، سلطات النظام لإعادة فتح مدخل باب شرقي بدمشق القديمة، بعد انتشار صورة تظهر إغلاق البوابة الجنوبية فيه، بحائط اسمنتي. وقالت مديرة دمشق القديمة، حياة حسن، لموقع “هاشتاغ سوريا”، الموالي للنظام، الأربعاء، أن الجزء اليميني من باب شرقي كان تابعاً لعناصر من الدفاع الوطني وفرع فلسطين وعناصر أمنية أخرى. وأضافت أن العناصر استغلوا العطلة الرسمية وأنشأوا غرفة على أطراف المدينة القديمة، مغلقين البوابة بحائط إسمنتي.
وفيما لاقت الصورة غضباً لأن الباب التاريخي الذي تعرض للاعتداء يعتبر واحداً من المعالم التاريخية في دمشق القديمة، وطالب ناشطون موالون وصفحات موالية وزارة السياحة ومحافظة دمشق بتوضيح سبب الإغلاق ومحاسبة من يريد العبث وتخريب آثار الشام القديمة. ما دفع محافظة دمشق للتحرك، بتأكيدها أن العمل جار على تنظيف المكان وإزالة الإشغالات حول الباب، بحسب إذاعة “شام إف إم” الموالية، بينما قالت شبكة “دمشق الآن” أن المحافظة ستفتح تحقيقاً لمعرفة ملابسات الحادثة التي جرت “بتصرفات فردية”.
من جهتها، نشرت وزارة السياحة صورة للمنطقة عبر صفحتها في “فايسبوك”، تظهر إزالة الحائط وإعادة الباب إلى وضعه السابق في خطوة لتخفيف حالة الغضب التي سادت مواقع التواصل. علماً أن باب شرقي هو البوابة الوحيدة من البوابات السبعة في دمشق القديمة التي حافظت على شكلها الأصلي كممر ثلاثي قبل أن يتم العبث فيه.
وسخر ناشطون موالون من تعبير “تصرفات فردية”، بما في ذلك الناشط المسؤول عن “دمشق الآن” وساط الطير، والصحافي الموالي وحيد يزبك، ولم تكن السخرية موجهة فقط للتقصير الرسمي والفساد المنتشر في أروقة النظام السوري، بل كانت أيضاً تعاطفاً واضحاً مع الجندي الذي “ألصقت” به التهمة في مسألة باب شرقي، بوصفه “بطلاً دافع عن الوطن”. فيما عبر آخرون عن عدم تصديقهم للرواية الرسمية، وعبروا عن أسفهم لزج العسكري المذكور في السجن مطالبين بالكشف عن هوية الضابط الذي أمر عساكره بالتلاعب بمنطقة أثرية.
والحال أن صورة الجندي والجيش ارتبطت في ذاكرة السوريين بالشقاء والحياة القاسية والملابس المهترئة والعقوبات الجماعية من الضباط البعثيين المترفين في ظل بلاد قدّس نظامها السياسي الحياة العسكرية وحولها لنمط حياة إجباري، في الملابس المدرسية الموحدة حتى وقت قريب وفي الخدمة العسكرية الإلزامية التي تشكل كابوساً للشباب وعائلاتهم، لكن تلك الصورة تغيرت بشكل أو بآخر لدى الموالين للنظام، الذين باتوا “يقدرون” الحياة العسكرية، ويصفون اللاجئين والهاربين من الخدمة العسكرية بأنهم “مخنثون وجبناء”، في تماه مع الخطاب الرسمي بهذا الخصوص.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=68237