قال كاتب ومنتج مسلسل “كوت العمارة”، محمد بوزداغ، إنه عندما فشلت بريطانيا في هزيمة الجيش العثماني في ساحات القتال، عملوا على إسقاطها من الداخل عبر الجواسيس، مبينا أن المسلسل المذكور يشرح حرب الجواسيس الدائرة في الشرق الأوسط.
جاء ذلك خلال تصريحات أدلى بها بوزداغ، لمراسل الأناضول بمناسبة الذكرى الـ 102 لانتصار الجيش العثماني على القوات البريطانية في معركة “كوت العمارة” المعروفة أيضًا بـ”حصار الكوت” جنوب شرقي العراق، إبان الحرب العالمية الأولى.
هذا وتعرض شاشة قناة “تي آر تي” الرسمية التركية، مساء كل يوم الخميس، مسلسل “كوت العمارة” من إنتاج وسيناريو محمد بوزداغ الذي حقق نجاحا باهرا من خلال إنتاج وكتابة سيناريو مسلسل “قيامة أرطغرل” الشهير.
واعتبر بوزداغ أن ما يضفي أهمية لانتصار الجيش العثماني في “كوت العمارة”، هو مجيئه عقب الهزيمة التي تعرضت لها الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى.
إعلان
وأشار إلى أن العثمانيين حققوا انتصارَين على البريطانيين خلال الحرب العالمية الأولى، انتصار جنق قلعة (غاليبولي) وكوت العمارة، مبينا أنه من خلال هاتين الملحمتين، استطاعت الدولة العثمانية إيقاف أطماع البريطانيين.
وتابع قائلا: “استطاعت فئة قليلة من العثمانيين في كوت العمارة، إلحاق أكبر هزيمة بالبريطانيين خلال تاريخهم، وكسرنا بذلك أسطورة استحالة هزيمة الإنكليز. الأمر الذي شكل أملا للشعوب الخاضعة لاستعمارهم.”
ولفت بوزداغ إلى أن انتصار كوت العمارة على يد جيش خليل باشا رغم قلة عددهم أمام الأعداء، بعث مشاعر النصر في نفوس أتباع الدولة العثمانية، كما نتج عنه انكسار وخيبة أمل لدى قوة بريطانيا العظمى، وضعف ثقة الإنكليز بأنفسهم.
إعلان
ونوه إلى أن الحروب ليست مقتصرة على ساحات القتال فقط، بل هناك بُعد استخباراتي واستراتيجي لها، مبينا أنه “عندما أدرك البريطانيون خلال الحرب العالمية الأولى، استحالة انتصارهم على العثمانيين في ساحات القتال، لجأوا إلى سياسة إسقاطها من الداخل عبر الجواسيس. وعقب انتصار كوت العمارة، بدأت العديد من القبائل الموالية لبريطانيا، بالثورة ضد الدولة العثمانية.”
وحول مسلسله الذي يحمل اسم الملحمة العثمانية نفسها، أوضح بوزداغ أنهم يعملون من خلاله على شرح حرب الجواسيس الدائرة آنذاك في الشرق الأوسط، لافتا إلى أن هذه الحرب مستمرة في يومنا هذا أيضا من حيث انتهت في الماضي.
إعلان
وأضاف أن المسلسل المذكور الذي يصفه بأنه “مشروع لكشف حرب الجواسيس”، يظهر كيفية زرع البريطانيين بذور الفتنة في الشرق الأوسط، وقصة الفرقة المستمرة حتى يومنا هذا بين شعوب المنطقة.
وفيما يخص عمله الفني الآخر “قيامة أرطغرل”، أوضح بوزداغ أن المسلسلان يكملان بعضهما البعض، وذلك أن “قيامة “أرطغرل” ينقل للمشاهد مراحل ولادة دولة جديدة، فيما يصور “كوت العمارة” إحدى أكبر انتصارات الدولة العثمانية التي كانت تستعد حينها للانسحاب من مسرح التاريخ.
ويعتقد بوزداغ بوجوب معرفة أسباب سقوط شهداء للدولة العثمانية في كوت العمارة، والعراق، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة.
كما تطرق إلى ما تشهده اليوم مناطق سيطرة الدولة العثمانية سابقا في الشرق الأوسط، من حروب ودماء وصراع على السلطة لا تكاد تنتهي، وأن العالم الإسلامي تعرض لهزائم وجروح كبيرة، داعيا إلى أخذ الدروس والعبر من الماضي، وتجنب الوقوع في الأخطاء نفسها.
وبحسب بوزداغ، فإن الأعمال الفنية التاريخية مثل “كوت العمارة” و”قيامة أرطغرل” و”عبد الحميد”، تساهم ولو بشيء يسير، في التذكير بتلك المراحل، إن أنه “في حال لم نقم بالتأمل في التاريخ وأحداثه، نخسر حاضرنا ومستقبلنا.”
واختتم بوزداغ بتوجيه الشكر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لدعمه الأعمال الفنية التاريخية الشبيهة بـ”كوت العمارة” و”قيامة أرطغرل” و “عبد الحميد”، التي يرى بأنها تحيي الذاكرة التاريخية للأمم وتساهم في استعادة أمجادها.
ويحتفل الشعب التركي يوم 29 أبريل/ نيسان من كل عام بإحياء ذكرى معركة كوت العمارة التي وقعت إبان الحرب العالمية الأولى، بين القوات العثمانية والبريطانية.
وتعتبر المعركة ثاني أكبر نصر للقوات العثمانية في تلك الحرب، بعد معركة جنق قلعة عام 1915، حيث انتهى الحصار باستسلام الجيش البريطاني بالكامل والبالغ عددهم 13 ألف جندي للقوات العثمانية.
ووفقا لوثائق عسكرية بأرشيف رئاسة الأركان التركية، فإن قائد الجيش العثماني آنذاك خليل باشا كتب عقب استسلام الجيش البريطاني يوم 29 نيسان/ أبريل 1916 أن “التاريخ سيواجه صعوبة في إيجاد كلمات لتسجيل هذا الحدث”.
وأعلن خليل باشا النصر في المعركة بهذه الجملة “إن ثبات العثمانيين كسر عناد الإنجليز، فكان النصر الأول في جنق قلعة، والثاني هنا”. فيما وصف المؤرخ البريطاني جيمس موريس معركة الكوت بأنها “الاستسلام الأكثر إذلالا في التاريخ العسكري البريطاني”.