أثرت الحرب بشكل كبير على تعليم الأطفال السوريين، فقد تراجعت معدلات الالتحاق بالمدارس بشكل حاد، ليس فقط في سوريا ولكن أيضا بين الأطفال الذين لاذوا بالفرار. اتخذت كل من تركيا ولبنان والأردن خطوات هامة لضمان حصول الأطفال السوريين على التعليم، ولكن أكثر من 1.5 مليون لاجئ في سن الدراسة في هذه البلدان الثلاثة لم يحصلوا على أي تعليم رسمي العام الماضي.
قالت عائلات سورية لاجئة لـ “هيومن رايتس ووتش” إنها فرّت لحماية حياة أطفالها، ولكن مستقبل هؤلاء الأطفال بات في خطر. ارتفعت نسب الزواج المبكّر وعمل الأطفال بشكل حاد بين الأطفال السوريين اللاجئين، وكلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة، كلما تقلصت فرص عودتهم إليها والحصول على تعليم. نقص الفرص التعليمية من العوامل الأساسية التي تجعل اللاجئين السوريين يرغبون في الفرار إلى أوروبا.
التمويلات التي يقدمها المانحون في إطار الاستجابة للأزمة السورية كانت دوما أساسية لتمكين البلدان المضيفة من زيادة قدرة المدارس على الاستيعاب، وبناء المدارس وترميمها، وتوظيف المدرّسين وتدريبهم، وإعداد برامج موجهة للأطفال المنقطعين عن الدراسة.
في فبراير/شباط 2016، تعهد المانحون في مؤتمر في لندن بأكثر من 11 مليار دولار في شكل مساعدات تمتد على عدة سنوات لتحقيق أهداف مثل الوصول إلى نسبة التحاق كاملة في البلدان المضيفة للاجئين في 2017.
إعلان
ولكن المبالغ التي صُرفت مازالت على اليوم غير معلومة. ذكرت منظمة “عالمهم” (Theirworld)، منظمة غير حكومية تُركز على التعليم، في تقرير أصدرته في أغسطس/آب أن “أغلب المانحين لم يلتزموا حتى بأبسط معايير الشفافية”.
على المانحين الالتزام بتعهداتهم على وجه السرعة لتسهيل التخطيط الجيّد للعام الدراسي المقبل – وما بعده – وضمان التحاق الأطفال اللاجئين بالمدارس.
عليهم أيضا دعم الدول المضيفة لتُراجع السياسات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش والتي تمنع الأطفال من الالتحاق بالمدارس.[iv] الممارسات من قبيل اشتراط حصول اللاجئين على وثائق حكومية أو على وضع قانوني – دون تمكينهم من ذلك على أرض الواقع – تحرم اللاجئين الفقراء من العمل بشكل قانوني، وتقوّض حقهم في التعليم.
إعلان
إزالة الحواجز التي تعترض التعليم أمر بالغ الأهمية لمساعدة الأطفال اللاجئين على التعافي من آثار الحرب والتمتع بحقوقهم والمساهمة في الدول المضيفة، ومن ثم إعادة بناء سوريا. ولكن كل عام منذ بدء النزاع، يزداد عدد الأطفال السوريين خارج المدارس. عالميا، يوجد أكثر من 6.7 مليون لاجئ في المنفى بسبب أزمات نشبت منذ أكثر من 20 عاما، وهي فترة تتجاوز مرحلة الطفولة بأكملها.[v] تسعى قمة القادة حول اللاجئين التي ينظمها الرئيس أوباما في 20 سبتمبر/أيلول إلى التعهد بإلحاق مليون طفل لاجئ بالمدارس، ولكن عدد الأطفال اللاجئين المحرومين من الدراسة حول العالم يتجاوز 3.5 مليون.[vi] اعتمادا على بحوث مستفيضة أجرتها هيومن رايتس ووتش في تركيا ولبنان والأردن، تحدّد هذه الوثيقة الخطوات التي يتعين على المانحين والدول المضيفة اتباعها لإنقاذ جيل سوري من الضياع.
تركيا
إعلان
تسمح تركيا للأطفال السوريين بالالتحاق بالمدارس الحكومية مجانا، فضلا عن تخصيص وزارة التربية لـ “مراكز تعليم مؤقتة” تُوظف مدرّسين سوريين وتعتمد برامج سورية حكومية مُعدّلة. أفاد “صندوق الأمم المتحدة للطفولة” (اليونيسف) أنه تم إنشاء 7 مدارس جديدة في تركيا في 2015، وترميم 200 مدرسة أخرى، وتوظيف 8700 مدرّس سوري “متطوع”، فضلا عن حصول أكثر من 10 آلاف طفل سوري على مساعدات في خدمات النقل، ما أدى إلى ارتفاع عدد الأطفال الملتحقين بالمدارس بنسبة 30 بالمائة مقارنة بالسنة التي سبقتها.
رغم هذه الخطوات، قال وزير التربية في أبريل/نيسان إن عدد الأطفال السوريين اللاجئين الذين يحصلون على تعليم في المدارس الرسمية ومراكز التعليم لم يتجاوز 325 ألفا من أصل 756 ألفا في سن الدراسة.[viii] لكن في حقيقة الأمر ربما يكون عدد الأطفال الذين لا يحصلون على تعليم أعلى من ذلك، فالبيانات الخاصة بالتسجيل في تركيا تؤكد وجود أكثر من 930 ألف طفل سوري في سن 5-17 عاما، مع تراجع حاد في نسب التسجيل كلما تقدم الأطفال في العمر.[ix]
يسعى المسؤولون الأتراك إلى تسجيل جميع الأطفال السوريين قبل نهاية 2017، وهم مستمرون في العمل لتحقيق هذا الهدف.[x] تبدو الغاية طموحة، ولكنها قابلة للتحقق، فالعدد الإجمالي للأطفال السوريين في سن المدرسة لا يتجاوز 5 بالمائة من أصل 16.4 مليون طفل مسجل في المدارس الحكومية التركية (بحسب بيانات 2014-2015).[xi] على المانحين مساعدة تركيا على اتخاذ الخطوات التالية:
التأكد أن انعدام وثائق الهوية ليس حاجزا أمام التعليم
تنتهج تركيا سياسة سخية في مجال التسجيل، فهي لا تفرض على الأطفال السوريين اللاجئين إظهار الإقامة. ولكنها في المقابل تفرض عليهم استصدار بطاقات هوية من السلطات التركية. في 2015، كانت جميع العائلات السورية التي قابلتها هيومن رايتس ووتش تقريبا قد حصلت على هذه البطاقات دون صعوبات أو تأخيرات تُذكر. ولكن السلطات التركية اعتمدت في مارس/آذار 2016 إجراء “الفرز السابق للتسجيل”، فقالت العائلات السورية إنها صارت تنتظر فترات تتجاوز 6 أشهر للحصول على هذه البطاقات.[xii] كما رفض مديرو المدارس الحكومية في بعض المناطق السماح بتسجيل الأطفال السوريين، حتى وإن أظهروا بطاقات الهوية، وفرض الإداريون وثائق أخرى. على السلطات التركية:
معالجة التراكم الحاصل في طلبات بطاقات الهوية فورا. وفي الأثناء، السماح للسوريين بإظهار وثائق أخرى عوض الهوية للتسجيل بالمدارس.
تنفيذ السياسات التركية في مجال التعليم على المستوى المحلي.
معالجة العوامل غير المشجعة على التعليم وأسباب الانقطاع
بالنسبة لأغلب الأطفال السوريين الذين يلتحقون بمدارس تركية حكومية، وعددهم بلغ 75 ألفا العام الماضي، تعتبر لغة التدريس جديدة وغريبة عليهم، وفرص الدخول إلى برامج تعليم اللغة المكثفة محدودة. الأطفال المسجلون في مستويات أعلى، على وجه التحديد، قد لا يستطيعون فهم الدروس بالتركية، فينقطعون عن الدراسة. كما أن عددا كبيرا من الأطفال لا يستطيعون توفير مصاريف النقل المدرسي، وبعضهم يواجه التحرش والتمييز. انطلقت تركيا في معالجة بعض هذه المعوّقات، ولكن يتعين عليها فعل المزيد. على المانحين مساعدة تركيا على:
زيادة نسب التحاق الأطفال السوريين ببرامج الدعم اللغوي وبرامج التعلّم المكثف.
زيادة عدد المدرّسين السوريين “المتطوعين” الذين يحصلون على رواتب للتدريس في “مراكز التعليم المؤقتة” – على المدى القصير – والتخطيط لبلوغ الهدف الذي رسمته تركيا لإدماج جميع الطلاب السوريين في منظومة المدارس الحكومية التركية.
زيادة خدمات النقل المدرسي المدعّمة.
تقليص عمل الأطفال والانقطاع عن الدراسة بزيادة فرص عمل البالغين
إعلان
تركيا رائدة مقارنة ببقية البلدان المضيفة لأنها خصصت مسارا يُمكّن السوريين من الحصول على تصاريح عمل. ولكن عدد تصاريح العمل التي أتيحت على أرض الواقع تشمل أقل من 1 بالمائة من اللاجئين السوريين، لأن أصحاب العمل مطالبون بكفالتهم وبدفع حدّ أدنى من الأجر لهم.
إعلان
إعلان
كثيرا ما يضطر الأطفال السوريون إلى الانقطاع عن التعليم لتحسين دخل أسرهم، رغم أنهم يتقاضون أقل من البالغين السوريين.[xiv] تحسين وصول العمال السوريين إلى حماية في العمل من شأنه تخفيض النسب العالية لعمل الأطفال، بما في ذلك الأعمال الخطرة، بين الأسر السورية اللاجئة.
إعلان
على تركيا تعديل القوانين للسماح للاجئين بتقديم طلبات للحصول على تصاريح عمل بشكل مباشر، بدل اشتراط كفالة صاحب العمل.
على المانحين، بالعمل مع الحكومة التركية، النظر في إمكانية توسيع الدعم الموجه للأسر ولبرامج خلق الدخل لتخفيف الضغط على الأطفال السوريين كي لا ينقطعوا عن الدراسة من أجل العمل.
لبنان
يوجد في لبنان – الذي يُقدّر عدد سكانه بـ 4.5 مليون نسمة – مليون طالب لجوء سوري مسجّل، منهم 500 ألف طفل تقريبا في سن الدراسة، أكثر من مجموع الأطفال اللبنانيين المسجلين في المدارس الحكومية. بدعم من المانحين، خصصت السلطات اللبنانية العام الماضي 200 ألف مكان للأطفال السوريين في المدارس الحكومية المجانية، وفتحت فصولا في “الدوام الثاني” بعد الظهر في 238 مدرسة حكومية لزيادة فرص الالتحاق. ولكن عدد الأطفال السوريين الملتحقين بالمدارس الحكومية لم يتجاوز 158 ألفا، بينما التحق 87 ألفا آخرون بمدارس خاصة وشبه خاصة. بقي 250 ألف طفل سوري على الأقل خارج نظام التعليم الرسمي (أي خارج المدارس الحكومية أو الخاصة أو شبه الخاصة التي تعترف بها الحكومة)، 95 بالمائة منهم في سن المرحلة الثانوية.[xv] رسم لبنان هدفا لإلحاق 230 ألف طفل “غير لبناني” بالتعليم الرسمي و220 ألفا ببرامج التعليم غير الرسمي خلال العام الدراسي 2016-2017. على المانحين مساعدة لبنان على تحقيق هذه الخطوات لضمان حصول الأطفال السوريين على تعليم:
إعلان
الاعفاء من شروط الإقامة لتقليص عمل الأطفال وانقطاعهم عن الدراسة
في يناير/كانون الثاني 2015، فرض لبنان شروط إقامة جديدة على اللاجئين السوريين، بإلزام كل من هم في سن 15 أو أكبر بدفع رسوم سنوية لتجديد الإقامة قيمتها 200 دولار للشخص الواحد، وغير المسجلين لدى “مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” بإظهار كفالة صادرة عن كفيل لبناني للبقاء في البلاد بشكل قانوني. تشير التقديرات إلى أن ثلثي اللاجئين السوريين لم يتمكنوا من تجديد وضعهم القانوني، ما تسبب في انعكاسات سلبية على التحاق الأطفال بالتعليم.
سياسة لبنان السخية في مجال التعليم – المدعومة من المانحين – لا تفرض على الأطفال السوريين الحصول على إقامة للتسجيل بالمدارس. ولكن بعض مديري المدارس اشترطوا ذلك، إضافة إلى عدد من الوثائق الأخرى غير المفروضة بشكل رسمي والتي لا يستطيع الكثير من السوريين تحصيلها.
شروط الإقامة تتسبب أيضا في تفاقم فقر اللاجئين. يواجه اللاجئون غير الحاملين لإقامة سارية المفعول خطر الاعتقال، ما يحدّ من قدرتهم على السفر للبحث عن عمل غير رسمي. في 2015، كانت 70 بالمائة من الأسر السورية تعيش تحت خط الفقر المقدّر في لبنان بـ 3.84 دولار للشخص الواحد يوميا، و89 بالمائة منها لها ديون مستحقة. اللاجئون الفقراء لا يستطيعون أيضا توفير مصاريف النقل المدرسي أو يعتمدون على عمل الأطفال لتسديد حاجياتهم الأساسية، وكثيرا ما ينقطع الأطفال العاملون عن الدراسة ويواجهون خطر الاستغلال والاعتقال والعنف والعمل الخطير. كما يخشى الأولياء غير الحاملين لإقامة من الحاق أطفالهم بمدارس يتطلب الوصول إليها المرور بنقاط تفتيش.
على وزارة الداخلية والأمن العام إعفاء اللاجئين من شرطَيّ رسوم الإقامة والكفالة، وضمان حرية التنقل بشكل عاجل.
إلى حينها، على الوزارات اللبنانية ضمان تمكين الأطفال في سن 15 أو أكبر، والمتأثرين بشكل مباشر بفقدان الإقامة الشرعية، من التنقل والتسجيل بالمدارس.
على المانحين زيادة التمويل الموجه لدعم الأسر السورية فورا، بما يشمل العمل الضامن للدخل، ومساعدة اللاجئين على توفير مصاريف النقل المدرسي.
على وزارة التربية ضمان التزام جميع الإدارات المدرسية بسياسة التسجيل الرسمية، مع تمكين اللاجئين من التبليغ عن التجاوزات، ومحاسبة المتجاوزين.
معالجة العوامل غير المشجعة على التعليم وأسباب الانقطاع
بداية من الصف السابع، تعتمد المدارس الحكومية اللبنانية اللغة الإنغليزية أو الفرنسية لتدريس فصول الدوام الصباحي، وهي لغات غير معتادة بالنسبة للكثير من الأطفال السوريين. أما في الفترات المسائية، فيُفترض أن تُدرّس أغلب الفصول بالعربية، باستثناء العلوم والرياضيات التي تُدرّس بالإنغليزية أو الفرنسية، ولكن بعض المدرّسين يُدرّسون جميع هذه الفصول بهاتين اللغتين. لا توجد فترات تدريس بالعربية في المرحلة الثانوية. تحدثت العائلات عن عدم اكتراث المدرّسين، وعدم وجود كتب مدرسية في بعض المدارس.
وصفت عائلات سورية تفشي ظاهرة العقاب البدني من قبل المعلمين والإداريين وسائقي الحافلات في حق الأطفال، الذين لا تتجاوز أعمارهم أحيانا 5 سنوات. كما يواجه الأطفال التحرّش والتمييز والمضايقات في طريقهم إلى المدرسة وداخل الفصول دون تدخل كاف من قبل المعلمين والإداريين. في بعض الحالات، لم يسمح المعلمون لأطفال سوريين باستخدام دورات المياه في المدارس. ونتيجة لذلك كله، انقطع أطفال عن الدراسة أو أجبر بعض الأهالي على سحب أبنائهم من المدارس.
على وزارة التربية – بمساعدة المانحين – توفير برامج دعم لغوي، وخاصة للأطفال في سن المرحلة المتوسطة أو المرحلة الثانوية.
على الوزارة تنفيذ حظر العقاب البدني في المدارس الحكومية، ومحاسبة المعلمين المتورطين، وتعزيز آليات الحماية بما يضمن فتح تحقيقات سريعة في مزاعم العقاب البدني والمضايقة والتمييز، ومعالجتها.
على الوزارة – بدعم من المانحين – تحسين تدريب المعلمين، وزيادة توظيف المدرّسين السوريين المؤهلين.
توضيح دور المنظمات غير الحكومية في التعليم غير الرسمي
في الحالات التي تكون فيها المدارس الحكومية ممتلئة أو بعيدة، يعتمد الأطفال السوريون في الغالب على التعليم غير الرسمي. ولكن هذه البرامج تتميز باختلاف كبير في درجات الجودة، والكثير منها ليس فيها مسار يُفضي إلى التعليم الرسمي. في 2015، سحبت وزارة التربية الدعم الموجه للمدارس غير الرسمية التي تشرف عليها منظمات غير حكومية، وأمرت بإغلاق بعض المدارس غير الرسمية، وطلبت من مديري المدارس الحكومية التبليغ عن هذا النوع من المدارس في مناطقهم. اعتمدت الوزارة مؤخرا إطارا خاصا بالتعليم غير الرسمي للعام 2016-2017، ولكن الدور الذي ستلعبه المجموعات غير الحكومية في الوصول إلى الأطفال المنقطعين عن الدراسة يبقى غير واضح.
في انتظار إلحاق جميع الأطفال بالتعليم الرسمي، على الحكومة اللبنانية توضيح دور المجموعات غير الحكومية بشكل عاجل بصفتها شريكة في توفير التعليم، وتطبيق الإطار الخاص بالتعليم غير الرسمي للعام 2016.
الأردن
بلغ عدد الأطفال السوريين الذين لم يحصلوا على تعليم في السنة الدراسية الماضية في الأردن حوالي 80 ألفا، من أصل 225 ألفا في سن الدراسة. بموجب “عقد الأردن” الموقّع بين الأردن والمانحين في فبراير/شباط، تعهد المانحون بصرف 700 مليون دولار سنويا على امتداد 3 سنوات لمساعدة الأردن على استضافة اللاجئين السوريين، ثم تعهدوا في مايو/أيار بمبلغ إضافي قيمته 81.5 مليون دولار لتحسين الوصول إلى التعليم.[xvi] بموجب العقد، يهدف الأردن إلى تسجيل 50 ألف طفل سوري إضافي بالتعليم الرسمي في خريف 2016، وما يصل إلى 25 ألف طفل بين 8 و12 عاما ببرامج مكثفة معتمدة ستمكنهم في نهاية المطاف من الالتحاق بالمدارس الحكومية. زيادة التمويل الموجه لمساعدة الأردن على تنفيذ هذه الخطط من شأنه تحسين الوصول إلى التعليم بشكل كبير. على المانحين تنفيذ تعهداتهم بشكل عاجل، والعمل مع الأردن للاستمرار في توسيع الإصلاحات ومعالجة الحواجز الأخرى:
ضمان ألا يشكل انعدام الوثائق حاجزا أمام التعليم
يفرض الأردن على حوالي 520 ألف لاجئ يعيشون خارج مخيمات اللاجئين التسجيل لدى وزارة الداخلية للحصول على “وثائق الخدمة”. هذه الوثائق مطلوبة بشكل رسمي لحصول اللاجئين السوريين على الرعاية الطبية المدعّمة وتسجيل الأطفال في المدارس، وهي صالحة فقط في المنطقة التي تم فيها التسجيل.
بات آلاف اللاجئين – الذين غادروا مخيمات اللاجئين بعد أن تغيرت القوانين في يوليو/تموز 2014، وما يُقدّر بـ 30 إلى 40 بالمائة من الأطفال السوريين في الأردن ممن لا يحملون شهادات ميلاد – غير مؤهلين للحصول على وثائق الخدمة. إضافة إلى ذلك، فرض الأردن منذ فبراير/شباط 2015 على جميع السوريين في المجتمعات المحلية المضيفة الحصول على وثائق خدمة جديدة، ولكنه فرض شروطا صعبة لتحصيلها. حتى مطلع أبريل/نيسان 2016، مازال حوالي 200 ألف سوري لم يفعلوا ذلك. في خطوة إيجابية، أمرت وزارة التربية المدارس الحكومية بالسماح للأطفال السوريين الذين لا يحملون وثائق الخدمة بالتسجيل في الفصل الدراسي الأول (الخريف) في سبتمبر/أيلول 2016، ثم الحصول على الوثائق قبل نهاية الفصل.[xviii] وإن لم يتمكنوا من ذلك، فمن غير الواضح إن كان سيُسمح لهم بالتسجيل في الفصل الثاني (الربيع).
على الأردن الاستمرار في التعامل بمرونة لضمان عدم رفض تسجيل الأطفال السوريين الذين لم يستطيعوا الحصول على بطاقات خدمة أو شهادات ميلاد، والسماح لهم بتقديم وثائق هوية أخرى.
الاستمرار في تسهيل الحصول على تصاريح العمل، وإلغاء العقوبات غير المتناسبة
يعيش حوالي 86 بالمائة من اللاجئين السوريين تحت خط الفقر المقدّر في الأردن بـ 68 دينارا أردنيا (95 دولار) للشخص الواحد شهريا. خلُص تقييم للأمم المتحدة عام 2015 إلى أن 97 بالمائة من الأطفال السوريين في سن الدراسة في الأردن يواجهون خطر الانقطاع عن التعليم بسبب المصاعب المالية. حتى وقت قصير، كان من شبه المستحيل للاجئين السوريين الحصول على تصاريح عمل، وفرض الأردن عقوبات على كل من قبض عليهم وهم يعملون دون تصاريح. شملت هذه العقوبات الاعتقال والغرامات المالية والإعادة القسرية إلى مخيمات اللاجئين، وفي بعض الحالات الترحيل.[xix] يواجه الأطفال السوريون خطر الانقطاع عن الدراسة للبحث عن عمل عندما يتعرض معيلوهم إلى الاعتقال.
اتخذ الأردن سلسلة من الخطوات الإيجابية لتسهيل الحصول على تصاريح العمل. في فبراير/شباط 2016، تعهد الأردن بإصدار تصاريح لما يصل إلى 200 ألف سوري، ولكن هذه الخطط تتوقف على عوامل من بينها زيادة الاستثمار الأجنبي الخاص والصادرات إلى الأسواق الأوروبية.[xx] في أبريل/نيسان، سمح الأردن للسوريين بمهلة 3 أشهر للحصول على تصاريح عمل دون دفع أي رسوم، ثم مددها بثلاثة أشهر أخرى، ما سمح بإصدار أكثر من 20 ألف تصريح عمل والحدّ من عمليات اعتقال السوريين الذين يعملون بشكل غير قانوني ونقلهم إلى مخيمات اللاجئين.[xxi] رغم ذلك، مازال أغلب السوريين يفتقرون لتصاريح العمل لأن شروط تحصيلها تشمل الحصول على كفالة صاحب العمل، الذي ربما لا يكون راغبا في التوقيع على العقد أو الالتزام بالحد الأدنى للأجر. أما السوريون الذين لا يحملون وثائق خدمة، فهم غير مؤهلين لطلب تصاريح العمل.
على الأردن الاستمرار في تسهيل وصول السوريين إلى إجراءات الحماية وسوق العمل الرسمية.
على المانحين صرف الأموال التي تعهدوا بها على وجه السرعة لتحسين وصول السوريين إلى العمل، ووضع أهداف واضحة تتعلق بعمل السوريين.
على الأردن التخلي إلى الأبد عن السياسات التي تفرض عقوبات غير متناسبة على السوريين الذين يُقبض عليهم وهم يعملون دون تصاريح، والتحقيق في عمليات الترحيل غير القانونية المزعومة.
معالجة أسباب الانقطاع وتحسين الوصول إلى التعليم غير الرسمي والتعليم الثانوي يتسبب العقاب البدني في المدارس ومضايقات الأقران في تسرّب مئات الأطفال السوريين كل سنة.
قابلت هيومن رايتس ووتش أولياء سوريين قالوا إن أبناءهم لم يتعلموا شيئا في المدارس، ومدرّسين أردنيين لم يتلقوا أي تدريب وواجهوا فصولا فيها أكثر من 50 طالبا.
القوانين الأردنية السابقة للأزمة السورية تمنع جميع الأطفال الذين ينقطعون لأكثر من 3 سنوات من الالتحاق بالمدارس الحكومية. بدعم من المانحين، يخطط الأردن لوضع برنامج معتمد وغير رسمي في خريف 2016 موجه لحوالي 25 ألف سوري بين 8 و12 سنة ممن تنطبق عليهم “قاعدة الثلاث سنوات”. بالنسبة للأطفال في سن 13 أو أكبر، اعتمدت وزارة التربية منظمة غير حكومية لتقدّم لهم تعليما غير رسمي.
ورغم أن المانحين يساعدون هذه المنظمة على توسيع برنامجها، إلا أن الوصول إلى هذا البرنامج مازال محدودا، ولم يستفد منه سوى بضعة آلاف من الأطفال السوريين منذ بداية النزاع السوري.
يحتاج الأطفال الآخرون إلى دعم أكبر للحصول على تعليم، لأن الكثير منهم يواجهون ضغط العمل أو هم معرضون لخطر الزواج المبكر، وأمضوا سنوات خارج المدرسة.
من بين 25 ألف طفل سوري بين 16 و17 سنة في الأردن، لم يبلغ عدد الذين التحقوا بمدارس ثانوية العام الماضي 5400 طفل. لم تتوفر فرص كبيرة للأطفال والشباب للدخول إلى برامج التدريب التقني والمهني، ومازال الطلب على هذه البرامج ضئيلا لأن الأعمال المتاحة لا تحتاج إلى مهارات.
على وزارة التربية تفعيل حظر العقاب البدني في المدارس.
على الأردن – بدعم من المانحين – تحسين جودة تدريب المدرّسين، واستغلال مهارات المدرّسين السوريين المؤهلين.
على الأردن والمانحين الأجانب توسيع نطاق التعليم غير الرسمي للأطفال فوق 13 سنة، وتوسيع وصول الأطفال السوريين إلى التعليم الثانوي والتدريب المهني.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=15999