محطات التواجد الروسي ..يُعزز التواجد الغربي

Alaa25 مارس 2017آخر تحديث :
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
أقدمت روسيا في الآونة الأخيرة على خطوات هامة، في صراعها مع القوى الأخرى،وحولت بوصلتها إلى التفكير في بسط نفوذها خارج حدودها الجغرافية، فاتجهت مطامعها في بادئ الأمر،إلى أوكرنيا ثم إلى سوريا ثم إلى المحطة القادمة التي نحن بصددها الآن” ليبيا”…..إلخ
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أن منطقة الشرق الاوسط منطقة نفوذ “خاصة” بهما، وعندما نشبت التوترات في المنطقة ، عمدت روسيا على إستثمار الحدث، بإلقاء نفسها داخل هذا الصراع الدائر ، أملا في تحقيق حلم الدولة السوفيتية القديمة،بالتفرد والسيطرة على المنطقة،كهذا علاقات الصراع.
وللحديث عن كيفية تعاطيها مع طبيعة الصرع بين القوى الحالية وتحركاتها،فكان لابد من معرفة مكاسبها التي تأمل في جنيها من خلال هذه التحركات في المنطقة.
*مكاسبها في المستنقع السوري
تسعى روسيا الآن إلى المُضي قُدماً بتسريع الخُطى نحو تسوية الأزمة السورية،بإشراك الجانب التركي وإجبار الجميع وعلى رأسهم إيران، ومليشياتها الطائفية، والنظام،والفصائل المعارضة بالجلوس للتفاوض لخلق مسار جديد،أملا منها في إنهاء الحرب الدائرة هناك ،وذلك للحيلولة بوضع اللبنة الأولى،لتحديد خريطة سوريا المستقبل،حسب مصالحها هي فقط في المنطقة، ولعلل السبب في هذه المسارعة،راجع إلى رغبتها الشديدة في ضمان الخروج من هذا المستنقع السوري بمكاسب “سياسية وعسكرية”بأقل تكلفة في الأرواح والمعدات،وأيضاً وحتى لا تكرر افغانستاناً أخرى.
أولاً: المكاسب السياسية
ومن المعلوم أن روسيا بسطت سياستها وسيادتها في سوريا على المجتمع الدولي باستعمال حق “الفيتو” من ناحية،وعلى جميع الأطراف المتنازعة بحكم تواجدها كأمر واقع جغرافياً وسياسيا في اللعبة من ناحية أخرى.
وإذا نظرنا إلى الأمرالآن،نجد أن روسيا تعتبر،المالك الوحيد لزمام المبادرة مع جميع أطراف النزاع في سوريا لإنهاء الصراع دون غيرها،وهي من قررت وقف إطلاق النار،حتى ولو لم يوقف،وهي من قررت المكان والزمان للجلوس على طاولة المفاوضات بدأ من “أستانة”ثم “جنيف”،…..إلخ
ثانياً: المكاسب العسكرية 
أما من حيث مكاسبها في الجانب العسكري، فإن غباء النظام وحليفته إيران، في العمل منذ البدية على استدعائها لدخول الأراضي السورية لمساندة النظام القمعي، دون أدنى مسؤلية،أعطاها ذلك الحق في أن تفرض نفسها على اللعبة سياسيا كما ذكرنا، وعسكرياً من خلال إنشاء قواعدها العسكرية على الأراضي السورية والسيطرة على سواحلها، الأمر الذي خولها ضمان الاستمرارية وقطع الطريق على الولايات المتحدة والغرب في هذه المنطقة.
*الجولة في سوريا كانت لصالح روسيا بلا شك 
تدخل الجميع،وعلى رأسهم ” روسيا، وأوروبا، وأمريكا،وحتى إيران ومليشياتها”، كحلفاء لأطراف النزاع السوري، كلٌ حسب مصالحه الخاصة في المنطقة،والطمع في السيطرة،ولكن حالف الحظ هذه المرة “روسيا”، فكانت الغلبة من نصيبها،سياسيا وعسكريا وحتى دبلوماسيا.
ولكن الامر لا يتوقف عند هذا الحد فالولايات المتحدة لن ترضى بهذا الوضع فعمدت على تكثيف تواجدها داخل المستنقع السوري تحت محاربة “داعش” في الرقة ومحاولة مراوغة تركيا” بدعمها التنظيمات المناهضة لتركيا “قوات حماية الشعب السوري” الذي يسيطر عليه تنظيمPKK”.
وكذلك “موسكو” تريد كسب صف هذه التنظيمات لصفها كي تقطع الطريق على “واشنطن” وتتخذهم كورقة ضغط لتراوغ بها تركيا بنفس الطريقة.
وللوقوف على الأسباب الجوهرية لذلك الإنتصار نجد أن له دلالات سأذكر منها الاتي:ـ 
التراجع الملحوظ من الجانب الغربي والأمريكي، بسبب التخبطات في السياسات الخارجية، في عهد إدارة الرئيس “أوباما” .
الإزذواجية في التعامل مع الحلفاء،وخسارة أمريكا حليفاً استراتيجيا مهماً في المنطقة كـ”تركيا”، بتحريك ودعم المنظمات التي تعدها الأخيرة كـ”منظمات إرهابية تهدد أمن واستقرار بلدها،على سبيل المثال منظمات “التنظيم الموازيFATU فتح الله غولن، ومنظمةPKK”في تركيا وزراعها “YPG ” في سوريا وغيرها من المنظمات الإرهابية…إلخ
كانت لهذه العوامل وغيرها سببا في بزوغ نجم “روسيا” في سوريا، بل وفي المنطقة، هذا ما دعاها أن تحقق رغاباتها في الإستيلاء والسيطرة على مواقع استيراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن كان هذا مجرد رغبة وحُلم ،أصبح الآن بإمكانها تحقيقهُ.
ومن خلال عرض هذه المُعطيات وغيرها،والتي كانت سبباً لدعوة الدول الأوربية بعد قرائتها لمشهد الصراع وما تنويه روسيا في المنطقة،إلى المسارعة لتواجد حل سياسي في “ليبيا”،لتقطع به الطريق على تواجد حليف أخركـ”روسيا” في”ليبيا” من جهة، والسعي الجاد لإنهاء الصراع الدخلي هناك، وضمان وجود حليف كـ”حكومة وفاق وطني” في ليبيا بدعم نسبي مشروط ،أملاً منها في إستقرار الأوضاع الليبية والحد معها من استمرارالهجرة إلى البلدان الأوروبية عبر السواحل الليبية.
الأمرالذي لم يتفق مع سياسات حفتر “الإستحواذية”، فاتجهت بوصلت الأخير إلى التحالف مع روسيا، الأمر الذي قابلته رغبة شديدة من الجانب الأخر “التوسعية”، فسارعت روسيا بدورها إلى عقد تحالف مع الجنيرال “خليفة حفتر”لضمان وجودها على الأراضي الليبية كنقطة استيراتيجية اخرى في منطقة الشرق الأوسط.
*المكاسب الروسية في المنطقة
بعد هزيمة أوروبا وأمريكا أمام السياسة الروسية في سوريا خلال الفترة الماضية ،عمدت الأخيرة على تعزيزعلاقاتها مع تركيا بعد استباقية الأخيرة لهذه المبادرة،من خلال تقريب وجهات النظر لإنتهاء الأزمة السورية الحالية، وذلك للحيلولة دون ارتفاع الفاتورة الباهظة من الخسائر المتتالية بسبب صمود المقاومة أمام النظام وحلفائه واستمرار الصراع الدائر منذ زمنٍ دون حسم عسكري يُذكر لإنهائه، ومن ناحية أخرى بتنشيط العلاقات الإقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين، على الرغم من تعمد محاولات الوقيعة بينهما ،في حادث “قتل السفير الروسي في أنقرة“.
* نقاط التواجد الروسي
الأمر الآخر يتمثل في استعادة روسيا سيطرتها على مياه البحر الأبيض المتوسط ،وبسط نفوذها من خلال إلتقاء نقاط تمركز في المنطقة.
النقطة الأولى: تتمثل في قواعدها العسكرية في سوريا ونفوذها على السواحل السورية المطلة على البحرالأبيض،وكما ذكرنا انها أصبحت أمراً واقعياً.
النقطة الثانية:هي الحيلولة في وجود قواعد عسكرية مثيلة على السواحل الليبية المطلة على البحر الأبيض، المنطقة التي يسيطر عليها الجنيرال “خليفة حفتر” شرق ليبيا، ناهيك عن إنتعاش تجارة السلاح الروسي وبيعه للأخير وغيره من دول الجوار مثل مصر.
بذلك أصبحت لروسيا في المنطقة “ترسانة عسكرية” لم تكن موجودة من قبل، فرضتها على المجتمع الدولي بالقوة، الأمر الذي بات يهدد معه المصالح الغربية والأمريكية في ذلك الدول المحتلة.
ولا ريب أن روسيا بالفعل اتجهت إلى نقطة إلتقاء “ثالثة”،أو كما اسميها المحطة التالية وهي”مصر”،لإنشاء قاعدة جوية في مدينة سيدي براني شمال غرب مصر، قرب ساحل البحر المتوسط،هذا ما أكدته المصادر الدبلوماسية والصحف روسية.
ونشرت صحيفة “سبوتنيك” الروسية أن صحيفة “ازفيستيا” الروسية نشرت، نقلا عن مصدر في الخارجية الروسية، ومقرب من وزارة الدفاع الروسية، إلى أنه تم التطرق أثناء المحادثات إلى أن القاعدة ستكون جاهزة للاستعمال بحلول عام 2019، في حال توصل الطرفان إلى اتفاق.
الأمر الذي أثار حفيظة “الغرب ” قام على إثره، بتعزيز التواجد العسكري لحلف شمال الأطلسي قرب الحدود الروسية،  الأمر الذي شعرت معه الأخيرة بالقلق.
وعلى نفس المنوال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية،قيامها بتكثيف تواجدها في سوريا أكثر من ذي قبل، وكذلك ارسال قوات إضافية الى العراق،للحد من تحركات القوات الروسية، والمضي قُدماً لاستعادة نفوذها في المنطقة من جديد.
بقلم محمد عويس
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.