يُعد اﻷرشيف العثماني من أكبر الأراشيف في العالم من حيث عدد الوثائق والمخطوطات في العالم، إذ يضم ما يزيد عن مئة وخمسين مليون وثيقة ومخطوطة.
وليسهل على الباحثين الاستفادة منها تقوم الحكومة التركية بجمعها والاعتناء بها وفرزها وتوثيقها وحوسبتها في عملية توثيقية ضخمة، بانتظار ترجمة وتحليل هذه الوثائق من قبل الباحثين.
يوجد الأرشيف العثماني في مقرّين: أحدهما في إسطنبول في منطقة كاغت هانة، ويعمل فيه 400 موظف. والثاني في أنقرة، ويضم 300 موظف. ويقوم الموظفون في كليهما بترميم وحماية الوثائق، وتبويبها وترجمتها من اللغة العثمانية إلى اللغة التركية، ﻹتاحتها للباحثين.
حفظ الوثائق إلكترونيا
إعلان
ومن أجل تيسير عمل الأساتذة والطلاب الباحثين في هذه الوثائق، بذل مجهود كبير، لترتيب هذه الوثائق وحفظها إلكترونيا. ولم يزد ما تم إنجازه منها عن 30 بالمئة، وما تزال عمليات التصنيف جارية على قدم وساق، ولكن قد يحتاج الفراغ منها إلى عدة سنوات نظرا لكثرة الوثائق ودقة العملية.
يضم الأرشيف العثماني ملايين الوثائق والمخطوطات التي تتناول تاريخ الدولة العثمانية منذ نشأتها في عام 1299، ويشمل جميع الدول التي حكمها العثمانيون، باﻹضافة إلى العلاقات الخارجية، والمراسلات الدبلوماسية، وغيرها من اﻷمور الداخلية الخاصة كالتعليم والصحة.
وللدول العربية ملايين الوثائق في الأرشيف، وقد قامت الحكومة التركية في عام 2015 بإطلاق مشروع لمراجعة ملايين الوثائق الخاصة بفلسطين، وعمل دراسات لجميع نواحي الحياة فيها، ثم ترجمتها وتبويبها وفرزها ثم نقلها إلى مختلف اللغات.
إعلان
وهذا المشروع من تنفيذ رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات القريبة التابعة له (YTB) بالتعاون مع المنتدى التركي الفلسطيني. ويهدف ﻹتاحة الفرصة للباحثين للاطلاع عليها وتسليط الضوء على مادة تاريخية ثرية بالمعلومات التي تخص فلسطين.
ويأتي باحثون من دول أوروبية ومن اليابان وغيرها من الدول، وهم متقنون للغة التركية الحديثة والعثمانية، ومدعومون ماديا من قبل الجهات التي أرسلتهم، ليطلعوا على هذه الوثائق. في حين يُعد الباحثون العرب على أصابع اليد الواحدة، وأغلبهم يأتي على نفقته الخاصة ليكابد غلاء المعيشة.
إعلان
وقد وفرت الحكومة التركية منحا دراسية لجميع المستويات من أجل دراسة اللغة التركية والبحث، لأن اللغة التركية أداة مهمة للولوج إلى عالم الوثائق، كما أنها أنشأت فروعًا لمعهد يونس إمرة في جميع أنحاء العالم لتعليم اللغة التركية مجانا.
وقامت الحكومة التركية بإدراج اللغة العثماتية كمادة إلزامية في مناهج مدارس اﻷئمة والخطباء ومدارس العلوم الاجتماعية، وكمادة اختيارية في مناهج المدارس الثانوية الأخرى.
خسارة وثائق من اﻷرشيف العثماني
في عام 1931، باعت الحكومة التركية كميات ضخمة من الوثائق اﻷرشيفية العثمانية إلى مصانع الورق في بلغاريا،لاستخدامها في تدوير نفايات الورق، وتم نقلها في عربات القطار.
ومنذ ذلك الوقت، تختزن المكتبة الوطنية في العاصمة البلغارية صوفيا كنوزا من الوثائق والمراجع والمخطوطات العثمانية النادرة.
تضم هذه المكتبة في بلغاريا ملايين الوثائق العثمانية، وبينها أكثر من 160 ألفا من السجلات، وألفا من الدفاتر العثمانية، وما يزيد عن مليون من الوثائق الفردية.
كما تضم ما لا يحصى من دفاتر اﻷوقاف من جميع ولايات الدولة العثمانية فيما بين القرنين الخامس عشر والعشرين. وتضم باﻹضافة إلى ذلك مخطوطات باللغات العربية والفارسية والتركية، كما تضم اﻷرشيف التاريخي البلغاري في المكتبة مقتنيات منزلية يعود معظمها إلى القرن التاسع عشر.
تعزيز أرشيف تركيا بـ250 ألف وثيقة عثمانية من البلقان
تعمل الدولة التركية على إعادة هذه الوثائق إلى موطنها، وبفضل مشروع اطلقته المديرية العامة للأرشيف، تعزّز ارشيف الدولة في تركيا بأكثر من 250 ألف نسخة عن وثائق عثمانية من مناطق مختلفة كانت تحت سلطة الدولة العثمانية أبرزها منطقة البلقان.
وأفاد المدير العام ﻷرشيف الدولة، البروفيسور “أوغوز أونال” لوكالة الأناضول بأن الدولة العثمانية كانت تمتلك عددا كبيرا من اﻷوراق والوثائق.
وقال أونال: “إن القسم اﻷكبر من الذاكرة العثمانية موجود في منطقة اﻷناضول وإسطنبول، ومحفوظ بمتحف اﻷرشيف العثماني، ولكن هناك أيضا أرشيف ووثائق في أوروبا التي كانت تحت سلطة الدولة العثمانية كمنطقة البلقان”.
وأشار إلى أنهم وبالتنسيق مع وكالة التعاون والتنسيق “تيكا”،اتخذوا خطوات هامة للغاية فيما يتعلق بجلب نسخ عن تلك الوثائق الموجودة في بلدان منطقة البلقان مع الحفاظ على الأصلية في تلك البلدان.
إعلان
وأضاف: “خلال العامين اﻷخيرين نقلنا أكثر من 250 ألف وثيقة عثمانية موجودة ببلدان منطقة البلقان إلى الوسط الرقمي، 130 ألف منها نقلت العام الماضي من مقدونيا، وهذا هام للغاية ﻷنه يحتوي تاريخنا”، لافتا إلى أن تلك الوثائق يمكن أن تكون سبيلا لدراسات هامة قد تكشف أمورا سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية كانت آنذاك.
إعلان
إعلان
وأعرب عن اعتقاده بإنهاء العمل على الوثائق الموجودة في ألبانيا بغضون عام ونصف العام، وقال: “سيتضح الرقم التقريبي للوثائق بعد الانتهاء، ولكن بحسب توقعاتنا هناك قرابة 500 ألف وثيقة في تيرانا”، مؤكدا أن هدفهم يتمثل في نقل اﻷرشيف العثماني إلى الوسط الرقمي وتصنيفه وفتحه للعموم.
إعلان
وبيّن أن مجال عملهم لا يقتصر على منطقة البلقان، وأضاف: “نقوم بجلب تلك الوثائق من العديد من البلدان المختلفة من الصين وحتى المغرب، وخاصة ألبانيا ومقدونيا، حيث أننا نقوم بتصويرها واحدة واحدة ونعزز أرشيفنا بها”، موضحا أن وجهتهم المقبلة تتمثل في البوسنة والهرسك وكرواتيا، وأنّهم سيبدؤون مشروعا العام الحالي بهذا الصدد بين البلدين.
المصدر: ترك برس