من كشك صغير داخل مخيم الإصلاحية للاجئين، إلى شركة منافسة في سوق الاتصالات على مستوى تركيا.. رحلة نجاح محفوفة بالمصاعب والعقبات خاضها اللاجىء السوري الشاب “حسام الخطيب”، لتكون شركته التي أطلق عليها اسم “توركسل السورية”، بمصاف الشركات الناجحة في بلد يشهد منافسات كبيرة في مجال التجارة والخدمات.
ولم يقتصر عمل الشركة على المجال التجاري، بل عُنيت بتقديم خدمات مجانية للاجئين في مجالات حياتهم اليومية من حجز مواعيد المشافي وطباعة الهويات لزيارة المشافي وحجز مواعيد تحديث بيانات السوريين في عنتاب مجاناً وترتيب مواعيد زيارات اللاجئين إلى بلدهم الأم في أوقات المناسبات والأعياد.
وحافظت الشركة التي تقع في مدينة الإصلاحية بولاية عنتاب، خلال الأشهر الستة الماضية، على الترتيب الثاني على مستوى الولاية، ليتم تكريمها من خلال شركة “توركسل” التي تعمل كوكيلة لها في “غازي عنتاب” بمبلغ مالي وقطعتي ذهب تعبيراً منهم عن جودة عملها.
ولد “حسام فضل الخطيب” في مدينة كفر نبل عام 1984 وتخرج من قسم التاريخ في جامعة حلب عام 2007 وعمل في مجال الأجهزة التي تتعلق بالمخابر الطبية وأجهزة معالجة المياه، ثم أسّس بعد تخرجه نواة شركة صغيرة في مدينة حلب، وفي نهاية عام 2010 التحق بالخدمة الالزامية وانشق عام 2012 ولجأ إلى تركيا ليقيم في مخيم الاصلاحية، وبدأ بالتعليم في مدارس المخيم، ولم يكن يتقاضى راتباً فكان الحل أن يعمل في مجال التجارة-كما يروي لـ”اقتصاد”- مضيفاً أنه عمل في تجارة الجوالات وأكسسوارتها في أماكن صغيرة ضمن المخيم لتأمين احتياجاته اليومية وبعد أن بدأت أحوال الناس بالتحسن وانفتحت مجالات العمل بالنسبة للاجئين أنشأ الخطيب كشكاً صغيراً من الحديد والصفيح، وأضاف إليه بعض الخدمات مثل الحوالات المالية وخدمات الجوال وطباعة الأوراق لمساعدة طلاب المدارس في المخيم.
إعلان
وأردف محدثنا أنه خصص جزءاً من عائدات محله لسد بعض نفقات الفقراء الذين ليس لديهم معيل.
بعد ٤ أعوام قام الشاب القادم من ريف إدلب بتوسيع محله وحصل على ترخيص نقطة بيع ضمن المخيم لشركة “توركسل” التركية، وتطور العمل وأصبح يُعنى بحجز مواعيد للمرضى في المشافي لأهالي المخيم مجاناً إلى جانب خدماته السابقة.
وتعتبر شركة “توركسل” التي تم تأسيسها في شباط/فبراير 1994 أقوى شركة اتصالات تركية وثالث أكبر مشغل لخدمات الهاتف في أوروبا.
إعلان
وفي عام 2018 وبعد نجاحات مستمرة ضمن عمله كنقطة بيع لتوركسل قرر الخطيب التحضير لافتتاح اعتماد رسمي للشركة في مدينة الاصلاحية، وكانت خطوة كبيرة –كما يقول– ولكنها تحتاج لجهود جبارة بسبب شروط الاعتماد ووضع العمل بالنسبة له كسوري.
وأردف أن التحضير لاعتماد الشركة رسمياً استغرق أربعة أشهر، وتم الافتتاح في شباط من عام 2018 ضمن ظروف صعبة وإمكانيات متواضعة مقارنة بالشركات الأخرى، لافتاً إلى أن الأمر كان بمثابة تحد له كشاب سوري في دخول عالم الشركات التركية والمنافسة الكبيرة بإمكانيات متواضعة مع ضعف الخبرة بالقوانين الناظمة لعمل الشركات في تركيا.
إعلان
وبدأ عمل الشركة التي تقع في مدينة غازي عنتاب بثلاثة موظفين وكانت الانطلاقة جيدة مع آمال كبيرة بالنجاح، ورغم أن العمل والمردود كانا ضعيفين نسبياً في بداية الأمر ولكن العمل–كما يقول مدير الشركة- كان ضمن خطط معينة ومرسومة تفادياً للتعثر.
وبعد ثلاثة أشهر كانت التقارير الخاصة بشركة توركسل مفاجئة لهم، حيث أن العمل كان متقناً جداً وفاقت كمية البيع توقعات توركسل-كما يؤكد- مما حدا بمدير فرع الشركة “غازي عنتاب” لزيارة الشركة السورية والإطلاع على الواقع وتقديم ما أمكن من مساعدة لتحقيق المزيد من النجاح.
وتمكنت الشركة –كما يقول مؤسسها- من الحفاظ على الترتيب الثاني على مستوى ولاية عنتاب خلال ستة أشهر، علماً أن عمل الشركات التركية غالباً ما يكون ضعيفاً خلال الشهر الأول من كل عام وبشكل ملحوظ على كافة المستويات. غير أن الشركة-حسب قوله –حافظت على مستوى العمل بل ارتفعت مبيعاتها نسبياً، وذلك بسبب دقة الخطة التسويقية لدى القائمين عليها، مما دفع بشركة “توركسل” لتكريمها بمبلغ مالي وقطعتي ذهب تعبيراً منهم عن جودة عملها.
وتضم الشركة حالياً 7 موظفين بالإضافة إلى خبير صيانة ومحاسب لها. واستدرك محدثنا أن شركته أضافت خدمات مجانية للاجئين، ومنها حجز مواعيد للمرضى منهم في أي مشفى وحجز مواعيد لتحديث بيانات السوريين في عنتاب بشكل مجاني، مضيفاً أن الشركة تسعى حالياً لتأمين ترخيص ترجمان محلف لتخفيف الاعباء عن اللاجئين السوريين في ظل ارتفاع تكاليف الترجمة والنوتر، وجهل البعض بالأوراق المطلوبة، وكذلك تجهيز معاملات تسجيل البيوت، وتوثيق إقامة السوريين وتقديم الأوراق المطلوبة وتصويرها وتجهيز وكتابة أوراق الطلاب وإثبات أماكن دراستهم لتقديمها للبلدية وكل ذلك بشكل مجاني أيضاً.
ولم يخف محدثنا وجود صعوبات تواجه عمل الشركة رغم مرور عام على انطلاقها ولكنها تسعى لحلها، ومنها أن اللاجئين اعتادوا شراء خطوطهم بموجب الهوية خلال السنوات السابقة، ولكن الحكومة التركية قامت باستبدال وتحديث بيانات السوريين والغالبية قاموا مثلاً بتعديل تاريخ مواليدهم أو أي تفصيل سابق مما جعل غالبية الخطوط وكأنها غير نظامية، وهذا يدفع الزبائن للتساؤل دائماً عن عدم قدرتهم على التحكم بخطوطهم رغم أنها على هويتهم، وهذا يعود-حسب قوله-إلى جهل السوريين الغرباء بقوانين البلد وقوانين الشركات الخاصة التي يتعاملون معها على صعيد الخطوط والإيصالات.
محدثنا أشار إلى أن الكثير من السوريين لا يجيدون التواصل والتحدث باللغة التركية فتقوم الشركة بالاستعلام عن أي شيء يخصهم كمشاكل الاتصالات واحتياجات الناس مثل المشافي والمرور، والمساعدات والبلدية وسواها، وخصوصاً أن لدى الشركة-كما يقول- موظفون أتراك وتركمان يجيدون اللغتين العربية والتركية.
ونوّه المستثمر الشاب إلى أن أكثر القطاعات ربحية في تركيا هو قطاع التجارة داعياً المستثمرين السوريين إلى دخول السوق التركي وإثبات ذاتهم، ولكن عليهم –كما يقول-الانتباه لقوانين البلد وذلك لأن العقوبات رادعة جداً بخصوص قوانين العمل، وعليهم التعرف على كافة القوانين والضرائب حتى لا يقعوا ضحية الجهل بالقوانين.
واستدرك أن “تركيا بلد تعمل بالقوانين الالكترونية والحواسيب ولا مجال فيها للرشاوي أو مخالفة القانون أو التحايل عليه، وبذلك يكون كل أمر يسيراً وفق القانون ولا مجال لتجاوزه”.
المصدر: فارس الرفاعي – اقتصاد
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=90764