تناول محللون وسياسيون أتراك، التراجع غير المسبوق لقيمة الليرة التركية، أمام العملات الأجنبية، موضحين الأسباب التي تقف وراء هذه الأزمة في العملة، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت لها علاقة بالانتخابات المقبلة أم إنها لأسباب اقتصادية بحتة.
وأثيرت مخاوف رسمية من أن الأزمة تأتي بسبب قرب الانتخابات المبكرة المزمعة في 24 حزيران/ يونيو المقبل، بهدف التأثير على نتائج الانتخابات.
ومع العد التنازلي للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، بدأت الليرة التركية بتراجع متسارع في قيمتها، أثر على السوق التركي المحلي، وامتعاض المواطن التركي.
عوامل سياسية
ودفع التراجع الحاد في قيمة الليرة التركية، بالناطق باسم الحكومة التركية، بكر بوزداغ، إلى الحديث عن تلاعب في الليرة التركية، مشيرا إلى أن “متلاعبين” وراء الأزمة، لم يحددهم.
وقال: “من يعتقد أنّ التلاعب بسعر صرف الليرة سيغير من نتائج الانتخابات المقبلة مخطئ، فالشعب كشف اللعبة، ومن يقف وراءها، ولن يسمح لأحد بالنيل من تركيا”.
وربط بوزداغ ما يحدث بمحاولة التأثير على الناخبين الأتراك “عبر سعر الدولار أمام الليرة التركية”، وقال: “نعرف قواعد الاقتصاد، ونؤكد أن اقتصادنا قوي”، في إشارة إلى أن تراجع الليرة ليست لعوامل أو أسباب اقتصادية.
من جهته، استبعد الناطق باسم الرئاسة التركية، ابراهيم قالن، أي علاقة اقتصادية، بانخفاض قيمة الليرة، مؤكدا أن “بنية الاقتصاد التركي قوية ومتينة”، وقال: “استطعنا تحقيق نمو وصل إلى 7.4 في المئة”.
ولفت إلى أن الاقتصاد التركي لو كان “هشا”، لانهار بعد محاولة الانقلاب التي جرت منتصف تموز/ يوليو 2016.
الأمر ذاته أكده محللون لـ”عربي21″، أشاروا إلى توقيت أزمة العملية بالتزامن مع قرب الانتخابات المبكرة، متحدثين عن “تدخلات دولية” للمحاولة على التأثير على نتائج الانتخابات.
من جانبه، أوضح الأكاديمي والمحلل السياسي سمير صالحة، بالاقتصاد التركي، أن غالبية الاستطلاعات تعطي أولوية في قرار الناخب التركي للانتخابات التي ستجرى، لموضوع الاقتصاد والأزمة المالية.
ولكنه أكد في حديثه لـ”عربي21″، أن تركيا تملك اقتصادا قويا، وأن أرقام الصادرات التركية في الربع الأول من العام الجاري واكبت زيادة بنسبة 30 في المئة، بالإضافة إلى عدم وجود أي مؤشر سلبي حول الواردات من الخارج، على الرغم من الخضات المالية التي تعيشها تركيا، التي تسببت حتى الآن بفقدان الليرة حوالي 20 في المئة من قيمتها.
تدخلات خارجية
وعن إلقاء الملامة على التدخلات الخارجية، اعتبر المحلل السياسي التركي، أوكتاي يلماز، أن الحديث عن ذلك منطقي، قائلا إن “هناك محاولة بالفعل من جهات دولية لزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد، للتأثير على نتائج الانتخابات”.
وقال أوكتاي في حديثه لـ”عربي21″، إن “جهات دولية لا تريد استمرار أردوغان بالحكم، بسبب مواقفه السياسية الدولية، مثل العلاقة مع إسرائيل”، مرجحا أن “لوبيات يهودية وراء هذا الأمر”.
وبالعودة إلى صالحة، فلم يستبعد دور الأزمة في العلاقات التركية الأمريكية، التي بدأت تنتقل إلى قضايا سياسية وأمنية، بالإضافة للتباينات بين الدولتين في الملف السوري، وخطط الحرب على الإرهاب، وتصنيف المنظمات “الإرهابية”، والتقارب التركي الروسي، والتركي الايراني.
وقال: “إن الأزمة لها دور كبير بما يحدث من تراجع الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي”.
التغلب على الأزمة
وأوضح صالحة، أنه في حال جاءت نتائج الانتخابات لصالح حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإنه سيتمكن من إزالة آثار الأزمة بأقل الخسائر والأضرار الاقتصادية والمالية والاجتماعية”، مستدركا بأن “ذلك يتطلب اتخاذ قرارات جذرية جديدة في التعامل مع ملفات داخلية وإقليمية كثيرة، بطابع سياسي واقتصادي”.
وسبق أن قال أردوغان إن بلاده ستتجاوز مشاكل الاقتصاد الحالية بعد الانتخابات فورا.
ولفت إلى أن التضارب والاختلاف في وجهات النظر بين النظام الحاكم، والسياسة التي يتبناها البنك المركزي التركي، حول مسألة مواجهة التضخم، ينبغي أن تصل إلى حل سريع، ومتطلبات ذلك ستكون وفق شكل النظام ما بعد الانتخابات.
ونوّه إلى أن أزمة الثقة المالية والاقتصادية قد تزداد تشابكا وتعقيدا، وتحتاج لخارطة حلول سريعة دون انتظار إلى ما بعد الانتخابات.
وأشار صالحة إلى أن تأثير انخفاض الليرة التركية أمام العملات الأجنبية على الاقتصاد التركي لا يزال محدودا، لوجود بنية اقتصادية قوية داعمة.
أما يلماز، فرأى أن تركيا بحاجة إلى وجود حكومة قوية بعد الانتخابات، تستطيع العمل على إيجاد استقرار سياسي واجتماعي، مشيرا إلى أن ذلك يؤثر على الاستقرار الاقتصادي.
استغلال المعارضة
أما في ما يتعلق بالمعارضة التركية، فأشار أوكتاي، إلى أنها تسعى لاستغلال الوضع الحالي لليرة لصالحها في حملاتها الانتخابية.
وسبق أن طالب محرم إينجه، مرشح الرئاسة عن حزب الشعوب الجمهوري المعارض، بطرد مستشاري أردوغان الاقتصاديين، ودعاه إلى عدم التدخل في سياسات البنك المركزي.
وهاجمت مرشحة الرئاسة عن حزب الخير، ورئيسته، ميرال أكشينار، الحكومة التركية، محملة الحكومة التركية مسؤولية الأزمة بسبب “عجرفتها”، نافية أن يكون انهيار الاقتصاد التركي بسبب التدخلات الخارجية.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=55025