بعد مراجعة الشاب (طه) وزوجته لمستشفى مدينة (مرسين) جنوب تركيا، لإجراء بعض الكشوف الطبية، وصلت إلى منزله برقية تطالبه بمراجعة قسم الشرطة (الكاراكون) لأسباب تتعلق بزواجه. حيث أبلغت إدارة المستشفى الجهات المختصة بعلاج لاجئة سوريّة بعمر الخامسة عشر، وهي متزوّجة وفق ما توضح البطاقة الشخصية (الكملك).
ووفق القانون المدني التركي فإنه لا يمكن لمن لم يكملوا سنّ السابعة عشر أن يتزوجوا، باستثناء بعض الحالات التي تقدّرها المحكمة المختصة وفقاً لبعض المعطيات.
يقول (طه) في حديث لـ(أورينت نت) إن زواجه جرى في سوريا قبل وصوله مؤخراً برفقة زوجته البالغة من العمر خمسة عشر عاماً ونصف، ولم يكن يعلم بأنّ هذا الزواج مخالف للقانون في تركيا، ويوضح أنّ الشرطة أبلغته بضرورة تحويله لمحكمة خاصة بهذه الأمور لإجراء الترتيبات اللازمة.
ووفقاً للقانون التركي، فإن الزواج قبل إتمام السابعة عشر عاماً يعتبر جرماً ويعرّض للسجّن من ستة أشهر إلى سنتين، وإذا ثبت أنّ الزوجة أُرغمت على الزواج وهي قاصر فإن العقوبة بالسجن تصل إلى 16 عاماً، ويستثني القانون من ذلك مَن أتمّ السادسة عشر عاماً في حال موافقة الوالد واكتمال البنية الجسدية.
(أحلام) سوريّة عمرها 15 عاماً تزوّجت من ابن عمّها في تركيا، وتسبب ذلك تدخّل الشرطة والعرض على محكمة مختصّة، إلّا أنّ الأمور “انتهت على خير” على حدّ وصفها.
وتوضح أنّ القاضي الذي تابع قضيتهم استمع إلى الزوج البالغ اثنان وعشرون عاماً، واستمع إلى حديث الأهل، واستند إلى شيوع هذا الزواج في سوريا، وحالة اللجوء التي يعيشها السوريون في تركيا، وبعد عدة جلسات لم يُصدر حكماً بالسجن عليهم، خصوصاً بعد فحوصات طبية للبنية الجسدية لها.
القانون واضح
وحول هذا الموضوع من الناحية القانونية أشار المحامي (محمد صطوف) إلى أنّ الزواج من قاصر أو تزويج الذكر القاصر، غير جائز قانونياً في تركيا، وهو أمر متعارف عليه ويعاقب عليه القانون بالسجن، حيث يعتبر القانون التركي أن ذلك يعدّ “استثماراً جنسياً” وتشمل العقوبة والد الأنثى والزوج وكاتب العقد (ديني أو تقليدي).
ويضيف (صطوف) في حديث لـ(أورينت نت): “يتعرّض الكثير من السوريين للمسائلة في هذا الجانب، نظراً لشيوع زواج القاصر منذ عشرات السنين في سوريا، وقبل نحو عام وصلت رسائل نصية إلى آلاف السوريين عبر الهاتف المحمول، تتحدث عن خضوع السوريين للقانون فيما يتعلّق بتحديد سنّ الزواج، نظراً لكثرة الحالات التي ترد إلى المستشفيات التركية للولادة، والتي غالباً ما كانت إدارة المستشفيات تتغاضى عن تدوين سنّ الزوجة في أوراق الدخول إلى المستشفى بغرض الولادة، إلّا أنّ الأمر أصبح مختلفاً تماماً.
وأشار (صطوف) إلى أنّ الحالات التي تستثنى من العقوبة هي الحالات التي يكون فيها موافقة ولي الأمر، ولمن أتمّ السادسة عشر واكتملت بنيته أو بنيتها الجسدية، وهي حالات نادرة.
(أحمد) لاجئ سوريّ متزوّج من قريبته البالغة من العمر 15 عاماً، يدفع مبالغ شهرية للعلاج في مستشفيات خاصة، تجنّباً للمسائلة في حال قصدَ مستشفى حكومي، وهو أمر يتّبعه الكثير من السوريين ممن تزوّجوا من قاصر.
يقول (أحمد): “أثناء التقدّم لطلب الحصول على بطاقة (كملك) لم يسأل الموظّف عن هذه الأمور، إنما فقط في المستشفيات يحصل ذلك، حيث تتصل المستشفى بالشرطة في حال ورود حالة مرضية أو ولادة لفتاة وهي قاصر، وهذا ما دفعني لزيارة مستشفى خاص رغم الكلفة المالية”.
توعية من المخاطر
ترى (وضحة عثمان) باحثة اجتماعية، أنّ نشر الوعي بخصوص زواج القاصر يجب أن يأخذ حيّزاً مهماً، خصوصاً مع حالة شبه الاستقرار التي يعيشها السوريون في تركيا.
وتضيف: “يجب إقامة ندوات لمنع هذه الظاهرة، التي تعتبر عرفاً اجتماعياً في سوريا، رغم وجود مادة في القانون السوري تمنع ذلك، لكنّ عدم المسائلة هي التي سمحت بانتشار هذه الظاهرة منذ عشرات السنين، كما أنّ على أهل الفتاة والشاب الوقوف في وجه هذه الظاهرة لما لها من مخاطر اجتماعية وصحيّة، قبل أن يكون لها عواقب قانونية”.
ويوضح (مصطفى أحمد) أستاذ الشريعة الإسلامية، أنه “وفقاً للشريعة الإسلامية فإن الزواج من قاصر لا يعتبر محرّماً، إلّا أنّه يخضع لضوابط معينة، تستند في غالبيتها إلى دراسة البنية الجسدية للفتاة على وجه الخصوص، وقبولها بالزواج”.
صحيّاً، يشير الطبيب (محمد نعمان) إلى أنّ لزواج القاصر مخاطر صحيّة عدّة، منها ما يظهر في فترة قريبة ومنها ما يظهر على المدى الطويل، “حيث يتسبب زواج القاصر باضطرابات في الدورة الشهرية، ويسبب هشاشة العظام وأمراض عدّة أهمها فقر الدم، وله تأثير على الأبناء أيضاً”.
المصدر: أورينت
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=93907