قطر العَصيّة وخطط فاشلة

Alaa5 يوليو 2017آخر تحديث :
الدوحة
محمد عويس / تركيا بالعربي
سأتناول الحديث هنا عن الحدث الجلل الذي  لايخلو منبرا إعلاميا أو سياسيا أو حقوقيا بالحديث عنه وهو “أزمة حصار قطر” سأتحث عنه ليس من باب الدفاع عن قطر فحسب ،مع أني متضامن معها ومع شعبها في محنتها التي التمر بها الآن أمام هذه الخطط  من دول الحصار وردا للجميل ولما قدمته مع الشعوب في ثوراتهم ضد الاستباد والظلم.
ولكن سأحاول أن ألملم بعض النقاط الرئيسية في الأزمة، وأجيب عن بعض التساؤلات المطروحة على الساحة الإقليمة والدلولة،مدللا على ذلك بحقائق موضوعية وواقعية.
أقدمت دول الحصار، السعودية – الإمارات – الأردن – مصر،على بعض الإجراءات الغير إنسانية والغادرة والتي من شأنها العمل على إخضاع قطر لمطالب تلك الدول والتي تتلخص كما اطلقت عليها في كلمة (اللا قطر) بفرض الوصاية عليها ومحو وجودها كدولة، لها سيادة في المنطقة الخليج والدلول العربية ، ذلك بعد ايعاز من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومرورا باختراق وكالة الانباء القطرية (قنا) كما ذكرت قطر وانتشار الابواق الإعلامية التابعة لدول الحصار بالتحريض والتشنيع ضدها واستتبع ذلك بعض الممارسات خلصت الى مطالب -13 مطلب – مجحفة تعجيزية،الغرض منها رفضها ومن ثَمّ الإجهاز عليها بإجراءات معينة، سنتعرف عليها فيما هو آت.
خطط دول الحصار
خطة (أ)
تمثلت خطة (أ) لدول الحصار في احداث انقلاب عسكري والإجهاز على قطر بتدخل عسكري من الخارج أو إحداث انقلاب داخلي، في خطوة سريعة قبل أن تتلقى انفاسها بعد الإعلان عن قطع العلاقات معها براً وبحراً وجواً،وفرض حصار وعزلة عليها من جميع الجهات، إلا أن دولة الكويت وسلطنة عمان كدول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي، لم يوافقا على تلك الإجراءات وهذا الحصار،الأمر الذي خفف من وطئة وقوت الحصار في اللحظات الأولى من جهة،وتسريع الحليف التركي الخطى نحو دعوة البرلمان بالموافقة على نشر قوات خارج البلاد فتم على الفور نقل ما لا يقل عن خمسة ألآلف من القوات التركية لإرباك دول الحصار وإفشال هذا المخطط من جهة ثانية.
الخطة (ب)
تمثلت في  (الحرب النفسية) تحت ضغط اخضاعها لتنفيذ 13 مطلبا، في مدة اقصاها 10 أيام ، كان الغرض منها تعجيز الوفاء بها ورفضها من قبل قطر،حتى يتسنى لتلك الدول المضي قدما في تنفيذ الخطة (ب) تحت غطاء رفض هذه المطالب.
ما هي الإجراءات التصعيدية والمتوقعة من دول الحصار بعد رفض قطر لتلك المطالب ؟
بدأت تلك  الدول اجراءات التصعيدية بإرسال عدة رسائل وتهديدات سابقة تمثلت في الآتي: رسائل تدل على التدخل العسكري ،كما صرح بذلك وزير الخارجية البحريني في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر بالقول “أساس الخلاف مع قطر سياسي وأمني ولم يكن عسكري قط،احضار الجيوش الأجنبية وآلياتها المدرعة هو التصعيد العسكري الذي تتحمله قطر”،وايضا وكما نشرته صحيفة “الأهرام العربي” بإنشاء قاعدة عسكرية لدول الحصار في البحرين،أوالمزيد من تضييق الحصار الاقتصادي،أوالمزيد من العزلة السياسية والدبلوماسية واخراجها من مجلس التعاون الخليجي،أوالعمل على فرض عقوبات دولية من مجلس الأمن.
والسؤال : هل ستستطيع – قطر- الصمود أمام ضغوط دول الحصار أم انها سترضخ لمطالبهم ؟
وقبل الإجابة عن هذه التساؤل لابد للقارئ أن يتعرف على قوة هذه الدولة- قطر (الصغيرة من حيث المساحة) حتى تكون الإجابة في محلها.
*القوة لاقتصادية
الاقتصاد القطري كما هو معلوم للمتخصصين والخبراء لن يتأثر كثير بالحصار المطبق عليها ،وأفرد موقع الجزيرة في هذا الخصوص تقريراً بالأرقام عن الإقتصاد القطري في مثل هذه مواجهة الأزمات بتاريخ 7 يونيو / حزيران 2017  كلآتي:-
أعلن فيه التقرير  أن حجم الناتج المحلي يقدر بنحو 170 مليار دولار ،و أن نصيب الفرد من الناتج القومي 129 ألف دولار سنويا.
وان حجم التجارة الخارجية لقطر 89 مليار دولار و24.7 تريليون  مترمكعب  حجم احتياطي الغاز.
–         الوارادت:
واردات قطر من دول الحصار تعادل نسبة 14% فقط ،و 86 % مع دول العالم .
–         الصادرات:
7.5% فقط مع دول الحصار،و92.5 % مع دول العالم.
فإذا نظرنا لهذه الأرقام نجد أن التأثير على الاقتصاد من قبل دول الحصار سيكون طفيفاً ممكن تعويضة من دول حليفة مثل تركيا كسوق تجاري رائد، ولما لها من مكانة خاصة بين الول  داخل المجتمع القطري.
*القوة الإعلامية
تلعب القوة الإعلامية كوسيلة أوسع انتشاراً وأكثر قوة و تأثيرا داخل الشعوب وكلاعب هام على المستوى الإقليمي والدولي،بعد أن جاء الأمير الأب “حمد” على سُدة الحكم في البلاد.
تمثلت قناة (الجزيرة) الإعلامية، كقوة إعلامية في المنطقة لايُستهان بها من حيث كونها آداة لنشر الوعي السياسي والوقوف بجانب الشعوب وخاصة دول الربيع العربي في قضاياهم العادلة أمام استبداد حكامهم، فلم تستطع دول الحصار إيجاد بديلاً عنها بنفس قوتها،فكان إغلاقها يعد مطلباً أساسيا على قمة مطالب دول الحصار لما لها من قوة تأثير في الشعوب.
 
*القوة السياسية والدبلوماسية
تبلورت القوة السياسية والدبلوماسية  لقطر  في النقلة النوعية الأكثر استقلالية التي أحدثها الأمير الأب “حمد” ومن بعده الأمير الابن “تميم” بعد ان كانت تابعة للمملكة السعودية الى شريك لها،وأيضا دبلوماسيتها في تعاملها مع الأحداث التاريخية التي مرت بها المنطقة العربية خلال فترة “الربيع العربي” وما بعده بشيء من الإنسانية والوقوف بجانب قضايا الشعوب ونشر ثوراتهم، فاستحقت بذلك الإجراء حب تلك الشعوب من ناحية وكره الأنظمة العالمية التي تحارب الثورات من ناحية أخرى ، الأمر الذي كانت ضريبة وقوفها مع ثورات الشعوب باهظة، والتي كانت من ضمن الأسباب الرئيسية بل هو السبب الرئيسي لهذا الحصار.
أما عن قوتها الدبلوماسية استطاعت قطر أن يكون لها  حلفاء  غير الشعوب ولوبيات ومنظمات داخل المجتمعات الأوربية وغيرها،بغرض الوقوف معها في قضاياها ووقت محنتها.
 
* القوة العسكرية
تتمثل قوة قطر العسكرية في قوة حلفائها كالحليف التركي الذي أبدى منذ اللحظات الأولى للأزمة وقوفه بجانب قطر ،وارسال دفعات وطليعات من القوات العسكرية التركية إلى قاعدته العسكرية هناك بعد موافقة برلمانه على ذلك،وأيضا وجود قاعدة العديد الأمريكية ولكن لا يأمل منها خير ،وأعتقد أن وجودها  في الوقت الراهن قد يساهم في تأخير التدخل العسكري الغير مستبعد من قبل دول الحصار،وتسعى واشنطن إلى وجود بديلا  عن قاعدة “العديد” العسكرية في المنطقة،هذا ما أكده في وقت سابق رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي “ايد رويس” أن الولايات المتحدة تعتزم نقل قاعدتها العسكرية من قطر إلى بلد آخر إذا لم تغير الدوحة من تصرفاتها الداعمة لجماعات متشددة”على حد قوله.
أما على الجانب الآخر فإن إيران تأمل في استدعاء قطر لها بفارغ الصبر لسببين:
الأول هو وجود حقل غاز”الشمال” أو “بارس” المشترك بينهما ، والسبب الثاني وهو الأهم إيجاد وضع قدم لها في المنطقة،لحماية ودعم مليشياتها في منطقة الخليج،تجاه المملكة السعودية، وتحاول إيران ان تتقدم في تكنولوجيا استخراج الغاز لتنافس قطر في هذا الحقل وتستأثر بالجزء الأكبر منه عليها ، ويعتبر هذا الحليف غير مرغوب فيه في المنطقة على جميع الأصعدة وللكثير من الأسباب.
كما يوجد لقطر حلفاء أوربيون، وفي الآونة الأخيرة وبعد الأزمة الحالية طلبوا منها إجراء مناورات عسكرية في المياه الإقليمية لدولة لقطر كما صرح مسؤول في البحرية القطرية.
 وعلى الجانب  الآخر من التحالفات فإن “روسيا” تنظر بفارغ الصبر التحالف مع قطر، وفكرة نقل قاعدة العديد الأمريكية  قد يفتح الباب أمام روسيا في انشاء قاعدة عسكرية في قطر كبديل عنها وهذا أمر غير مستبعد.
وللأجابة على السؤال حول صمود أو رضوخ قطر أمام مطالب دول الحصار، فإنه لم يتسنى حتى الآن التأكد من رد قطر على تلك المطالب ولكن من وجهة نظري سيأتي الرد القطري بدبلوماسية “محنّكة” تجعل الكرة في ملعب دول الحصار وتجعل من الحوار سبيلاً لحل الأزمة وليست القوة، حتى وإن طالة مدة الحصار فقط لحفظ ماء وجه المملكة السعودية في تصعيدها الأخير،وستحاول قطر أن تحافظ على شعرة معاوية بينها وبين دول الخليج، أملاً في إنهاء الأزمة الحالية ،وإلا فلن يفيد غير ذلك ،وستكون العواقب وخيمة على الجميع في المنطقة، وقد يعد وقوع مثل هذا الأمر لا قدر الله  كما أعتبره “فخ” للملكة السعوية، لإضعافها.
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.