يثير سعي موسكو الحثيث لعقد ما يسمى بمؤتمر “الشعب السوري” الشهر المقبل بمشاركة أطراف معارضة في ظل استمرار جولات مفاوضات أستانة السورية تساؤلات هوية تلك المعارضة المتوقع وأهم ما ستبحثه هذه المنصة الجديدة في ظل محاولات إعادة تأهيل النظام .
وقال مصدر روسي مطلع اليوم إن مؤتمر “الشعب السوري” الذي حمل سابقا اسم “الشعوب” ربما يعقد منتصف الشهر المقبل في منتجع سوتشي على البحر الأسود مع وجود احتمالية أخرى لعقده في قاعدة حميميم العسكرية الروسية في اللاذقية.
وعرّج المصدر الروسي على الفئات المشاركة في المؤتمر وقال إنها ستشمل ممثلين عن النظام والبرلمان والمعارضة وجماعات كردية وتركمانية بالإضافة إلى رجال الدين.
وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع حديث رئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي فيكتور بونداريف عن توقعاته بالقضاء على “جميع الإرهابيين” في سوريا بحلول نهاية العام الجاري وإبقاء قوات كافية بسوريا لمنع وقوع أي صدامات جديدة.
قاديروف جديد
الكاتب السوري سعد وفائي قال إن ما يسمى بمؤتمر “الشعب السوري” محاولة روسية لـ”سحب” ملف سياسي هام من مفاوضات أستانة.
وأوضح وفائي لـ”عربي21″ ان الروس يصورون أن هذا المؤتمر سيكون جامعا وشاملا للمكونات السورية لكن الواقع يقول إن المشاركين “لن يكونوا أكثر من الكيانات والمعارضات التي اخترعها النظام وتسير في فلك موسكو وقيامه بتغيير الاسم لن يغير المضمون الذي أرادوه”.
وأوضح أن “المعارضات” التي يقربها النظام منه هي أقرب لأجهزة المخابرات من أجسام المعارضة التقليدية المعروفة مضيفا أنه “حتى المعارضة الحقيقية التي بقيت في دمشق لا يسمح لها بالمشاركة في أي اجتماعات والكثير منها زج به في السجون”.
ولفت وفائي إلى أن موسكو تبحث عن مرحلة إنتاج “قاديروف” جديد في بيئة جغرافية وسياسية مختلفة عن تلك التي في الشيشان مشددا على أنه إلى الآن “لم تجد روسيا ضالتها بقاديروف سوري من المعارضة الموالية لها على الساحة”.
وعلى صعيد الحل السياسي المنفرد من طرف روسيا قال الكاتب السوري إن موسكو “لن تنجح وحدها ما لم يكن هناك توافق دولي وإلا فإن الحل سيكون فاشلا وضمن إطار عسكري بعيدا عن حل سياسي بدولة ودستور جديد يرضي كافة الأطراف ووفقا للمفاهيم السياسية الدولية”.
وبشأن تزامن الدعوة لهذا المؤتمر في ظل انعقاد أستانة أوضح وفائي أن روسيا تريد تحجيم الأخير وحصره في ملف المطالبات بالإفراج عن المعتقلين مضيفا “كأن السوريين خرجوا في ثورة شعبية من أجل اعتقال الآلاف منهم ثم الجلوس للتفاوض مع النظام للإفراج عن المعتقلين”.
وتابع: “بعد التفاوض مع النظام على المعتقلين تعيد روسيا تأهيل النظام ويبقى من حق الأسد اعتقال السوريين”.
وشدد على أن مسار أستانة بالأصل “عسكري ويجب أن يبحث ملفات إعادة هيكلة الجيش والأمن وضم الفصائل المقاتلة إلى الجيش السوري وعلى الرغم من أهمية ملف المعتقلين فمكانه ليس أستانة”.
ورأى وفائي أن “روسيا تعمل على إطالة عمر النظام وإعادة تأهيلة عبر ابتكار عدة منصات ومؤتمرات سياسية”.
مسودة الدستور
من جانبه قال المعارض السوري ورئيس حركة الإصلاح والبناء أسامة الملوحي إن ما يسمى بمؤتمر الشعب السوري يشكل خطورة لأن موسكو تريد من خلاله مناقشة الدستور المقبل لسوريا.
وأشار الملوحي لـ”عربي21″ إلى أن الروس متعجلون لإيجاد شكل من أشكال الحلول في سوريا بعد تباطؤ مسار جنيف لذلك قاموا باختراع أستانة وعملوا على تفريغه من المضامين السياسية بل وحاولوا إقحام ملف الدستور منذ الجولة الأولى.
وأوضح أن الحديث عن مؤتمر الشعوب ليس جديدا بل سبق وورد ذكره في مذكرة الدستور التي سربت قبل أكثر من عام وتضمنت إلغاء العديد من أسس الدستور الحالي للجمهورية العربية السورية.
وقال الملوحي إن الروس يريدون صياغة مسودة للدستور خلال الفترة المقبلة عبر لجنة مشرفة تعرض ما تتوصل إليه على الدول روسيا وتركيا وإيران ثم يعرض على مؤتمر الشعوب لإقراره.
وبشأن توجه الروس لعقد عدة مؤتمرات تتعلق بالوضع في سوريا لفت الملوحي إلى أن الروس “يلجأون لهذا الأسلوب أينما يجدون مصلحة بذلك” مضيفا “اجتماعات القاهرة حققت للروس نتائج كبيرة بشان الوضع في حمص وريفها كذلك أستانة على صعيد الوضع الميداني”.
ولفت الملوحي إلى أن خطورة المذكرة التي سربها الروس سابقا ويهدفون لمناقشتها في المؤتمر المقبل في “إخراج سوريا من الوطنية والعروبة والإسلام عبر إزالة كل المصطلحات المرتبطة بتلك المعاني”.
وأضاف: “حتى صفة العربية في اسم الجمهورية العربية السورية التسريبات أشارت إلى إزالته واعتماد اسم الجمهورية السورية”.
وبشأن المعارضة التي تحدثت موسكو عن مشاركتها في “الشعب السوري” أشار الملوحي إلى أنها لن تتعدى هيئة التنسيق ومعارضة الداخل ومنصات موسكو والقاهرة”.
وقال إن بعض هذه المعارضات تابع للنظام السوري بشكل رسمي وتم تأسيسه من قبل نظام الأسد.
لكنه أشار في الوقت ذاته إلى الكثير من أطراف المعارضة في الخارج لو أتيحت لها الفرصة فستشارك في المؤتمر مضيفا “لكن الكثير منهم ما زالوا محكومين بالرأي الثوري العام في الخارج والداخل والذي يقول إن الثورة قامت لاقتلاع الأسد وليس للجلوس معه وإعادة تأهيله”.
وانتقد الملوحي استمرار مشاركة المعارضة في أستانة وقال: “النظام يخادع وسيعمل على إدخال المعارضة في دهاليز ملف المعتقلين ولن يخرجهم منه بعد ألف سنة”.
وقال إن ما يجري “استهلاك للوقت وأستانة حققت شيئا خطيرا للغاية تمثل في اتفاقيات محلية مجتزأة يريدها النظام لتجميد الجبهات ونقل القطعات العسكرية للشرق للتفرغ والسيطرة على سوريا المفيدة حيث الماء وحقول النفط”.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=31099