“السلطان الأحمر”.. هكذا وصف بعض المؤرخين في العالم أحد أبرز سلاطين الدولة العثمانية، عبد الحميد الثاني، كما أن كثيرا من الصحفيين العرب ومؤلفي كتب التاريخ اتهموه زورا بالقتل والإجرام.
هؤلاء والتاريخ، لم ينصفوا “عبد الحميد” في كتاباتهم وأحكامهم التهجمية السلبية، لكن فئة قليلة من الباحثين، القارئين التاريخ بتمعن، والمتفحصين للوثائق الرسمية الموجودة في كتب ومراجع ضخمة تمكنوا من إستخراج “صك البراءة” للسلطان.
دور الصهيونية العالمية والقوى الدولية “في خلع السلطان عبد الحميد الثاني عن العرش” كتاب يستعد المؤرخ والمحاضر الجامعي الدكتور حسان حلاق لطباعته قريبا في لبنان.
هذا الكتاب يستند فيه “حلاق” لوثائق تاريخية تشرح كيف تآمر الصهاينة في تركيا، مع بعض العلمانيين والحركة الماسونية لخلع السلطان عبد الحميد عن عرشه ونجاحهم في ذلك.
ويشرح “حلاق” بالدلائل كيف بدأ المخطط لبناء دولة الصهاينة، فيقول، الكثير من المؤرخين العرب والمستشرقين “طعنوا بالدولة العثمانية وعدالتها، لا سيما في قضية فلسطين”.
وأضاف، “بدأت تجميع الوثائق والمحفوظات والمعلومات سنة 1975، والتي تؤكد تورط الصهاينة في إزاحة السلطان عبد الحميد عبر محاولة إقناعه بقبول مبالغ كبيرة تقدّر بخمسين مليون ليرة ذهبية من صهاينة العالم مقابل السماح لهم بدخول فلسطين”.
هذه العروض قدّمها الصحافي الصهيوني النمساوي تيودر هرتزل ( مؤسس الحركة الصهيونية) للسلطان العثماني الذي كان يقود الدولة العثمانية في حكمها لفلسطين آنذاك، لكن الأخير قابلها بطرد الأول ورفضها، بحسب “حلاّق”.
“مذكرات هرتزل” التي أتى فيها على ذكر عبد الحميد ووصفه بأنه أصعب سلطان عثماني يمكن رشوته –وفق ما قال هيرتزل- أكدت رفض عبد الحميد للمبالغ التي حاول الصهاينة تقديمها له.
وذكر “حلاق” في كتابه أن السلطان عبد الحميد بحسب ما نسب اليه انذاك عارض فكرة ظاهرة هجرة الصهاينة من الغرب حيث كانوا يصلون فلسطين بواسطة السفن مدعومين من الدول الإستعمارية البريطانية آنذاك.
هؤلاء كانوا يدّعون بأن مجيئهم إلى فلسطين يأتي في إطار زيارة الأراضي المقدسة (الخاصة بالديانة اليهودية)، لكنهم يبقون فيها، وهو ما تنبه إليه السلطان العثماني، وأطلق ما سُمّي وقتها بالبطاقة الحمراء.
وكانت هذه البطاقة تسمح لليهودي القادم لفلسطين بالمكوث فيها لمدة شهر كحد أقصى، وبناء على ذلك طلب من السلطات المعنية في الدولة العثمانية سحب جوازات سفرهم وإعادتها إليهم بعد انقضاء المدة والرجوع إلى بلادهم، بحسب “حلاق”.
وكشف المؤرخ العربي عن وثائق حصل عليها من مراجع بريطانية كبيرة، تؤكد دور الماسونية العالمية في التخلص من عبد الحميد، وكيف بدأت المؤامرات في سنة 1890 تزداد على السلطنة العثمانية بين قوى المعارضة الداخلية والخارجية.
“حلاق” كشف أيضا كيف أن المتآمرين على عبد الحميد (من معارضي الداخل) أخذوا فتوى شرعية تحت تهديد السلاح من مفتي الديار الإسلامية محمد ضياء الدين في العام 1909، للتخلص من حكم السلطان العثماني.
وأضاف أن “هؤلاء انتزعوا الفتوة المزعومة واستطاعوا خلع عبد الحميد بواسطة جيش كبير أحاط بقصر يلدز (مكان إقامة السلطان)، وتم نفيه بعد ذلك إلى جزيرة سالونيك اليونانية”.
وعن الكتاب، يقول “حلاق” إنه يقع ضمن 226 صفحة مقسّمة إلى أربعة فصول؛ الأول يحمل عنوان الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية من العام 1882 حتى 1908، فيما يتحدث الفصل الثاني عن السياسة الإسلامية والدولية للسلطان عبد الحميد الثاني.
والفصل الثالث يتناول موضوع الوفاق الصهيوني–الدولي–الماسوني–المحلي في ثورة 1908، فيما الأخير يكشف دور الصهاينة والماسونية في خلع السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1909
.
واعتمد “حلاق” في كتابه على عشرين مصدر عربي بين كتب ومراجع وصحف قديمة جداً، إلى جانب ثلاثة مراجع أجنبية منها؛ موسوعة بريطانية تكشف خفايا الماسونية و دور الصهيونية العالمية في إطاحة عبد الحميد، كما يتضمن الكتاب أكثر من خمسة وثلاثين وثيقة أجنبية رسمية.
الأناضول
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=29533