لم تكن عائلة «محمد الخطيب» تدري أن زيارة مستشفى ماريانلوند في مقاطعة يونشوبينغ في السويد ستكلفها حرمانها من طفلتيها إلى الأبد، فالحسرة التي تعيشها الأسرة اليوم وبعد مضي ما يقارب أسبوع على الحادثة لن تصفها الكلمات المكتوبة هنا في السطور.
يعيش محمد فؤاد الخطيب مع زوجته صفاء الموعد في السويد كلاجئين منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2015، بعدما وصلا إليها ككل اللاجئين السوريين والفلسطينيين بطريقة غير شرعية، وولدت لهما طفلة سمياها ألين، تبلغ اليوم سنة وثلاثة أشهر، بينما ولدت الأصغر منها شام في 6-5-2017، لكن شام منذ ولادتها بدت عليها أعراض غريبة فهي دائمة البكاء بشكل هستيري وترددت العائلة مراراً على الأطباء لفحصها إلا أن الجواب كان دائماً «الأمر طبيعي، الطفل جاء إلى عالم جديد، وهو بحاجة لوقت للتأقلم».
إلا أنه وبعد مرور ما يقارب شهر على ولادة الطفلة أحس الأبوان بأن ثمة حركة غير طبيعية بيد الطفلة فهي تميل أحياناً وإن أمسكها أحد منهما بكت بشكل جنوني، ما دفع الوالدين للشك بأن يكون ثمة خطأ طبي أثناء الولادة تسبب بحدوث شيء بيد الطفلة، ما دفعهما للمسارعة لفحصها في مستوصف المدينة، الذي حولها بدوره إلى الطبيب المختص، لكن الطبيب أكد أن الطفلة سليمة ولا تعاني من أي أذى، لكن الأبوين شددا على أنها تبكي بشكل هستيري وأصرا عليه بأن يفحص يدها، وأكد الطبيب أن الطفلة سليمة لكنه حولها إلى طبيب آخر في مشفى المدينة، وهنا بدأت القصة.
ذهبت العائلة إلى مشفى المدينة وأجريت الفحوصات اللازمة للطفلة، وتم استجواب العائلة «هل لمس أحد الطفلة بشكل خاطئ، هل وقعت؟»، إلا أن شيئاً لم يحدث من هذا، وأخبر الطبيب العائلة أن الطفلة ستبقى في المشفى لأنها بحاجة إلى رعاية خاصة.
يقول محمد فؤاد الخطيب والد الطفلة في حديث خاص لـ»القدس العربي»: «جاءت الممرضة، وأخبرتني أنها ستأخذ شام للغرفة الطبية، وألين إلى غرفة الألعاب لأن الطبيب بحاجة للحديث معنا، انتظرنا ما يقارب ساعتين لكن الطبيب لم يأتِ! ومن جاء هو «السوسيال» (مركز الرعاية الاجتماعية في أوروبا)، الذي أخبرنا أن يد الطفلة مكسورة ونحن سنحميها، ووجهوا لنا تهماً بإيذاء الطفلة جسدياً، هنا غضبت وارتفع صوتي الأمر الذي جعل المندوبين يقررون أخذ طفلتي الثانية خوفاً عليها منا، طالبت كثيراً برؤية ابنتيّ، أريد فقط أن أودعهما لكن توسلاتي باءت بالفشل، ووُضعنا في غرفة خاصة بأمر منهم، لتأتي بعد قليل سيارتا شرطة فتأخذ إحداهما زوجتي والأخرى أنا». فُصِلَ محمد عن زوجته واستجوبا للتحقيق، وبات كل منهما يسأل عن مصير الآخر والشرطة تتنكر لكل شيء، حتى دخل محمد إلى التحقيق وأول ما سمعه «أنتَ متهم بإيذاء طفلتك بشكل جسيم»!، غضب محمد غضباً شديداً، فكيف له أن يؤذي طفلته، ثم إن كان قد أذاها حقاً فلماذا يصر على متابعة وضعها طبياً، ووُجِهَتْ له أسئلة من قبل «كيف تعيشون؟ أين ينام الأطفال؟ هل تعرضت الطفلة للضرب؟ هل حملها أحد بشكل خاطئ؟ هل تشاجر أحد أمامها؟
يقول محمد: «أرى الدنيا من عيني ابنتيّ، كيف لي أن أؤذيهما، أنا حتى الآن لا أستوعب حقيقة ما حصل، كيف لهم أن ينتزعوا طفلة عمرها 40 يوماً من حضن والدتها، هل هذه الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يحدثوننا عنها».
أخذت الشرطة كل ما بحوزة الوالدين من أشياء شخصية كالجوالات وصارت تراقب فيها ما يصلهم من محادثات، كما أرسلت لجنة لتفتيش المنزل واستجوب عدد من أصدقاء العائلة الذين شهدوا جميعهم بحسن معاملة العائلة لأطفالها. بينما تقول صفاء والدة الطفلتين في حديث خاص لـ»القدس العربي»: «كان عمر شام عندما أخذوها أربعين يوماً أي أنها بالكاد بدأت تعرفني، هي الآن بحاجة لحضني لا شيء تتغذى عليه سوى جسدي، لا شيء في الحياة يصف أن تكون طفلة في هذا العمر بعيدة عن أمها، أنا عاجزة حتى عن البكاء، ليت ابنتي ألين تستطيع الكلام لتحدثت كم نحبها، أنا أسمع صوت ابنتي تنادي يومياً «بدي أمي». تم معاملة صفاء التي وضعت في زنزانة مكثت فيها ثلاثة أيام، بعنصرية شديدة، حيث أجبرت على خلع حجابها على اعتبار أنه مظهر ديني، ورفض السجان إعطاءها غطاءً لتقي نفسها شر البرد، غير آخذين بعين الاعتبار وضع السيدة من أنها نفساء. وبعدما خرجا من السجن ولم يثبت عليهما أي شيء، طلب المحقق منهما أن يوكلا محامياً، وأحيلت الطفلة إلى الطبيب الشرعي ولا زالت العائلة بانتظار التقرير الطبي، لكنها بعدها ذهبت إلى «السوسيال» وطلبت منه لقاء الطفلتين لكنه رفض مدعياً أنهما الآن عند عائلة سويدية تعتني بهما وتتولى أمرهما.
نُظمت وقفة لعرب وسويديين أمام «السوسيال» في 20/6/2017 للمطالبة بحق حضانة الأطفال وإعادتهما للوالدين وشارك بالوقفة ما يزيد عن 100 شخص ورفعت شعارات مثل «أريد طفلتيّ شام وألين» «أعيدوهما لي ، لن أعيش من دونهما» «كيف تأخذون طفلة رضيعة من أمها».
وعلى الرغم من أن فاجعة الأب ليست بقليلة إلا أنه يخشى على زوجته صفاء التي دخلت في حالة اكتئاب قد تقودها إلى أمراض أخرى، حيث يقول: «لا أعرف ماذا أفعل أنا أب فقد ابنتيه، لم تموتا ولم تضيعا بل أخذتا مني عنوة وغصباً، وأنا لا أستطيع فعل أي شيء، كما أنني زوج عاجز عن مواساة زوجتي في فجيعتها وأخشى عليها من أي مكروه قد يصيبها».
يخلو بيت عائلة الخطيب من ضحك لين وبكاء شام، وتتمنى العائلة أن تعود شام فتملأ البيت بكاء وصخباً على أن لا يحرما منها دقيقة واحدة.
المصدر: كلنا شركاء
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=19234
huosniمنذ 7 سنوات
طبعاً هذه أوربا