نعيم مصطفى / خاص تركيا بالعربي
إلى أين وصلت الدول العربية في انحطاطها وهبوطها وما تزال – وبكل فخر – تتابع مسيرة الانكسارات والانقلاب على دينها وقيمها ومبادئها وتراثها وأخلاقها.
إذا ما نظرنا إلى مناهجنا الدراسية فإننا نجدها تطفح بالحديث عن التاريخ المشترك والحاضر الممتد له بين الدول العربية، فالعوامل التي تجمعنا يحفظها صغيرنا وكبيرنا، وعلى رأسها وحدة العقيدة والدين، ثم وحدة اللغة ثم تشابه العادات والتقاليد الخ…ومن المفترض أن نشعر بشعور إخواننا العرب، ونتحسس آلامهم وآمالهم، شؤونهم وشجونهم، أفراحهم وأتراحهم.
فالنصوص الدينية التي تحس على التماسك والتعاضد والتعاون يحفظها أطفالنا وشبابنا وشيوخنا، لكن يبدو أن ثمة شرخاً كبيراً بين التطبيق والتنظير.
إعلان
فألسنتنا تلهج دائماً بإخوة الإسلام وواقعنا أبعد ما يكون عن ترجمة ما نؤمن به ونتفاخر بالانتماء إليه.
لا أظن أن هذه الأمة هي التي وصفها القرآن الكريم بأنها خير أمة، وأن أفراد هذه الأمة هم أخوة “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ” آل عمران 110″
” إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ” الحجرات 10
ولا أظن أنها امتثلت لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى” ويقول في حديث آخر” المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه…”
إعلان
فأي خذلان بعد هذا الخذلان الذي نراه من الشقيق الأردن وأي تسليم لعدو الأمة نراه أبين من هذا التسليم؟!!
لقد هجّرت العصابة الأسدية وإيران المحتلة وروسية المستعمرة، الشعب السوري من مدنه وقراه وبيوته، ففرّ لائذاً إلى حدود الشقيق الأردن، الذي تربطه مع الشعب الأردني رابطة الدم والرحم والإسلام والعروبة والجوار…وكل هذه المقومات لم تكن لتثني القيادة الأردنية عن قرارها بإقفال الحدود أمام المهجّرين اللاجئين وتركهم تحت رحمة الجوع والعطش والحر والقر والصواريخ والقنابل…
إعلان
أين المروءة وأين إغاثة الملهوف وأين استجارة المستجير…؟!!
إنها الثورة السورية – ونعمّت تلك الثورة – الكاشفة الفاضحة للعورات التي كانت تحاول التجمل والتمكيج ولوك الشعارات والخطابات المزيفة.
هل من المعقول أن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية (هيومن رايتس ووتش…) والدول الغربية التي ننعتها بالبراغماتية والبعد عن الإنسانية أن تناشد الأردن بأن يفتح حدوده أمام اللاجئين، والأردن يصم آذانه ويتجاهل ويرفض تلك النداءات بذرائع وحجج واهية ما أنزل الله بها من سلطان.
كم كنت أتمنى لو أن حدود سورية ليست متاخمة للعرب المسلمين المزيفين
– وأخص بالذكر الحكام والمسؤولين ومن كان على شاكلتهم – وإنما مجاورة للألمان والكنديين والبريطانيين…الإنسانيين الأخلاقيين.
لطالما أننا وصلنا إلى هذا الدرك، أعتقد يقيناً أن نهاية الحكام العرب قد باتت وشيكة، لأنهم أثبتوا أنهم ليسوا نبتة عربية ولا إسلامية وإنما نبتة غريبة عن المجتمع وعن الناس الذين يحكمونهم، وآن الأوان لبتر هذه النبتة وفتح الحدود بين العرب وتحقيق أمنيات الشعوب العربية في الوحدة والحرية والديمقراطية.
لأن الشعب الأردني – كبقية الشعوب العربية كافة – يتوق للحرية والديمقراطية والتحكم بصنع القرار، وهو غاضب ومحتقن ويغلي ويفور من تصرفات المسؤولين، وقد اخترق القوانين وتجاوز المحظور وانطلق لتقديم العون والمساعدة لإخوانه المهجرين.
لقد تحولت الأوطان العربية إلى غابات لا تصلح للحياة البشرية، وصدق الدكتور السباعي في توصيفه لذلك قائلاً:
عندما يمسك بالقلم جاهل
وبالبندقية مجرم
وبالسلطة خائن
يتحول الوطن إلى غابة لا تصلح لحياة البشر