أعلنت محافظة كيركلاريلي التركية أنها ستبدأ في حصد محاصيل القنب الهندي، بعدما وعد رئيس البلاد رجب طيب أردوغان بإعادة إنتاج النبتة المثيرة للجدل في البلاد.
وأصبحت كيركلاريلي أحدث محافظة تركية تدخل خط إنتاج النبتة التي يستخرج منها الحشيش، علما أن لها استخدامات أخرى طبية وصناعية.
وتحدث أردوغان عن منافع القنب الهندي قائلا إنه يصلح لصناعة النسيج، وأوضح أن زراعة النبتة أمر مألوف في تركيا، حسب صحيفة “أحوال” المحلية.
وأضاف أن بلاده تضطر إلى استيراد القنب الهندي في الوقت الحالي حين تحتاج إلى المادة في بعض الصناعات، مشيرا إلى وجود مباحثات مع وزارة الزراعة بشأن النبتة.
إعلان
في غضون ذلك، أوضح عثمان بيلجين محافظ كيركلاريلي، أن زراعة القنب الهندي ستعود بالنفع الاقتصادي على المنطقة، وأضاف أن مليونين ونصف المليون نبتة من القنب الهندي تنمو في المدينة، مشيرا إلى أن السلطات لن تضطر إلى إحراقها من الآن فصاعدا.
وصرح أثناء لقاء مع الصحفيين: “اعتقدنا دائما أن لهذه النبتة تبعات سلبية. لكنها جيدة في الواقع حين يجري استخدامها بصورة جيدة. أما حين يجري الاستخدام على نحو سيء فعندها تكون سيئة”.
وتطرق الرئيس التركي إلى زراعة القنب الهندي، قائلاً: “في الفترة التي فرضوا فيها علينا حظر زراعة القنب الهندي، كانت الجهات التي فرضت هذا الحظر تزرع هذه النباتات على نطاق واسع”.
إعلان
وأردف قائلاً: “أوعزت لوزيري الزراعة والبيئة ببدء زراعة القنب الهندي مجددا، لأننا سنرى أن لزراعة القنب فوائد مختلفة في مجالات متعددة”.
ما العلاقة بين القنّب وزيت الزيتون؟
إشارة الرئيس أردوغان الى منع «الأعداء» تركيا من زراعة وإنتاج القنّب محلياً من أجل دفعها الى استيراده منهم تتطابق مع قصّة غاية في الشهرة لدى المجتمع التركي، ولكنّها تتعلق بزيت الزيتون. وفقاً لهذه الرواية المنتشرة على قطاع واسع في تركيا، فإنّ الولايات المتّحدة كانت قد منعت الحكومة التركية من زراعة وإنتاج زيت الزيتون في منتصف ونهاية الأربعينات من القرن الماضي كجزء من خطّة مارشال بعد الحرب العالمية الثانية. ومقابل المساعدات التي تمّ تخصيصها لتركيا آنذاك، تم وضع شروط من بينها الامتناع عن إنتاج زيت الزيتون والاستعاضة عنه باستيراد زيت الذرة الأميركي الذي كان يعاني من التكدّس.
ولأنّه لم يكن من المتعارف عليه لدى كثيرين استخدام زيت الذرة بدلاً من زيت الزيتون خاصّة في بلاد مثل تركيا والشرق الأوسط عموماً، فقد قامت الحكومة بالترويج بشكل غير مباشر لأغنية مشهورة، ولا تزال متداولة لدى العامة تقول في إحدى مقاطعها «لا أستطيع أن آكل الغذاء الذي يحتوي على زيت الزيتون»، وذلك لتشجيع الناس على استهلاك زيت الذرة بدلاً من الزيتون. ونتيجة لذلك، تراجعت زارعة الزيتون وتضررت هذه الصناعة، وبقيت آثارها تمتد لعقود طويلة.
١٠٠ مليار دولار عوائد محتملة
ما إن تمّ طرح الموضوع زراعة القنّب حتى سارعت الصحف التركية الى تبنيه، كما أسهب خبراء في دراسة القنب في شرح مزاياه المتعددة.
في مقابلة له مع وكالة الأناضول، قال رئيس معهد القنّب بمركز الدراسات الاستراتيجية الأوراسية (آسام)، إردم أولاس: «على مدى ٨ آلاف سنة من عمر البشرية كان للقنّب استخدامات متعددة، حيث وصفها السومريون بأنّها هبة من الله.
ووفقاً لأولاس، يمكن لتركيا أن تجني حوالي ١٠٠ مليار دولار من إنتاج القنّب في الفترة الممتدة حتى عام ٢٠٣٠، وحوالي ١.٧ مليار دولار مقابل تصدير كل ١٠٠ طن من زيت القنّب.
ومن هذا المنطلق، ينظر كثير من الخبراء الاقتصاديين الى القنّب كمصدر إضافي للدخل ولتوفير مئات الملايين من الدولارات سنوياً. في هذا السياق، تتصدّر المعركة ضد البلاستيك والحاجة الى الورق صدارة المشهد.
وتخوض تركيا مؤخراً حملة على الأكياس البلاستيكية، وفي حين كانت مثل هذه الأكياس تعطى مجاناً عند الشراء من المحال التجارية لبيع الخضروات والفواكه أو البقالات بشكل عام، أصبحت هذه الأكياس تباع مقابل مبلغ مالي يتحمّل تكلفته الزبون؛ أي المشتري.
أثارت هذه الحملة سخط الشارع، لكنها ركّزت في المقابل على مشكلة تعاني منها البلاد، فالمزيد من أكياس البلاستيك يعني المزيد التكاليف من دون عائد مالي، والمزيد من المواد غير القابلة للتحلّل أو التدوير، والمزيد من الإضرار بالبيئة والتي تستنزف ملايين الدولارات لمعالجتها من دون مردود.
وبعكس البلاستيك، تعاني تركيا من نقص حاد في الورق، فمعظم الورق المستخدم في البلاد، سواء لإنتاج الدفاتر أو لطباعة الكتب أو لغيرها من المستلزمات التي تتضمن الورق يتم استيراده من الخارج، وهذا يعني أنّ العاملين في هذا القطاع يعتمدون بشكل شبه كلي على الواردات الأجنبية، التي عادة ما تكون أيضاً بالعملة الأجنبية، فتكون النتيجة خضوع القطاع لمتغيّرين أساسيّين بشكل دائم: الورق وسعر العملة، علماً بأنّ واردات الورق المخصص لصناعة الكتب تكلّف سنوياً حوالي ٢٠٠ مليون دولار. ولذلك، هناك من يقترح استخدام القنّب في إنتاج الورق بدلاً من الأشجار، وإنتاج الاكياس بدلاً من البلاستيك.
مؤيّدو الفكرة يسارعون الآن الى أخذ زمام المبادرة وتبنّي الطرح المشار إليه. ونتيجة لذلك، أصبح موضوع زراعة القنّب يحظى بتغطية غير مسبوقة في وسائل الإعلام.
والي كيركلارلي، عثمان بلجين كان قد تعهّد بمباشرة حصد القنّب في ولايته بعد تصريحات الرئيس التركي التي تدعو الى زراعة مضبوطة للقنب بدلاً من استيراده، مشيراً الى انّ هناك حوالي ٢.٥ مليون نبتة قنّب تنمو لديهم بشكل طبيعي في المدينة وأنّهم لن يقوموا بحرقها بعد الآن، وإنما استخدامها بما يساهم في الاقتصاد المحلي.
وفي هذا السياق، من المنتظر ان يتم إعطاء وزارة الزراعة المزيد من الصلاحيات لدراسة كل ما يتعلق بزراعة القنب، حيث ستسعى السلطات الى إنتاج نوع محلي ووطني من القنّب بنوعية مقبولة للمواصفات التركية المطلوبة لتوظيفه في الاستخدامات الوطنية المختلفة.
إعلان
المصدر : الاناضول
إعلان
إعلان