خاص تركيا بالعربي / محمود الجاف
الخزر : دولة حكمت من القرن السابع إلى الحادي عشر الميلادي . امتدت حدودها من بحيرة وان والبحر الأسود إلى كييف . ومن بحر آرال إلى المجر الشرقية . يرى بعض مؤرخي الإتحاد السوفيتي أنهم من السكان الأصليين لشمال القوقاز لأنهم ذكروا في السجلات باسم الإيجور البيض وفي المصادر المجرية باسم الإيجور السود . ويقول المؤرخ اليوناني تيوفان بأنهم من الأتراك القادمين من الشرق . ويرى ابن حوقل والإصطخري أن الاسم كان لدولة عاصمتها اتيل وليس لشعب .
بعد إسقاط الإمبراطورية الفارسية تحرك المُسلمون باتجاه القوقاز وبدأت المواجهات بينهم وبين الخزر وكان أول هجوم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عام 651-652 م بقيادة عبد الرحمن بن ربيعة الذي استولى على مدينة دربنت لكنهم استعادوها بعد ذلك وقتلوا حوالي 40 ألف جندي مسلم .
ونقلوا عاصمتهم إلى اتيل وتقدموا نحو الجنوب ودخلوا أرمينيا . ولم تستطع إمبراطورية بلغاريا الكبرى مواجهتهم وإعاقة تقدمهم فوصلوا إلى سهول نهر دنيبر وأغلقوا الطريق في وجه المُسلمين المُتقدمين إلى القوقاز واستولوا على القرم وسيطروا على منطقة بحر آزوف . وبعد استشهاد الخليفة عُثمان بن عفان وتولي سيدنا علي بن أبي طالب توقفت المُواجهات .
وفي عام 731 م هاجم حوالي 300 ألف مقاتل منطقة أذربيجان تحت قيادة بارجليم ابن خاقان الخزر الذي اقتحم مضيق داريل ( حاليا نقطة بين حدود جمهوريات أنغوشيا وأوسيتيا الشمالية وجورجيا) وعبر الران حتى وصل إلى إقليم أذربيجان شمال إيران الحالية وكان الوالي هو الجراح بن عبد الله الحكمي ومعه 25 ألف مُقاتل فقط .
لكنهُ قرر مُواجهتهُم في معركة غير مُتكافئة قرب أردبيل استمرت يومين أبيدت فيها القوات الإسلامية وفي اليوم الثالث استشهد الجراح وقطع القائد الخزري رأسهُ ورفعهُ على رُمح ودخلوا المدينة وقتلوا من فيها ثم انطلقت وحدات للقيام بغارات وصلت إلى مُحيط الموصل فتصدى لهم المُسلمون بقيادة سعيد بن عمرو الحرشي وأعادوهم إلى حدودهم مرة أخرى .
وفي عام 732-733 م عُين مروان بن محمد على ولاية أرمينيا وأذربيجان فحقق المسلمون الإنتصارات وحطموا جيش الخزر وطلب الخاقان السلام مُقابل الاحتفاظ بعرشه كما وعد باعتناق الإسلام ولكنهُ ارتد فيما بعد .
في كتابها دولة خزاريا المخفية قالت الكاتبة تاتيانا غراتشوفا المسئولة في قسم الأبحاث السياسيّة في أكاديمية العلوم العسكرية لقيادة الأركان العامّة في الجيش الروسي . والحائزة على شهادة الدكتوراه في العلوم العسكرية ولها العديد من الكتب والبحوث حول الأمن القوميّ وكيفية تطويره .
ذكرت : أن الأبحاث الجينية التي تم إجراؤها على كروموسومات واي الخاصة بيهود الأشكيناز عام 1999م أظهرت أن بنية الأحماض النووية للغالبية العظمى هي لليهود المتأصلين من بني إسرائيل وقلة قليلة لبنية الخزر . التي كان قد دخلها عدد من التجار اليهود الإيرانيين بزعامة الحاخام عبادي ونجحوا في إقناع حاكمها باعتناق اليهودية وإعلانها الدين الرسمي للبلاد بدل المسيحية والإسلام حتى لاتكون تبعيته للدولة العباسية في بغداد أو القيصر البيزنطي فاعتناق اليهودية سيبقيه مُستقلًّا دون تبعية لأحد .
لكن الحاخام رفض اعتناق جميع السكان لها وجعلها حكرًا على طبقة النبلاء من كبار التجار وقادة الجيش ووجهاء القوم وشكّلوا مجلسًا استشاريًا يتمتع بالسلطتين التشريعية والتنفيذية يرأسهُ أحدهُم ليتحوّل الخاقان إلى ألعوبة بأيديهم . لقد حكموا بطريقة وحشية لم يعرف التاريخ مثيلا لها وقمعوا بشدة ودموية أيّ ثورة مطالبة بالحدّ من هيمنتهم ومع الزمن أصبح المُجتمع يتألف من عدة طبقات :
الأولى : الطبقة الحاكمة من اليهود الإيرانيين الغرباء والخاقان الخزريّ وحاشيته . والثانية : من الذين ولدوا من أم يهودية إيرانية وأبٍ خزريٍّ وشكّلوا كبار ضباط الجيش وموظفي الدولة . أما الطبقة الثالثة : فهم من الذين ينتمون لأبٍ يهوديّ وأم خزرية واعتبروا يهودًا من الدرجة الثانية وعملوا كضبّاطٍ ميدانيين صغار وشغلوا الوظائف الحكومية المتواضعة .
أما الرابعة : فهم عامّة الشعب الخزري والمقيمون فيه من المُسلمين والمسيحيين الشرقيين والوثنيين . ويُؤكّد العالم السوفييتي غوميلوف أنهُم استطاعوا فرض سيطرتهم بتأجيج الخلافات الدينية والعرقية بين الطوائف .
لقد كان موقع خزاريا استراتيجيًا فهو الطريق الذي يصل الصين بآسيا الوسطى وسيبيريا بالشرق العربيّ الإسلاميّ من جهة وببيزنطة وأوروبا الشرقية من جهة أخرى الأمر الذي سهّل السيطرة على تجارة الحرير والفرو إذ كان حُكامها اليهود يجبون ضريبة المرور على كلّ قافلة تمرّ مُقابل حمايتها من هجمات القبائل التي كانت تعيش في المنطقة .
ولهذا استطاعوا جمع أموال طائلة والكثير من الذهب واستمرّ الوضع على هذا الحال حتى هاجمهُم الروس عام 965م بقيادة سفيتيسلاف ونهبو مدينة ايتيل وسبَوْا أهلها ليظهر اليهود بعد ذلك في أوروبا وبولونيا وهنغاريا ومنها إلى ألمانيا وسائر دول أوروبا الشرقية والوسطى . لكن اللافت للنظر أنّ يهود الطبقة الحاكمة اختفوا مع الكنوز التي جمعوها قبيل سقوطها . وحسب المراجع الروسية القديمة : عندما دخلوا عاصمة خزاريا لم يجدوا فيها أحدًا من حكامها أو شيئاً في الخزينة .
أما الطبقة الثانية من السكان فقد سمحت لهم إمكاناتهم المادية وثقافتهم أن يعيشوا في المجتمعات الأوروبية بعد اعتناقهم المسيحية ظاهريًا لأنهم كانوا بحاجة لهم ولأموالهم فيما لم تتمكن الطبقة الثالثة من الاندماج إمّا لرفض يهود الطبقة الثانية أو لأنّ الأوروبيين رفضوهم بسبب فقرهم وجهلهم وعدم الحاجة لهم ما أدى إلى عيشهم في كانتونات خاصة بهم وكانوا لايتزوجون إلا من بعضهم ولم يُسمح لهم بدخول المدن الأوروبية الكبرى وأقيمت بحقهم مذابح عدّة بعد أن ثارت الشعوب عليهم وتلك الطبقة بالتحديد هي التي عملت الحركة الصهيونية على تهجيرها إلى فلسطين ولذلك نجد معالم وجوههم تختلف عن اليهود الساميين وهم أشبه بالقوقازيين وبسكان حوض بحر قزوين كالداغستانيين والأذريين وغيرهم .
لقد أكدت الكاتبة على أن الطبقة الحاكمة غادرت خزاريا بأموالها مُعتمدة بذلك على مراجع تاريخيّة تؤكّد أنّهم انشاوا شركات هيمنت على التجارة في البحر المتوسط ثمّ انتقلوا إلى إسبانيا ودعموا الأمراء مادّيًا في حروبهم ضدّ المسلمين في الأندلس والبحّارة الإسبان والبرتغاليين في رحلاتهم البحرية .
وتؤكد أنَّهم كان لهم نفوذ سريّ واسع رغم المُحاكمات الدينية المرعبة التي جرت بحقّ المسلمين . وبعد وبزوغ فجر إنكلترا كدولة مُهيمنة على التجارة الدولية انتقلوا إليها وأسّسوا بنك إنكلترا المركزي الذي جمع فيه مُعظم احتياط العالم من الذهب وسيطروا عليه .
وفي أواسط القرن التاسع عشر ركّزوا نشاطهُم على الولايات المُتحدة ثمّ نقلوا أموالهم إليها أوائل القرن العشرين وأسّسوا الخزينة الفدرالية تحت إدارتهم وتؤكّد الكاتبة أنّ أيّ رئيس أميركي حاول إعادتها إلى يد الدولة اغتيل أو عُزِل عن الحكم ثم عملوا فيما بعد على تأسيس الحكومة العالمية السريّة التي تحكم العالم حاليًا .
وتشرح مُستندةً إلى وثائق تاريخية وملفّات رُفعت عنها السرية كيف عمل أحفاد حكّام خزاريا على تأسيس الحركة الصهيونية وكيف اشترَوا قادة الدول الكبرى حينها للموافقة على نقل اليهود من أوروبا إلى فلسطين وكيف تعاملت البنوك الدولية التابعة لها مع الفاشيين في ألمانيا وموّلت حملة هتلر الانتخابية وأوصلتهُ إلى الحكم عام 1933م وتذكر حقائق تؤكّد دفعهم الأموال ليقوموا بمجازر ضد اليهود (الذين ليسوا يهودًا حقيقيين بمفهومهم إنّما من أم خزرية وأب يهوديّ ) في أوروبا لإجبارهم على الهجرة ووثقت جميع تلك المعلومات بمصادر تاريخية مع أسماء الأشخاص الذين نسّقوا بين جميع الجهات .
وأكدت أنّ الولايات المُتحدة هي دولة خزاريا الثانية المخفيّة ويحكُمها أحفادهم سرًّا وتتعدد الأساليب التي يستخدموها حاليًا لإخضاع الحكومات التي ترفض أن تكون جزءًا من إمبراطوريتهم ودأبوا على إغرائها بمشاريع اقتصادية كبيرة تستوجب أموالًا طائلةً يمكن الحصول عليها من صندوق النقد الدولي التابع للخزينة الفدرالية الأميركية وهذا يعني تبعيتها الاقتصادية للولايات المُتحدة .
أمّا إذا رفضوا تلك العروض فتشنّ عليهم حملات إعلامية تتهمهُم بالدكتاتورية والفاشية لتفرض عليهم عقوبات اقتصادية وتزعزع الوضع الداخلي عن طريق تنظيم الثورات التي تُؤدي إلى اندلاع حُروب أهلية تمزّقها وتطيح بحكامها كما يجري في العالم العربي .
أو كما جرى في روسيا بداية القرن العشرين حيث عملت البنوك اليهودية الموجودة في بريطانيا وأمريكا على تمويل الأحزاب الروسيّة المعارضة للقيصر بهدف الإطاحة به وأدى في النهاية إلى نشوب حرب أهلية دمّرت البلاد وانهيار الإمبراطورية الروسية المنافس الأكبر لهم في حينها .
وفي حال لم تنجح في إحكام سيطرتها بتلك الوسائل فإنها تلجأ إلى تدمير المُجتمعات بنشر الدعارة والمُخدرات وتدمير الحضارات والعمل على محو الثقافة الوطنية حتى تنهار فكريًا وبالتالي تسهل السيطرة عليها وضمها إليهم كما حدث مع الاتحاد السوفييتي الذي لم يستطيعوا القضاء عليه عسكريًا ولا السيطرة عليه اقتصاديًا فدمروا مُجتمعه ما أدى إلى انهياره .
تنويه: المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي تركيا بالعربي
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=79986