تركيا بالعربي
أصدر “فرع القضاء والانضباط العسكري” التابع للقيادة العامة لـ”الجيش السوري” تعميمًا هو الأول من نوعه منذ بداية الثورة السورية بسحب البطاقات الأمنية الصادرة خارج “إدارة السجلات العسكرية”، وهدد بتحويل القادة الذين يصدرونها إلى القضاء.
وبحسب صحيفة عنب بلدي فان التعميم صدر اليوم، السبت 13 من نيسان، في يوم 28 من آذار الماضي، ووقع عليه وزير الدفاع في حكومة النظام السوري، العماد علي عبد الله أيوب، وتم توزيعه على كافة القطع العسكرية في سوريا.
وجاء في التعميم، الذي نشر في القطع العسكرية فقط، أن “القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة لاحظت من خلال المتابعة قيام بعض الوحدات والتشكيلات العسكرية واللجان الأمنية في المناطق بإصدار هويات عسكرية أو بطاقات أمنية للعسكريين الملتحقين بها”.
وطلبت القيادة العامة اعتبارًا من تاريخ التعميم سحب البطاقات من جميع العناصر الذين استلموها، ومنعت إصدارها مستقبلًا، على أن تعتمد الهوية العسكرية الصادرة عن إدارة السجلات العسكرية فقط.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي انتهت فيه العمليات العسكرية من جانب النظام السوري على الأرض، والتوجه إلى ضبط اللجان الأمنية والعسكرية التي تشكلت منذ مطلع عام 2011، وقاتلت إلى جانبه بصورة “قوات رديفة”.
شاهد: مسرحية فوز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية 2014
ومن شأن التعميم الحالي أن يسحب كافة البطاقات الأمنية التي أصدرتها التشكيلات المساندة لقوات الأسد، والتي برزت إلى الواجهة على شكل مجموعات مقاتلة لها مكاتب في معظم المناطق الخاضعة لسيطرته.
وطالب التعميم من كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية مصادرة البطاقات، وإجراء التحقيق وإحالة أسماء القادة مصدر البطاقات إلى “إدارة القوى البشرية” لفرض العقوبات اللازمة والإحالة إلى القضاء العسكري.
وتوجه بعض السوريين الموالين للنظام السوري، في السنوات الماضية، إلى استصدار بطاقة أمنية “لتسيير أمورهم”، بينما استخدمها آخرون لفرض أنفسهم كقياديين في ميليشات وبناء ممالكهم الأمنية في المناطق التي يقطنون بها.
وتصدر البطاقات عن عدة جهات في سلطات النظام، منها “المخابرات الجوية”، و”الدفاع الوطني”، و”الأمن الوطني”، و”الفرقة الرابعة”، والميليشيات التابعة لـ”حزب الله” اللبناني، بالإضافة إلى بطاقات تصدرها وزارة الخارجية وغيرها من جهات.
اقرأ أيضاً: تغيرات تعصف باستخبارات الأسد وتصيب بنية نظامه الأمنية
أحدث النظام السوري وفق ما أعلنه رسميا، تغييرات عسكرية وأمنية داخل أجهزته الأمنية، لا سيما في الاستخبارات العسكرية، لتكشف عن خلافات داخلية تعصف بنظام بشار الأسد، وفق ما ذهب إليه نشطاء ومراقبون.
وبحسب مواقع موالية، فإن قيادات بعض الأفرع الأمنية في النظام السوري شهدت تغييرات، شملت إقالة رئيس شعبة المخابرات العسكرية، اللواء محمد محلا، الذي يعد “من أبرز الضباط موالاة للمشروع الإيراني”، وتعيين اللواء كفاح ملحم بدلا عنه.
وإلى جانب ذلك، عزلت وسرحت روسيا العشرات من الضباط المحسوبين على إيران وعلى ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري بشار، الذي يقود الفرقة الرابعة.
وتقاطعت هذه التغييرات مع أنباء عن خلافات بين بشار الأسد وشقيقه ماهر، حول إدارة معالجة أزمة الصراع بين قادة الأجهزة الأمنية، “ما يعيد إلى الأذهان المشهد الذي ساد سوريا في ثمانينيات القرن الماضي، بعد صراع حافظ الأسد وشقيقه رفعت على قضايا متعلقة بتنازع الحكم”، وفق ما أفاد به موالون للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي.
يأتي ذلك، وسط أنباء تتحدث عن صراع بين ألكسندر زورين الضابط الروسي الرفيع مهندس اتفاقيات التسوية في الغوطة ودرعا وحلب، وبين اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، وخصوصا على تعيين الضباط في المراكز الحساسة، وفق ما أكده مصدر لـ”عربي21”.
وتجلى هذا الصراع في القتال الذي دار في سهل الغاب في ريف حماة بين الفرقة الرابعة المدعومة إيرانيا، والفيلق الخامس وفرق أخرى من جيش النظام محسوبة على روسيا.
ونجم عن ذلك القتال، إجبار الفرقة الرابعة على الانسحاب من المناطق القريبة من خطوط التماس مع المعارضة، وانتشار الفيلق الخامس مكانها.
من جهته، قال الباحث السياسي، الدكتور نصر فروان، في حديث لـ”عربي21″، إن النظام السوري الذي كان يدار بطريقة تشبه إدارة الدولة العميقة، شهد ما بعد الثورة تحولات سياسية وعسكرية، نتيجة لعوامل داخلية وخارجية في آن واحد.
وأوضح أنه نتيجة للحرب المعقدة ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية والتاريخية والدينية، تدخلت أطراف متعددة عربية وإقليمية ودولية بسوريا، وساهم هذا المناخ في خلق فئات جديدة تمتلك تأثيرا بفعل عوامل القوة مثل (رجال مخابرات، قادة ألوية وفرق عسكرية، رجال أعمال).
وبحسب فروان، فإن “قسما من هؤلاء، تحولوا إلى حكام فعليين في النظام السوري، أو بقايا النظام”.
وأشار إلى “اختلاف ولاء هذه الفئات، بين من هو محسوب على إيران، أو روسيا، في حين يرتبط بعضها بتكوينات اجتماعية داخلية (طائفية علوية)”.
وقال: “نتيجة لذلك، انشطرت الأجهزة الأمنية، والتشكيلات العسكرية، إلى قسمين، واحد لإيران وآخر لروسيا، إلى جانب وجود وكلاء لأجهزة مخابرات دولية أخرى”.
“خلاف” بشار وماهر
وبناء على ذلك، لا يقلل فروان من جدية الأنباء التي تتحدث عن خلاف بين بشار وشقيقه ماهر المدعوم من إيران ومن الطائفة العلوية، التي تخوض صراعا حادا وتعاني من انقسام نتيجة الخسائر الفادحة التي تكبدتها في الحرب، إلى جانب الخوف من المستقبل الضبابي، وفق قوله.
وأشار في هذا السياق، إلى تحركات داخلية على مستوى الطائفة العلوية، لوضع تصور لمستقبل الطائفة في ظل بقاء الأسد أو رحيله.
وكانت مصادر محلية، قد كشفت عن اجتماعات تعقدها شخصيات عسكرية مع وجهاء الطائفة العلوية، في كل من الساحل السوري وحماة (وسط البلاد)، دون مزيد من التفاصيل.
من جانبه، شكك الخبير والمحلل الاستراتيجي العسكري، العميد أحمد رحال، خلال حديثه لـ”عربي21″ في مصداقية الأنباء التي تتحدث عن صراع أو خلافات بين بشار الأسد وشقيقه ماهر.
وبشأن التغييرات التي طرأت، قال رحال إن “اللواء محمد محلا، الذي عُين مستشارا في القصر الجمهوري، بعد إقالته من رئاسة المخابرات العسكري، واللواء كفاح ملحم الذي عين مكانه، هما من الموالين لإيران، وهذا يعني أن التغييرات اعتيادية”، مخالفا بذلك القراءات التي تنظر إلى إقالة محلا على أنها استهداف مباشر لماهر الأسد.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=95968