نعيم مصطفى / تركيا بالعربي
تلعب الولايات المتحدة على وتر دغدغة عواطف الشعوب العربية والإسلامية المحكومة بالحديد والنار وتحاول إظهار نفسها عبر سياستها الخارجية منذ احتلالها للعراق وأفغانستان على أنها المُخلّصة والمنقذة والمحبّة للشعوب العربية المقهورة الحريصة على تحرير تلك الشعوب من حكامها الطغاة المستبدين والعازمة على نشر الديمقراطية والحرية في ربوع تلك الدول على غرار الديمقراطية التي يتمتعون تحت شمسها في الرفاهية والعدالة والحكم الرشيد.
والواقع أن الولايات المتحدة في بداية الأمر قد خدعت الشعوب بشعاراتها البراقة الجذابة تلك وأطربتهم وجعلتهم يتشوقون ويتشوفون لتلك الحياة التي يحلمون بها وينشدونها منذ عقود من السنين حتى استطاعت أن تجعل فريقاً من المثقفين والعوام يروجون لأفكارهم ويثنون ويطرون على أمريكا وأنها صاحبة المبادئ والقيم السامية التي تريد أن تبثها على العالم بأسره لينعم بالسعادة والأمان والعدالة.
ولكن نياتها الشريرة والسيئة ما لبثت أن تكشفت وبدأ أمرها يفتضح رويداً رويداً.
وقد تجلى مجرداً من كل ثياب الفضيلة إبان اندلاع الثورة السورية.
فقد خرج علينا الرئيس الأمريكي السابق أوباما مشيداً بأولئك الشبان السوريين الذين انتفضوا ضد الاستبداد وأعلنوا خلع النظام بكل أركانه وأعلن الرئيس الأمريكي الوقوف بقوة إلى جانبهم ومعاضدتهم، وراح يكيل لنظام الأسد المجرم السفاح الذم والهجاء المقذع، وقد دعا وأعلن مراراً وتكراراً – من دون ملل – أن نظام بشار يجب أن يرحل وأنه فَقَدَ شرعيته (المفقودة أصلاً وقبل الثورة) ومن ثم انتهت ولاية أوباما وخلفه ترامب الذي سار على نهجه واقتفى أثره.
ولكن الأيام والشهور والسنين أثبتت نفاق وخداع السياسة الأمريكية والرؤساء المتعاقبين، وذلك بعد اقتحام الدول الاستعمارية المتمثلة بروسية وإيران وحزب لبنان ذات السجل الأسود الأراضي السورية، وراحوا يعيثون فساداً ويقتلون الحرث والنسل، من دون أن ينبس الأمريكي ببنت شفا ( عملياً وليس نظرياً) وإنما كان يكتفي بتوصيف الوضع في سورية وكأنه محلل سياسي أو معلق رياضي وبعد أن أمعن المحتلون (روسيا وإيران وحزب لبنان) في القتل والسلب والنهب، وأصبحت الأراضي السورية مستباحة وحقل تجارب لأسلحتهم وحاول طيف من الشعب السوري في الشمال وهم الأكراد الاستقلال وإعلان دولتهم المتاخمة للحدود التركية مهددين بذلك الأمن القومي التركي، مما أجبر ودفع بتركية للدخول إلى الأراضي السورية دفاعاً عن نفسها.
وإذا بأمريكا تطل برأسها وترفع بعقيرتها (غاضة الطرف عمن قتل ونهب واحتل واعتقل السوريين) ضد تركية – علماً أنها حليفتها في حلف الناتو – ودفعت بمجموعة من قواتها لتحارب تركية مديرة ظهرها ومتغافلة عن رؤوس الأفاعي (روسية وإيران والنظام) التي تنفث بسمها الزعاف الشعب السوري المكلوم.
وإذا ما أردنا تفسير هذا التصرف المريب الواضح الفاضح فلا يمكننا أن نرى خلفه إلا الحقد الديني والنزعة الصليبية التي تستيقظ من جديد.
كيف يمكننا تفسير مناصبة أمريكا العداء لحليفتها تركية وتحريض الأكراد عليها ودعمهم بالجنود والعتاد؟! في حين أنها تركت سورية كلها لقمة سائغة ينهش بها الوحشان الروسي والإيراني.!
والغريب في الأمر أنها ما زالت تلوك شعاراتها القديمة وهي دعمها للشعوب المضطهدة والمقهورة في حين أن ممارستها كلها تدل على النقيض.
كل إنسان عاقل ويراقب الشأن السياسي، يدرك بما لا يدع الشك أن أمريكا لا تريد إسقاط بشار ولا الطغاة وإنما تساعدهم على تثبيت حكمهم وتحاول معهم امتصاص فورة الشعوب وإذا ما نجحت الشعوب في إسقاط أنظمتها (كما في مصر) فإنها تتآمر عليهم مع الفلول والدولة العميقة لتعيدهم إلى بيت الطاعة.
آن الأوان لكي تستيقظ أمريكا من غفلتها وسباتها ولتغير أوراق اللعب ولكي تدرك أن العرب أذكى من تخر صاتها وخططها وتصرفاتها المكشوفة.
إن أمريكا التي تدعي أنها علمانية وأنها تجاوزت سلطة الكنيسة وهيمنة الدين، فإن سلوكها يكذّب هذا الادعاء ويبدده، ولا يمكن أن نفسر تقاعسها عن نصرة الثوار السوريين أمام عدوتيها كما تزعم روسية وإيران، وانشغالها باستفزاز تركية عبر اصطفافها بجانب الأكراد (ب ك ك وأخواتها المصنفون بأنهم إرهابيون) إلا لأن الثوار وتركية مسلمون سنة، وكفانا حسن ظن بها، وكفانا الترفع عن هذه التكهنات لأنها تحولت إلى واقع ملموس.
يقول الرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق:
” إن الذي يتعامل مع أمريكا كالذي يتعامل مع الفحم لا يناله إلا سواد الوجه واليدين”.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=45034
Omarمنذ 7 سنوات
يقول الرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق:
” إن الذي يتعامل مع أمريكا كالذي يتعامل مع الفحم لا يناله إلا سواد الوجه واليدين”.
—————————-
يوحدون اهدافهم وان اختلف التطبيق
اما العربان وهم مساكين جهلهم
يختلفون في التطبيق وان كانت النتيجة تضي عليهم