الشيءُ بالشيء يُذكرُ :
في العام 2012 خدمت في السفارة السورية في موسكو ، وفي أحد الأيام أبلغني السفير هناك بأنه علي أن أرافقه الى وزارة الخارجية الروسية لمقابلة السيد بوغدانوف معاون وزير الخارجية والمسؤول عن الملف السوري:
كان وجه بوغدانوف متجهماً ، وعلى غير عادة الدبلوماسيين لم تظهرعليه ابتسامة المجاملة ابداً ،وقال بصوت مرتفع: ( طلبت مني القيادة الروسية أن أبلغكم لكي تُبلّغوا قيادتكم بأننا غير راضين عن التدخل الايراني في كل مفاصل الدولة السورية ، واذا استمريتم في سماع نصائح قادة ايران ، فستصبحون قيادة بدون دولة وسيدمر الايرانيون سوريا وسيحتلونها كما احتلوا العراق ، ونحن لنا مصالحنا هناك ويجب أن نحميها . وعليكم أن تجلسوا مع المعارضة المُعتدلة قبل أن تحولها ايران الى معارضة مُتطرفة !!).
عدنا أنا والسفير من الاجتماع مُحبَطَيْن ..وكانت علامات القلق واضحة على السفير …سألني وهو اللواء القوي في الجيش والدبلوماسي الواثق من نفسه والذي يتقنُ اللغة الروسية أيضاً.
– ما رأيك ؟
قلتُ :
– الرأي والقرارُ لكم سعادة السفير …ولكن ما أعرفه خلال عملي في الفترة الماضية في السلك الدبلوماسي …أنّه علينا ابلاغ القيادة السورية عن طريق وزارة الخارجية وببرقية رمزية ..بمحضر الاجتماع!
نفخ وزفر زفرة قوية ونظر الي وقال :
– أتمنى أن لا يعترض الايرانيون البرقية اذا أرسلناها عن طريق الشيفرة …واذا تحدثتُ مع القيادة مباشرة بالهاتف …لا أعرفُ ان كان ذلك خطرٌ على المعلومات ..!!
قلتُ :
– وجهة نظري أن نرسل حقيبة دبلوماسية استثنائية ونضع الرسالة فيها ..ونكتب على الرسالة : مكتب السيد الرئيس ( سرّي للغاية ) ..!!
وفعلاً تم ارسال حقيبة دبلوماسية استثنائية ..ووضعت الرسالة ضمنها ..!!!
ولكن كل المعطيات التي جاءت بعد الرسالة تُثبتُ أنه تم اخفاء الرسالة ..من قبل عُملاء ايران في مركز القرار السوري ولم يُسمحْ لها الوصول الى غايتها !!!
وبعد فوز بوتين بالانتخابات الرئاسية وصل وفدٌ سوري رفيع المستوى بقيادة هشام القاضي حاجب الوزير وعضوية الوزير ونائب الوزير ومعاونه وعدد من مدراء الادارات في الخارجية السورية ، وفي حديث بين وزيري الخارجية المعلم ولافروف ، سأل الوزير السوري نظيره الروسي :
– هل تتوقعون سيادة الوزير ان تبقى أنت وزيراً للخارجية ؟
أجاب لافروف مخاطباً المُعلّم :
– نعم وأنتَ ايضاً ستبقى وزيراً للخارجية السورية طالما بقيت أنا وزيراً للخارجية، فالقيادة الروسية راضيةٌ عن آداءك ، بالاضافة الى أنّ أصدقاءنا الامريكيين راضون عن كل تصريحاتك الصحفية ، كما وأنّ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة والتي تربطك علاقات قوية معهم راضون عنك أيضاً .
فقال المُعلّم ُ:
– الحمدُ لله ، فقد كنتُ أخشى أن يجمدني السيد الرئيس ويصدرُ مرسوماً يعينني بموجبه نائباً له .!
بعد ذلك اللقاء عُدتُ الى السفارة وبدأت تصيبني حالة اكتئاب قوية ….اذ علمتُ أنّ قراراتنا لم تعُدْ ملكنا ..بل نحنُ أسرى دول أخرى …ولم أستطع التحدث بالموضوع حتى مع أقرب صديق لي كان في السفارة …وظليتُ على تلك الحالة الى أن ساعدني السفير بالنقل الى دولة أخرى!
من كتابي : ( أعرفُهُم عن قرب )!
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10216487285867802&set=a.10201693207105079&type=3
المصدر: سوشال
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=91115