ودّعت حلب أبرز سفـ.ـاحيها من ضباط نظام حافظ الأسد في مدينة حلب، العميد الركن (عمر حميدة)، الذي كان مندوب حافظ أسد لسحق انتـ.ـفاضة السوريين في فترة الثمانينات خلال ترؤسه لفرع أمن الدولة، ليكون أشهر المـ.ـجـ.ـرمين الحاضرين في ذاكرة الحلبيين بسبب قتله لآلاف المدنيين وتلذذه بتعـ.ـذيـ.ـب المعتقلين واغـ.ـتصـ.ـاب النساء في ذلك الوقت.
ثالث أقـ.ـذر شخصية
عمر حميدة الضابط برتبة عميد ركن، تخفّى عن المشهد الإعلامي خلال العقود الماضية، ليعود اسمه إلى الواجهة مع خبر وفـ.ـا.ته أمس الأربعاء، حيث ما زالت سيرته الإجرامية عالقة في أذهان أهالي حلب الذين استذكروا جرائمه بتفاصيلها المؤلمة واستذكروا معها مئات المدنيين الذين قتلهم في أقبية مخـ.ـابراته.
شغل حميدة منصب رئيس فرع أمن الدولة التابع لميلـ.ـيـ.ـشيا أسد في مدينة حلب لنحو عشرين عاما، وهي الفترة التي تزامنت مع الانتـ.ـفاضة الأولى للسوريين ضد حكم آل أسد وأجهزته الأمنية في فترة ثمانينات القرن العشرين، ويصفه أهالي حلب بأنه ثالث أقـ.ـذر شخصية مرت على المدينة بعد اللواء مصطفى التاجر واللواء حسن خلوف.
إعلان
ارتكب الضابط المكنى بعائلة آل حميدة بمحافظة حلب، مجازر عديدة بحق السوريين المنتفضين ضد نظام أسد منذ عام 1980، وقُـ.ـتل المئات على يديه بأساليب التعـ.ـذيـ.ـب الوحـ.ـشي حتى الموت، والمتمثلة بسحل وتعرية المعتقلين وتعـ.ـذيـ.ـبهم أمام ذويهم وخاصة النساء، إضافة لإرسال المئات إلى سجن تدمر العسكري ذي الصيت الدموي، بحسب شهادات أهالي حلب.
كما اشتهر “ذراع حافظ أسد” بالتلذذ بتعـ.ـذيـ.ـب المعتقلين في أقبية فرع أمن الدولة في مدينة حلب، حيث كان يقطع بعض أعضاء المعتقلين لانتزاع اعترافات بشكل قسري، ويعلّقهم عراةً لوقت طويل وأمام أمهاتهم وإخوتهم، إلى جانب اغـ.ـتصـ.ـاب النساء لإجبار المطلوبين على تسليم أنفسهم، وتلك شهادات أهالي حلب.
المهندسة ريم القدسي: بالغ بالإجرام لإثبات ولائه
إعلان
المهندسة المعمارية الحلبية ريم القدسي كتبت حول وفـ.ـا.ة جزار حلب في صفحتها الشخصية على فيسبوك: “مات عمر حميدة، هاد الاسم الذي يعرفه كل حلبي، هاد الاسم يلي كان يرجف كل حلبي هلعاً بسماعه بالثمانينات، اللواء ورئيس أمن الدولة في حلب لعقود عديدة ومديدة.. عمر حميدة يلي بسجونه عذب وقتل طلاب وشبان حلب بحجة الإخوان، عمر حميدة يلي اعتقل وعذب واغتصب بنات لحتى يضطروا إخوتهم الشباب يسلموا حالهم ويلي قرأ رواية خمس دقائق وحسب بيعرف أنا شو ع بحكي.. عمر حميدة يلي كان موقف حلب ع رجل وحدة بالثمانينات ولأنه ما كان علوي.. فهو مضطر يبوس الصرماية أكتر ويمعن بالتعـ.ـذيـ.ـب والسطوة أكتر ويكون مـ.ـجـ.ـرم حتى أخمص قدميه بإخلاص أكتر ليثقوا فيه ويعتبروه من عظام الرقبة”.
وتابعت السيدة القدسي في منشور ها الهام على صفحتها في فيس بوك، “حرامي حلب حتى أملاك اليهود ما خلت من إيده واستثمرها لحسابه وحساب ابنه الفاشل، عمر حميدة ابن عشاير وبس تسرّح ضل مختبئ ببيته متل الصعلوك ومحاط بالحراس الشخصيين لأنه مهدد بالثأر من عيلة بري. عمر حميدة اليوم وحده بين إيدين ربنا لا حراسة شخصية ولا رشاشات ولا سيارات تمشي قدامه ولا وراه، عمر حميدة اليوم بدون ولائم تجار حلب المشطفين يلي كانوا يحتفلوا فيه ويرشوه مشان توصية من هون وليتقوا شره. المضحك في القصة كلها إنه عمر حميدة بكل قذارته وإجرامه يدفن اليوم في مقبرة تسمى مقبرة الصالحين”.
إعلان
المهندس هشام نجار: اعتقل عشرات النخب العلمية
فيما يستذكر المهندس الحلبي هشام نجار، قصته مع الضابط حميدة أثناء إضراب عام أعلنته نقابة المهندسين في حلب أثناء احتجاجات الثمانينات، ويقول كشاهد على الحدث: “عندما أعلنت نقابة المهندسين الإضراب العام واجتمع مئات المهندسين أمام النقابة وفي حديقتها، أنذرنا حميدة بفض الإضراب بالقوة فرفضنا ترك أمكنتنا فالمطالب واضحة وعليهم مناقشتها معنا ، فما كان من حميدة إلا أن جهز سيارة بعنصري مخـ.ـابرات وبقنبلة يدوية مرت مسرعة أمامنا فرموا القنبلة من نافذة السيارة إلى داخل حديقة النقابة وانفجرت فجرحت العشرات.
ويضيف نجار، “عندما قابلناه في مكتبه قال لنا مدير مكتبه انتظروا خمس دقائق لينهي سيادته صلاة الظهر ( شوفوا الحقارة والوساخة والتمثيل على الخالق قبل المخلوق ) ثم أدخلونا لمكتبه بينما وضع سجادة الصلاة على أحد الكراسي بأناقة”، مشيرا أن حميدة اعتقل عقب الاجتماع عشرات منتسبي النقابات العلمية من مهندسين وأطباء ومحامين وصيادلة ومعلمين.
مواجهة بلغة المجازر
هدفت الانتـ.ـفاضة الشعبية ضد نظام حافظ أسد، والتي بدأت في عام 1980، لإسقاط حكم العسكر وإلغاء سطوته الاستبدادية عن السوريين، عبر مظاهرات وحراك شعبي وإضراب واسع في الأسواق التجارية والمؤسسات الخاصة والعامة، تركزت المطالب الشعبية حينها على رفع حالة الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية والاستثنائية، والدعوة لاستقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية وتفعيل صلاحيات القضاء المدني، إلى جانب إجراءات انتخابات رئاسية حرة في سوريا.
لكن حافظ أسد ونظامه الإجرامي واجهوا الانتـ.ـفاضة الشعبية بعشرات المجازر الكبرى والتي كان أبرزها مجازر مدينة حماة وجسر الشغور وسجن تدمر ومجزرتا بستان القصر وسوق الأحد في حلب ومجزرة سرمدا في إدلب، والتي تسببت بمقتل عشرات آلاف المدنيين بينهم نساء وأطفال خلال تلك المجازر، والتي كانت “سرايا الدفاع” التي يقودها رفعت شقيق حافظ أسد، رأس الحربة في تنفيذها.
كما دفعت تلك الأحداث ميلـ.ـيـ.ـشيا أسد لاعتقال مئات آلاف السوريين في عموم المناطق وخاصة الشمال السوري بذرائع تهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمون التي شيطنها نظام أسد واعتبرها ذريعة للقضاء على الانتـ.ـفاضة في تلك الفترة، ونفذت أجهزة المخـ.ـابرات عشرات عمليات الإعدام الجماعي في الأحياء السكنية والسجون، وأبرزها عملية إعدام أكثر من مئة من نساء مدينة حماة، وإعدام آلاف السجناء في حادثة سجن تدمر الشهيرة.
باختصار يودع السوريون عامة وأبناء مدينة حلب خاصة عمر حميدة باللعنات، ويستذكرون دوره الإجرامي في زمن صار بالإمكان للسوريين أن يقولوا عن المـ.ـجـ.ـرم إنه كان مـ.ـجـ.ـرما بعينه.. أما انتماؤه الطائفي فهو يقدم مثالا على العقلية الطائفية التي استخدم فيها حافظ الأسد شخصيات من المكون السني كي يخفي البنية الحقيقية لنظامه ولمسار قمعه.
المصدر: أورينت نت