تشتهر ولاية بورصة غربي تركيا بغناها بالآثار والأماكن الطبيعية، بفضل كونها العاصمة الأولى للدولة العثمانية (1299 ـ 1923).
ومن أبرز هذه الآثار مجمّعات السلاطين، وهي معالم سياحية باتت عالمية يقصدها السائحون من مختلف البلدان.
هذا الإقبال أسهم فيه وضع هذه المجمّعات على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
في عام 2014 ضمت “اليونسكو” موقعا تاريخيا في ولاية بورصة إلى هذه القائمة تحت اسم “بورصة وجماليقيزيق: مهد الإمبراطورية العثمانية”.
يتكون هذا الموقع من ستة أجزاء، هي: منطقة الخانات، وتضم مجمّع أورهان غازي وما ويحيط به، ومجمّع هوداونديغار (مراد الأول).
كما يضم الموقع مجمّع يلدريم (بيازيد الأول)، ومجمع يشيل (محمد الأول)، ومجمع مرادية (مراد الثاني)، ومنطقة جماليقيزيق.
تاريخيا، مثلت منطقة الخانات قلب التجارة النابض في بورصة، وهي الآن مركز مهم للبيع المجزأ في الولاية.
ومجمّعات السلاطين من أبرز المعالم التاريخية والأثرية في بورصة، وقد بنيت عقب فتح المدينة على أيدي العثمانيين سنة 1326 للميلاد.
وتحتوي المجمعات على جوامع، وحمامات، ومطاعم خيرية، ومدارس دينية، ومستشفيات.
وتحظى هذه المعالم التراثية بإقبال من السائحين الأتراك والأجانب، إذ كانت مجمعات السلاطين إحدى المحطات الرئيسية للسائحين الذين بلغ عددهم ثلاثة ملايين العام الماضي.
وبفضل أعمال الترميم، لا تزال مجمّعات السلاطين تحافظ على وجودها، وهي:
مجمّع أورهان غازي
تم إنشاؤه سنة 1339 من جانب السلطان العثماني أورهان بيك.
ويحوي هذا المجمّع جامعا، ومدرسة دينية، ومطعما، وحماما.
ويتميز المجمّع عن غيره بعدم احتوائه على مقابر للسلاطين.
مجمّع هوداونديغار
استمد اسمه من لقب السلطان العثماني مراد الأول.
وأنشئ هذا المجمّع بين عامي 1363 و1366 للميلاد على مكان مرتفع يتيح رؤية سهول بورصة آنذاك.
ويضم المجمّع جامعا من طابقين، ومطعما، ومدرسة دينية، وحماما، وقبر السلطان مراد الأول.
مجمّع يلدريم
شيد سنة 1390 للميلاد من جانب السلطان العثماني يلدريم بيازيد، ويبرز جوانب وتقنيات فن العمارة العثمانية.
وتجرى أعمال ترميم في هذا المجمّع الذي يشمل جامعا، ومدرسة، ومطعما، ومستشفى، ومطبخا، وحماما، وحظيرة.
ويعد قبر السلطان يلدريم بيازيد الموجود ضمن المجمّع، من أوائل قبور السلاطين العثمانيين التي تم إنشاؤها مضافا إليها رواق.
وفي عام 2001، تم ترميم مستشفى “دار الشفاء” في ذلك المجمّع، وهو أول مستشفى تم إنشاؤه في الدولة العثمانية.
المجمّع الأخضر (يشيل)
أنشئ من جانب تشلبي محمد، خامس سلاطين الدولة العثمانية.
ويضم جامعا، ومدرسة، ومطعما، وقبر السلطان، وحماما، وعددا من الخانات.
واستمد تسميته من الزخارف الخضراء على جدران المجمّع وجامعه ومقبرة السلطان.
مجمّع مرادية
شيد هذا المجمع بين عامي 1425 و1426 للميلاد بأمر من مراد الثاني، سادس السلاطين العثمانيين.
وهو من أكبر المجمعات من حيث احتضانها لمقابر السلاطين العثمانيين في بورصة، ويضم جامعا، مدرسة، حماما، دار الشفاء وقبر السلطان.
ويوصف بأن أرجاءه تجمع بين مشاعر الحياة والموت، والسعادة والحزن، والحلم والحقيقة.
وأضفى ذلك المجمّع اسمه على الحي الموجود فيه، ويتميز بأنه آخر مجمّع بناه سلاطين الدولة العثمانية في بورصة.
ويحوي قبور 40 شخصا من أفراد الأسرة العثمانية الحاكمة.
نموذج للعواصم العثمانية
قالت البروفسورة نسليهان دوست أوغلو، المديرة الإقليمية للمواقع الأثرية في بورصة لدى “يونسكو”، إن “موقع تركيا الجغرافي المميز جعل منها منطقة غنية بالآثار التاريخية والثقافية الثمينة”.
وأضافت دوست أوغلو، وهي عميدة كلية العمارة في جامعة كولتور بمدينة إسطنبول، أن” تركيا لم تحصل على نصيبها المستحق في قائمة التراث العالمي، رغم كثرة مواقعها الأثرية والتاريخية”.
وقالت إن “ما يميز بورصة عندما كانت العاصمة الأولى للدولة العثمانية، هي أنها كانت تشهد تطورا عمرانيا ومدنيا لم يكن في سواها من مدن العالم”.
وتابعت أن “بورصة شكلت نموذجا للعواصم العثمانية بعدها، مثل أدرنة (أقصى شمال غرب)، وإسطنبول (شمال غرب)، من حيث العمارة وإنشاء الخانات والمجمّعات السلطانية”.
وختمت بأنه “عند إضافة موقع أثري في بورصة إلى قائمة التراث العالمي فإنه يصبح عالميا، ولا يقتصر على الولاية فقط.. ومثل هذه الخطوات تؤدي إلى نمو السياحة في الولاية”.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=63377