“كيبيرا” ذات الشخصية العسكرية، مدينة تركية تحتوي أطول شريط زخرفي على جدرانها، ويضم مصارعين من التاريخ القديم في أرض الأناضول.
فالمدينة الأثرية القديمة الواقعة في ولاية بوردور جنوب غربي تركيا، تواصل جذب السياح ومحبي استكشاف التاريخ، لما تحتويه من قطع أثرية وفسيفسائية نادرة، تعود إلى العصور القديمة.
وتقع “كيبيرا” في قضاء “غول حصار” ببوردور، على ارتفاع ألف و350 متر عن سطح البحر، بين غابات العرعر والأرز، وقد بدأت في 2006 أعمال حفر وتنقيب أثرية في المدينة التي تعود إلى ما قبل ألفين و300 سنة.
وبحسب المصادر الأثرية، فإن “كيبيرا تحتوي أطول إفريز (شريط زخرفي على جدران) مصارعين، وذلك من خلال الأفاريز التي تضمها وحدة عسكرية مكونة من 30 ألف جندي مشاة وأكثر من ألفي فارس.
إعلان
وتضم “كيبيرا” لوحة الفسيفساء الشهيرة التي تصور “ميدوسا”، إحدى أشهر شخصيات الميثولوجيا الإغريقية، وحمامات رومانية، وغرفاً تحت الأرض.
وتحتوي المدينة ملعبا يتسع حوالي 10 آلاف شخص، وقد بني على الطراز المعماري الروماني والبيزنطي.
“شكري أوزودوغرو”، مدير مدينة “كيبيرا”، وعضو الهيئة التدريسية في قسم الآثار بجامعة “محمد عاكف أرصوي” التركية، قال إن أعمال التنقيب تظهر بأنها كانت عاصمة ومركزا صناعيا ضخما، إضافة إلى امتلاكها اقتصادا وجيشا كبيرين.
إعلان
وذكر خلال حديثه للأناضول، بأن “كيبيرا” كانت المدينة الوحيدة التي عقدت الإمبراطورية الرومانية، اتفاقية تحالف وصداقة معها في منطقة الأناضول، ما يدل على قوتها وندّيتها للإمبراطورية المذكورة، على حد قوله.
وأشار ” أوزودوغرو” إلى أن المدينة القديمة لم يتم إنشاؤها بشكل عشوائي، بل وفق مخطط معين عبر تجهيز بنيتها التحتية مسبقاً، وتحديد شوارعها الرئيسية وأزقتها.
إعلان
وأوضح أن جزءاً كبيراً من المدينة لا زالت قائمة حتى الآن، وبالأخص ملعبها الضخم، حيث لا يوجد في منطقة الأناضول ملعبا بهذا الحجم يعود للعصور القديمة، ولا يزال محافظاً على وجوده.
ومن بين الآثار القائمة حتى الآن، سوقها الكبير “أغوراس”، والمدرج المسرح الذي يتسع لـ9 آلاف شخص، ومنصة “أودويون” للحفلات الموسيقية، ومسرح آخر شتوي، ومبنى القضاء والبرلمان، وفقاً لما ذكره “أوزودوغرو”.
وحول ميزات المدينة القديمة، قال إن أعمال التنقيب تظهر بأن المدينة كانت مركزاً للصناعة والزراعة وتربية الحيوانات وبالأخص الخيول، فضلاً عن اشتغال سكانها بأعمال الحديد.
وأكد وجود 4 لغات كانت رائجة في المدينة، أبرزها “الليدية” التي بقيت مستخدمة حتى بعد زوال المملكة الليدية بـ 500 عام.
وفيما يتعلق بلوحة “ميدوسا” الفسيفسائية التي تعد أبرز معالم المدينة القديمة، قال “أوزودوغرو” إنها اكتشفت خلال أعمال التنقيب التي بدأت في 2009 وانتهت عام 2012.
وأوضح أن المدينة والمسرح نالا شهرة عالمية بعد اكتشاف لوحة “ميدوسا” الفسيفسائية.
وأفاد بأن لوحة “ميدوسا” ثعبانية الشعر والتي تزين قسم الأوركسترا من مسرح “أوديون”، تمتلك أهمية خاصة في الميثولوجيا الإغريقية.
وتابع: “فهي ابنة بورسيوس (إله البحر)، وقد كانت في البدء جميلة، غير أنها مارست الجنس مع بوسيدون في معبد أثينا فتحولت إلى امرأة بشعة وشعرها إلى ثعابين”.
واستطرد: “المسرح الذي يحتضن الأرضية الفسيفسائية تعرض لحرائق وزلازل وكوارث في العصور القديمة، ورغم ذلك يعتبر واحدا من أفضل المباني القديمة المحفوظة في تركيا.”
وأكد “أوزودوغرو” أن شخصية “ميدوسا” الأسطورية التي تعرضت للعقاب من قبل آلهة الميثولوجيا الإغريقية، كانت تحوّل كل من ينظر إلى عينيها بنية سيئة إلى حجر.
واعتبر أنه “لذلك يمكن اعتبارها تمثل الخرزة الزرقاء في الثقافة التركية التي تدفع الحسد أو النيات السيئة”.
وتتواصل المساعي في المدينة القديمة للانضمام إلى القائمة الدائمة للتراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”، بعد أن انضمت إلى قائمتها المؤقتة سنة 2016.
إعلان
وأعرب مدير المدينة القديمة، عن ثقته بأن “كيبيرا” ستنضم بأقرب وقت إلى القائمة الدائمة للتراث العالمي، لما تتوفر العديد من المعايير المطلوبة من قبل “يونسكو”.
إعلان
إعلان