لم يتردد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء افتتاح مطار إسطنبول الجديد في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في استعراض الإنجازات التي حققتها حكومته في المجال الجوي والبنية التحتية وكذلك طموحاته أيضا في الفترات القادمة عقب الانتهاء من تجهيز أكبر مطار في العالم، الذي تقول السلطات التركية إنه سيخدم ثلث سكان العالم.
ولعل أبرز ما ذهب إليه أردوغان في معرض حديثه هو تضاعف أعداد المطارات التركية منذ توليه رئاسة البلاد قبل 16 عاما من 26 إلى 56 مطارا، في حين يجري العمل عل ثماني مطارات أخرى حاليا لتصبح 64 في السنوات المقبلة.
وكشف أردوغان عن ارتفاع عدد الطائرات التركية من 162 طائرة إلى 506 طائرات في الفترة نفسها، لتصبح بذلك تركيا الأولى عالميا في عدد الوجهات الخارجية للرحلات الجوية التي وصلت إلى 316 رحلة جوية.
وبناء على هذه الأرقام تمكنت تركيا من زيادة إجمالي المبيعات في قطاع النقل الجوي من 2.2 مليار دولار إلى 25 مليار دولار، وفقا للرئيس أردوغان.
مخططات للسياحة
والحديث عن اهتمام تركيا بالاستثمار في القطاع الجوي لا ينفصل عن تطوير مخططات حكومة العدالة والتنمية لتوسيع الاستثمار السياحي في البلاد، وهو الأمر الذي أفصح عنه مباشرة وزير النقل التركي جاهد طورهان الذي قال إن بلاده تهدف من خلال مطار إسطنبول الجديد إلى تحقيق الريادة على مستوى العالم من حيث عدد الزوار الذين ستستقطبهم.
وبتتبع الأرقام الفعلية للخطة التي كانت قد أعلنتها الحكومة التركية مطلع العام الحالي -التي تتحدث عن استهداف أربعين مليون سائح وعائدات بثلاثين مليار دولار في نهاية العام الجاري- تشير آخر إحصاءات وزارة الثقافة والسياحة التركية إلى تجاوز عدد السياح الأجانب الذين زاروا تركيا في الأشهر التسعة الماضية 32 مليون سائح، وبنسبة إيرادات للفترة نفسها بنحو 23 مليار دولار.
وأكد الباحث الاقتصادي التركي فاروق أوغلو في حديث للجزيرة نت أن المطار الجديد سيسهم في إنعاش القطاع السياحي في البلاد في الأعوام القادمة بشكل مضاعف، وبذلك تكون تركيا وضعت أولى خطواتها الفعلية نحو تحقيق خطتها المتمثلة بدخول قائمة أكبر عشرة اقتصادات في العالم بحلول 2023.
توسع استثماري
إلى جانب الطفرة التي حققتها تركيا في الاستثمار السياحي والقطاع الجوي حققت البلاد قفزة غير عادية في عدة مجالات أخرى، منها قطاع الاستثمار العقاري والتصدير الذي بلغ أعلى مستوياته في تاريخ الجمهورية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وحسب تقارير وزارة التجارة التركية، بلغت قيمة صادرات تركيا خلال الشهر الماضي أكثر من 15 مليار دولار، وبنسبة ارتفاع بلغت 13.1% عند مقارنتها بالفترة نفسها من العام الماضي، بينما وصلت واردات البلاد 16 مليار دولار خلال الشهر نفسه.
وتشير تقديرات رسمية تركية إلى أن قيمة صادرات البلاد ستصل إلى 170 مليار دولار في نهاية العام الحالي.
وتتوقع تقارير البنك الدولي أن يشهد الاقتصاد التركي معدل نمو أكبر من الأعوام السابقة مع نهاية العام.
وسعيا إلى تحقيق التوازن الاقتصادي والنمو المستدام والاستفادة من كل هذه الإيرادات التي تتدفق إلى الخزانة التركية أعلنت الحكومة عن سعيها لتطبيق برنامج اقتصادي جديد في الفترة 2019-2021، لا يتضمن تنفيذ أي مشاريع جديدة في العام القادم إلا في حالات الضرورة.
هوية اقتصادية
ويرى الدكتور نزار الحرباوي المتخصص في الاقتصاد التركي أن قدرة الحكومة التركية على تفعيل الجانب السياحي بصورة شمولية على امتداد الجغرافيا الجميلة التي تتميز بها والمتعددة المناخات هو ما جعلها بؤرة جذب دولي أدرت عليها مليارات الدولارات.
ويضيف الحرباوي للجزيرة نت أن تركيا توجهت في الفترة الأخيرة صوب الاهتمام بالتصنيع، وفي مقدمته الصناعات الثقيلة والحربية والقطاع النامي في الطيران على مستوى العالم.
كل تلك العوامل ساهمت -وفقا للحرباوي- في تجنيب تركيا أزمات كثيرة، وجعلها تتكئ على بواعث اقتصادها الذاتي في مواجهة الحروب الاقتصادية التي تشن عليها، وكان آخرها انهيار الليرة التركية.
ويؤكد الحرباوي أن تركيا أصبح لديها الكثير من الميزات النسبية التي يمكن من خلالها تحقيق أفضل العائدات على مستوى الدخل العام للدولة.
وقال إن ذلك هو الأساس في فكرة قيام تركيا الحديثة التي اعتمدها حزب العدالة والتنمية الذي ركز على الاقتصاد المتنوع وصناعة الهوية الاقتصادية من خلال الماركات التركية العالمية التي بدأت تغزو الأسواق الدولية وتمثل حالة من حالات النهضة الفكرية والمعرفية التي أسهمت في بناء مجمل تلك المزايا الاقتصادية.
المصدر : الجزيرة
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=74813