احتفل العالم الإسلامي قبل أيام بعيد الأضحى المبارك، في ظل الأنباء المؤلمة التي تصل من إقليم أراكان والمنطقة الحدودية التي تفصل بين ميانمار وبنغلاديش. وكان حديث المجالس في زيارات العيد يدور حول الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المسلمون من أقلية الروهنغيا والمجازر التي يقوم بها جيش ميانمار والعصابات البوذية في قرى أراكان.
المؤسسات الخيرية التركية، سواء تلك التي تديرها منظمات المجتمع المدني أو الأخرى التابعة للحكومة، قامت بأعمال ذبح الأضاحي وتوزيع لحومها في دول مختلفة حول العالم. وإن كان العالم الإسلامي ينزف دما والمسلمون يتعرضون للقتل والتعذيب في المناطق الساخنة فإن هذه المساعدات الإنسانية تخفف على الأقل آلام الفقراء والمحتاجين، وتعزز التعاون والتضامن بين أبناء الأمة.
تركيا، حكومة وشعبا، تسعى إلى حل مشاكل المسلمين وإنهاء معاناتهم، وتقوم بما يمكن فعله في إطار قدراتها وإمكانياتها، وتمد يد العون إلى المظلومين والمستضعفين، كما ترفع صوتها للفت انتباه المجتمع الدولي إلى قضايا المسلمين العادلة والدفاع عنها في المحافل الدولية. وفي سبيل ذلك تواجه صعوبات عديدة وعراقيل توضع أمامها إلا أنها تركز على وصول المساعدات إلى المستحقين.
الحكومة التركية أرسلت قبل مدة سفينة محملة بالمساعدات إلى اليمن، إلا أن القوات الموالية للإمارات حاولت منع وصولها إلى ميناء عدن. ولما فشلت تلك القوات في هذه المهمة، قامت أبواق أبو ظبي ووسائل إعلامها بحملة تشويه ضد تركيا، مدَّعية بأن المساعدات التركية التي وصلت إلى عدن فاسدة وانتهت صلاحياتها قبل أشهر، إلا أن الصحفيين اليمنيين كشفوا أن ما ينشره المقربون من الإمارات حول المساعدات التركية لا أساس له من الصحة.
وفي قضية مسلمي أراكان، تسعى أنقرة، بكل ما تملك من قوة، إلى إنقاذ مسلمي الروهنغيا من الجرائم البشعة التي يرتكبها جيش ميانمار ورجال العصابات البوذية. وأجرى رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان مشاورات مع عدد من الزعماء حول هذه القضية، كما بحثها في اتصال هاتفي مع رئيسة الحكومة الميانمارية أونغ سان سوتشي، مشددا على أن “انتهاكات حقوق الإنسان المتصاعدة حيال مسلمي أراكان تبعث على القلق العميق في العالم بأسره، على رأسه الدول الإسلامية”.
المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، إبراهيم كالين، أعلن مساء الثلاثاء أن حكومة ميانمار سمحت لوكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” بالدخول إلى إقليم أراكان، كأول مؤسسة أجنبية تدخل المنطقة لتوزيع المساعدات، وأن تركيا ترسل ألف طن من المساعدات الإنسانية العاجلة في المرحلة الأولى، مشيرا إلى أن هذا القرار جاء بعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه أردوغان مع رئيسة الوزراء الميانمارية.
الجهود التركية لإنهاء معاناة المسلمين الروهنغيين تستمر في جميع الاتجاهات. ودعا وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بنغلاديش إلى فتح حدودها أمام مسلمي أراكان، مؤكدا أن تركيا ستتكفل بنفقاتهم كاملة. لأن إغلاق بنغلاديش حدودها أمام هؤلاء الهاربين من الإبادة الجماعية يزيد معاناتهم ويفاقم الأزمة.
المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، دنيا أسلم خان، أشادت بالمقترح التركي المتعلق بفتح بنغلاديش حدودها في مقابل تحمل أنقرة نفقات اللاجئين الروهنغيين، ووصفته بـــ”الإيجابي” و”المشجع”، كما دعت الدول الأخرى إلى اتخاذ خطوات مماثلة.
مساعدات تركيا وجهودها الإنسانية لإنقاذ مسلمي أراكان يقدرها جميع المنصفين في العالم، غير أن هناك من تزعجهم هذه الجهود المشرفة، على رأسهم أنصار أنظمة الثورة المضادة. ويقوم هؤلاء بحملة تشويه وتشكيك تستهدف كل ما تقوم به تركيا من جهود مختلفة لمد يد العون إلى المسلمين في أنحاء العالم، ولكن تركيا ليس لديها وقت للانشغال بهؤلاء، لأن المثل التركي يقول إنك لن تصل إلى هدفك إن وقفت في طريقك لرمي كل كلب نابح بالحجارة.
عربي21
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=25972