تلتقي أهداف الاتحاد الأوروبي وتركيا حول السوريّين، على الأقل لجهة وقف تدفق اللاجئين نحو أوروبا. وهذا السبب الأهم برأي أستاذ اللغة العربية في جامعة غازي في أنقرة، محمد حقي صوتشين، الأمر الذي يشكل دافعاً لتمويل بعض المشاريع في تركيا من قبل الاتحاد الأوروبي.
ويكشف صوتشين لـ”العربي الجديد”، أنّه ساهم في العديد من المشاريع، من خلال تدريب مترجمين ومدرسين في ولايات غازي عنتاب ومرسين وأنقرة، مشيراً إلى أن عدد المدرسين الأتراك الذين يعرفون العربية، ولو بحدود مقبولة، قليل جداً، ما اضطر وزارة التعليم في بلاده إلى التعاقد مع المدرسين السوريين كمساعدين خلال تعليم السوريين اللغة التركية.
ويشير التركي المتخصّص في اللغة العربية إلى أن كثيراً من السوريين تميّزوا خلال وجودهم في تركيا، خصوصاً على صعيد التعليم واللغة.
في المقابل، ما زال مئات الآلاف غير قادرين على التكلم بالتركية أو كتابتها، ما يتنافى بطبيعة الحال مع أهداف الحكومة التركية، سواء لدمج السوريين في المجتمع التركي أو حتى زجهم في سوق العمل والتراجع التدريجي عن برامج المساعدات المباشرة.
وكان الاتحاد الأوروبي قد موّل أخيراً مشروعاً في أنقرة لتعليم الشباب السوري اللغة التركية والتعليم المهني.
وتكشف مصادر من العاصمة التركية لـ”العربي الجديد”، أن المشروع يستوعب نحو 7 آلاف سوري في أربع ولايات تركية هي أنقرة وقيصري وقونيا وبورصة، ويتجاوز شريحة الطلاب التي عادة ما تستهدف في مشاريع كهذه.
كما يهدف المشروع الذي تدعمه ألمانيا، بشكل خاص، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، إلى تعزيز اندماج السوريين في المجتمعات التي تستضيفهم.
وتبيّن أن الدعم الألماني والاهتمام بدمج السوريين في المجتمع التركي كان واضحاً خلال المشروع الأخير، وتجلى ذلك من خلال محاولات ممثل الحكومة الألمانية مانويل بولوس تذليل الصعوبات ودعم وشكر تركيا.
من جهته، يوضح مساعد وزير التعليم التركي ريها دينامتش، خلال افتتاح المشروع، أن 560 ألف طفل سوري يتلقون التعليم في المدارس التركية من أصل نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري تستقبلهم بلاده، لكن الكثير من السوريين لم يجيدوا التركية بعد، علماً أنه من الضروري “تعلّم اللغة قبل كل شيء من أجل الاندماج في أي مجتمع”.
ويشير إلى وجود نحو 500 ألف مولود سوري في تركيا، وهؤلاء سيستفيدون من التعليم في المستقبل، لأن نسبة الأطفال السوريين الذين يذهبون إلى المدارس في تركيا ممن هم في المرحلة الابتدائية بلغت 90 في المائة.
وقد وصلت قيمة المساعدات التي قدّمها الاتحاد الأوروبي إلى اللاجئين السوريين في تركيا إلى 2.22 مليار يورو، من أصل 5.5 مليارات يورو تعهّد الأوروبيون بتقديمها إلى اللاجئين السوريون عموماً في عام 2019، إلى جانب ثلاثة مليارات أخرى تعهّدوا بها في خلال قمّة بروكسل التي عُقدت في 18 مارس/ آذار من عام 2016.
ويشير التقرير السنوي الخاص ببرنامج المساعدات المالية للاجئين السوريين في تركيا، إلى انتهاء عملية تقييم مشاريع متنوعة مقترحة لدعم اللاجئين بقيمة 845 مليون يورو، لأن الميزانية العامة للبرنامج تبلغ ستة مليارات يورو، خصص منها 4.2 مليارات، وتم توقيع عقود بقيمة 3.45 مليارات، ووصل المبلغ الذي تم دفعه بالفعل إلى 2.22 مليار يورو.
لكن التخوف من إعادة تدفق اللاجئين من تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي، دفع القائمين على برنامج المساعدات لإعادة تمويل مشاريع وإن بأرقام بسيطة، بحسب مصادر خاصة تحدثت لـ”العربي الجديد”، خصوصاً بعد الاتهامات التركية المتكررة للاتحاد بالبطء في تقديم المساعدات للسوريين على أراضيها.
وتستمر محاولات الهجرة السرية من تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي. وأسفرت العمليات الأمنية من قبل السلطات التركية في إطار مكافحة هذه الهجرة عن ضبط 79 ألف مهاجر غير نظامي، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري.
وبحسب بيان أصدرته وزارة الداخلية التركية الشهر الماضي، فإن الإجراءات الأمنية لمكافحة الهجرة بحراً وبراً تحقق نتائج إيجابية. ووفقاً لبيانات المديرية العامة للهجرة بتركيا، شهدت الفترة من 1 يناير/ كانون الثاني حتى نهاية إبريل/ نيسان 2019، ضبط 79 ألفاً من المهاجرين غير النظاميين في تركيا، بينهم 32 ألفاً و942 أفغانياً، و11 ألفاً و691 باكستانياً، و6 آلاف و432 سورياً.
وتظهر تلك الأرقام أن عدد المهاجرين غير النظامين الذين ضبطوا في تركيا، شهد انخفاضاً بنسبة 2.44 في المائة، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
وانخفض عدد المهاجرين غير النظاميين الأفغان الذين ضبطوا في تركيا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري بنسبة 14 في المائة، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، في حين انخفض عددهم من السوريين الذين ضبطوا بنسبة 55 في المائة.
وتؤكد تركيا أنه بفضل الإجراءات الأمنية المكثفة، انخفض عدد المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى أوروبا بحراً انطلاقاً من تركيا في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، إلى 6 آلاف و864 مهاجراً، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، والتي وصل فيها هذا العدد إلى 8 آلاف و332 مهاجراً، لتصل نسبة الانخفاض إلى 17.6 في المائة.
وكانت بروكسل وأنقرة قد وقعتا قبل عامين، اتفاقية للحد من تدفق اللاجئين من السواحل التركية إلى الاتحاد الأوروبي.
وبحسب الاتفاقية، تلتزم تركيا باستقبال كل لاجئ وصل منذ 20 مارس/ آذار 2016 إلى اليونان.
في المقابل، يلتزم الاتحاد باستقبال لاجئ سوري قانوني بدلاً عن كل لاجئ تتم إعادته إلى تركيا، وتمويل مساعدات للاجئين الذين يعيشون في تركيا.
وبحسب مصادر تركية، تمت إعادة 1564 لاجئاً خلال العامين الماضيين، في حين تم قبول 12489 لاجئاً سورياً من تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي، وكانت حصة ألمانيا منهم 4313 شخصاً. وتهدّد تركيا بين الحين والآخر بإلغاء الاتفاقية على خلفية ما تقول إنه عدم دفع المبلغ المتفق عليه وعدم إلغاء الفيزا المفروضة على المواطنين الأتراك الراغبين بالسفر إلى الاتحاد الأوروبي.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=102986