قالت مصادر إعلامية أن روسيا «عززت معسكرها الصغير قرب بلدة كفرجنة على طريق اعزاز- عفرين». وبث ناشطون كرد شريطا مصورا ينفي ما تم تداوله من شائعات بمغادرة المعسكر اظهر تمركز القوات الروسية فيه.
ويأتي هذا التعزيز بعد أيام من مغادرة قسم من القوة الروسية باتجاه مدينة حلب، حيث اعتبرت تلك المغادرة بمثابة اتفاق تركي روسي على إطلاق يد تركية في احدى عشر قرية عربية سيطرت عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية مع «جيش الثوار» في شباط (فبراير) 2016.
وكان «لواء المعتصم» فشل في المفاوضات الجارية مع «قوات سوريا الديمقراطية» من أجل انسحابها من تل رفعت وباقي القرى رغم الرغبة الأمريكية.
ومع قطع قوات النظام الطريق الواصل بين عفرين وحلب في منطقة نبل والزهراء يوم الخميس الماضي تسود المنطقة حالة من التوتر، لما اعتبر تفاهما سياسيا وعسكريا يجري بين تركيا وروسيا ومن خلفها النظام وإيران واتفاقا على ضرب الخاصرة الكردية الرخوة في كانتون عفرين.
وعسكرياً دفعت تركيا بعشرات الآليات والدبابات الى منطقة اعزاز وصولا الى مارع جنوباً، إضافة الى المحور المقابل لبلدة أطمة السورية قرب معبر باب الهوى. وبات معلوما أن هدف تركيا هو السيطرة على جبل الشيخ بركات، وإقامة قاعدة عسكرية فيه تمنع توسيع مناطق سيطرة الوحدات على الجبهة الجنوبية الساكنة بين الحدود الإدارية لمحافظة ادلب ومنطقة عفرين، خصوصاً أن تلك هي الطريق الوحيد امام حركة المدنيين وسيارت التجارة وصهاريج النفط القادمة من مناطق سيطرة تنظيم «داعش» بين الباسوطة ودارة عزة.
واقتصرت العمليات العسكرية للجيش التركي على قصف بعض مواقع «وحدات حماية الشعب» بالمدفعية والقذائف الصاروخية وتحليق طيران الاستطلاع التركي، من دون تسجيل أي قصف جوي أو توغل بري للمدرعات أو المشاة في عمق الجبهة الممتدة من منغ وكفر خاشر ومرعناز.
واكتفت القوات التركية باتخاد بعض القواعد المجاورة لفصائل الجبهة الشامية وباقي الفصائل المرابطة هناك وتدشيمها، وتركزت في عدة نقاط أهمها جبهتي جبرين وكفر كلبين.
تركيا التي تستشعر خطر «وحدات حماية الشعب» وتصنفها كمنظمة إرهابية تريد في هذه الخطوة تقليص نفوذ القوة الكردية وقطع ذراعها المتقدم جنوب بلدة مارع وصولا الى أبواب مدينة الباب شرقاً، وهي المنطقة التي تقدمت اليها الوحدات وجيش الثوار خلال فترة الحرب على تنظيم «الدولة».
ويبدو ان الهدف الثاني هو اغلاق بوابة الممر الكردي الى منطقة الساحل السوري، وهو حلم منظري حزب الاتحاد الديمقراطي وبعض الحالمين في قيام «روج افا» او غرب كرستان في المستقبل القريب.
وبدأ التهديد والحشد التركي الضاغط على قيادة الوحدات يؤتي أكله إذ ارتفعت أصوات مطالبة بانسحاب «الوحدات» من مناطق شرق عفرين وعدم زج المنطقة في صراع مع الجيش التركي سيكون المدنيون أول الخاسرين فيها. هذا وتضم عفرين نحو نصف مليون لاجئ غالبيتهم من مدينة حلب، بالإضافة الى الخسائر المحتملة لاقتصاد الحرب الذي انعكس بشكل جيد على المنطقة وناسها بسبب انتقال اعداد كبيرة من المعامل وورش التصنيع الحلبية اليها.
من جهة أخرى يستشعر الكثير من القيادات التركية أن تحالفا رباعياً يضم تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري بدأ يتشكل ضد حزب «الاتحاد الديمقراطي» وذراعه العسكري. فهذه القوى كلها يجمعها وإن بدرجات متفاوتة عداء للولايات المتحدة، وتريد أن تقوض نفوذهها من خلال الضغط على حلفائها. ويفاقم المسالة أن واشنطن ليس لديها عمليا حليف عربي قوي في سوريا، وهي التي أبعدت كل الشركاء العرب المحتملين وفضلت «وحدات حماية الشعب» على بقية الفصائل.
وتبرر واشنطن ذلك بأن «الوحدات» هي أكثر قوى عسكرية منضبطة في سوريا، وأنها لم تجد في الفصائل العربية انضباطا معقولاً، ناهيك عن رفض فصائل الجيش الحر قتال تنظيم «الدولة» مفضلة إما قتال الأسد أو قتالهما بالتوازي. ذلك طبعاً بالإضافة إلى ارتباط غالبية فصائل الجيش الحر بعلاقة ممتازة بتركيا وهو ما لا يريح واشنطن بطبيعة الحال.
لكن أمريكا لا يبدو أنها مهتمة كثيرا للتحرك التركي، فهي التي قدمت مقترح انسحاب «الوحدات» و»جيش الثوار» من البلدات الـ 11. وربما يكون رفض مطلبها هو بمثابة ضوء أخضر لتركيا لأخذها بالقوة. فالبنتاغون يركز عملياته على منطقة شرق الفرات وهو غير مكترث بمنطقة غرب الفرات أو عفرين، تاركاً لموسكو مهمة ترتيب المسائل بين الأطراف المتصارعة بما تراه مناسباً بعد انسحاب داعش من تلك المناطق، وتعقيدات الصراع بين الأطراف.
في المقابل فان التفاهم بين أنقرة وحليفها الروسي حول مصير تلك البلدات لم يكتمل بعد. فالأخيرة، غالباً، لا تمانع من تقدم فصائل درع الفرات إلى جوارها، بل على العكس ، قد يسهل ذلك عملية ضم حلفاء سوريين الى جيش النظام من أجل «محاربة الإرهاب» في شمال سوريا بشراكة تركية.
المصدر: القدس العربي
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=19021