شهدت الليرة السورية خلال الأيام الأخيرة تراجعاً كبيراً مقابل الدولار الأمريكي، وكان هذا التراجع أكثر وضوحاً بمناطق سيطرة نظام الأسد عمّا هو عليه في الشمال السوري المُحرر، حتى بات فرق صرف الدولار شاسعاً بين المنطقتين، حيث وصل سعر صرف الدولار في دمشق إلى ما يُقارب الـ 500 ليرة سورية، في حين كان في إدلب بحدود الـ 485 ليرة سورية للدولار الواحد تقريباً، مما يعني ازدياد سعر صرف الدولار في دمشق أكثر من 50 ليرة خلال عدة أيام.
قرارات المصرف المركزي الفاشلة
وعن أسباب تدهور الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي مؤخراً، اتّهم عضو “مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق” (منار الجلاد) قرارات “المصرف المركزي” بأنها السبب الرئيسي لهذا التدهور، ووصفها بالقرارات الفاشلة.
وأوضح (الجلاد) أن آخر هذه القرارات كان قرار الطلب ممن اشترى القطع الأجنبي منذ 5 أعوام وأكثر مراجعة “المصرف المركزي” من أجل تقديم إجازات استيراد، وتقديم أوراقهم الثبوتية التي تُوضح كيف تمّ استخدام هذه المبالغ، مما اضطرّ الغالبية مؤخراً لشراء الدولار من السوق السوداء بكميات كبيرة من أجل حصولهم على إجازات الاستيراد التي غالبيتهم لم يشترها سابقاً.
إعلان
وهذا ما أكّده لأورينت نت تاجر العملة في دمشق (محمد الياسين) بقوله “بعد قرار المصرف المركزي بوجوب تقديم اجازات استيراد للتجّار والصناعيين الذين اشتروا كميات كبيرة من الدولار الأمريكي في بداية الأحداث الحالية، وبما أن أغلب هؤلاء التجار لم يستوردوا شيئاً حينها وإنما اشتروا الدولار للتجارة به أو لاستبداله بدل العملة السورية التي كانت تتدهور، لذلك قام هؤلاء التجار والصناعيين بشراء اجازات الاستيراد حالياً ودفع مبالغ مالية كبيرة جميعها بالعملة الصعبة. مما جعل العملة السورية تتدهور بشدّة”.
دوران عجلة الاقتصاد دون دعم الحكومة
بينما رأى خبراء اقتصاديون أن سبب التدهور للعملة السورية في مناطق سيطرة نظام الأسد يعود لعودة المصانع والشركات لعملها، وحاجتها للقطع الأجنبي لاستيراد معدّاتها وموادها الأولية، ولكن بدون دعم حكومة الأسد لهم بهذا القطع فيشتروه من السوق السوداء بأسعار عالية جداً.
إعلان
وبهذا السياق، يقول الصناعي (وليد سكر) لأورينت نت “بعد عودة أغلب المعامل والشركات العامة أو الخاصة للعمل، زاد الطلب على العملة الأجنبية وخاصة الدولار الأمريكي وبالتالي زاد الطلب وقلّ العرض مما رفع سعر الدولار مقابل الليرة بهذا الجنون”.
ويضيف (سكر) موضحاً سوء تعامل حكومة الأسد “لا نُطالب الحكومة بقروض طويلة الأمد وبالعملة الأجنبية مثل باقي الحكومات، ولكن بدل أن تدعم الحكومة هذه المعامل والشركات بالدولار الأمريكي أقل ما يُمكن حسب تسعيرة المصرف المركزي التي تقلّ بحوالي 70 ليرة عن تسعيرة السوق السوداء، قامت الحكومة بعكس ذلك فرفضت تقديم أي دعم حتى لشركاتها العامة، مما أجبرنا على تأمين الدولار من السوق السوداء ولو بفارق كبير في التصريف”.
إعلان
شركات الصرافة.. بين الايقاف والاستغلال
أصدر “المصرف المركزي” التابع لنظام الأسد قراراً بإيقاف عدد من شركات ومكاتب الصرافة ضمن مناطق سيطرته، وكان آخرها 7 شركات في دمشق جميعها مُرخصة.
وفي هذا الإطار، قال معاون وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة، الدكتور (عبد الحكيم المصري) لأورينت نت “نظام الأسد قام بإغلاق بعض شركات الصرافة في الآونة الأخيرة مما قّلل عرض الدولار بالسوق، وكذلك قام بمراقبتها مما جعل البعض يذهب للسوق السوداء لتصريف العملة، وبهذه السوق يكون هناك تفاوت كبير بين سعر الشراء والمبيع للدولار مقابل الليرة السورية”.
وأشار (المصري) إلى أن “مكاتب الصرافة تستغل أصحاب الحوالات من أهالي أو تجار بتسليمهم حوالاتهم بالليرة السورية بدلاً من العملة الأجنبية، بالإضافة لأجور الحوالة المرتفعة، وبعدها يضطر هؤلاء لشراء العملة الأجنبية من الصرّافين بأسعار مرتفعة مما يزيد الاستغلال أكثر”.
فتح المعابر الحدودية
رأى كثيرون أن فتح معبر نصيب الحدودي وبعض المعابر الأخرى مع العراق ولبنان سيُنعش الليرة السورية، وتزداد قيمتها مقابل الدولار الأمريكي بسبب الحركة التجارية عبر هذه المعابر، ولكن الأمر اختلف بعد فتح هذه المعابر.
ونوّه إلى ذلك، تاجر العملة (محمد الياسين) بقوله لأورينت نت “فتح المعابر لم يؤثر حتى اللحظة على العملة السورية بل ساءت قيمتها بعد فتح المراكز الحدودية وكل ذلك يعود لتصريف المُسافرين الوافدين داخل بلدانهم أو لإحضارهم عملة بلادهم وليس الدولار وبالتالي كأن شيئاً لم يكن. بالعكس فقد زاد ذلك ضخّ العملة السورية أكثر بالأسواق مما انعكس على سعرها وجعلها تتراجع مقابل الدولار الأمريكي”.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=76263