نعيم مصطفى / خاص تركيا بالعربي
من يراقب قناة (سكاي نيوز عربية) التابعة للإمارات والتي تتبنى السياسة الإماراتية والسعودية والبحرانية. يجد أنها لا تفتأ في كيل الاتهامات الباطلة للسياسة التركية ليل نهار، وتصور أرود غان أنه الديكتاتور والمستبد الأول في العالم، وهذا حقاً ما يثير الاشمئزاز والغثيان والسخرية؛ لأن هذا الأمر لو صدر عن دولة غربية عريقة في ديمقراطيتها كان الأمر مستساغاً لكن أن يصدر عن دولة لا تعرف صندوق الاقتراع ولا يوجد فيها برلمان منذ خروجها إلى الحياة فهذا الأمر يستدعي الدهشة والعجب.
لا أريد أن أنصّب نفسي مدافعاً عن أرود غان فهو رئيس وإنسان يخطئ ويصيب وله ما له وعليه ما عليه، ولكنني أريد أن أذكر بعض الأشياء التي يتفق عليها جميع العقلاء من أصدقاء وحلفاء أوردغان ومن مناهضيه ومناوئيه على حدٍّ سواء.
أولاً – إن الرجل جاء إلى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع ولم يرث المنصب من أخيه ولا من أبيه ولم يكن جنرالاً يلوّح بسلاحه ويزمجر ويهدد كل من لا يريد انتخابه.
ثانياً – أرود غان! ولن أستطرد في إنجازاته التي يشهد لها العدو قبل الصديق فقد كانت تركية قبل وصوله إلى صنع القرار من الدول المتخلفة حتى إنّ سورية
(مزرعة آل الأسد المستبدين) كانت تتفوق عام/2000/ على تركية في كافة مجالات الحياة، يعني تركية منهكة ومترهلة بكل ما تحمل الكلمة من معاني وكانت عملتها في الحضيض، فقد كان الشعب التركي يستخدم ألفاظ المليون والمليار لأبسط حاجياته فحذف أرود غان الأصفار بفضل قوة الاقتصاد التي وصلت إليها البلاد في عهده وصارت الليرة تقارن بالدولار.
وبعد أن وصل حزب التنمية والعدالة إلى سدة الحكم استطاع أن يقفز بتركية قفزة نوعية دفعت بها إلى مصافي الدول الكبرى.
تصدر أرود غان المشهد السياسي منذ خمسة عشر عاماً بين رئيس للوزراء وبين رئيس للجمهورية ومازال يشغله، وقد أحبه الشعب كثيراً لنظافة يده ولأنه قام بثورة على الفساد والظلم والتخلف والفقر والجهل، وأشاد دولة حديثة ذات بنية تحتية متينة وصلبة.
وقد دارت الأيام دورتها وأوشكت ولايته الرئاسية الأولى تنتهي، فأعلن انتخابات مبكرة وفق الدستور والقوانين المتبعة وراحت التكهنات والاستبيانات الأولية تشير إلى سهولة نجاحه بين منافسيه بسبب شخصيته الكاريزمية من جهة وإنجازاته الكبيرة من جهة ثانية.
إن استمرار الرئيس لمدة طويلة في منصبه ضمن الدول الديمقراطية أمر شائع ومنتشر ولا يعني أنه يحاكي الطغاة والمستبدين، لأنه يخرج من الصندوق – وهذا تعبير أرود غان في إحدى مقابلاته – ونجد ذلك جلياً في دول يشهد لها العالم في ديمقراطيتها كألمانية، فمستشارتها البارعة السياسية والمرأة الحديدية أنجيلا ميركل تفوز بولايتها الرابعة على التوالي أي أنها قطعت شوطاً تجاوزت فيه أرود غان.
ولو عدنا إلى دول الخليج التي ترفع عقيرتها بين الفينة والأخرى منتقدة أرود غان الديكتاتوري – كما تصفه – لوجدنا أنها سياسة مبنية على كم الأفواه وشعارها ألجم لسانك ألجم فالموت أو السجن للمتكلم، فالمعتقلات الإماراتية والسعودية تغص بالمثقفين والكتّاب والشيوخ… بسبب كلمة أو تغريدة أو حتى صمت، والإمارات والسعودية دولتان بينهما وبين الديمقراطية آلاف الأشواط والكيلومترات، فقد دفعوا المليارات من أجل إخماد ثورات الربيع العربي وإطفاء جذوة حلم الشعوب في تحقيق الديمقراطية التي ينعم بها الغرب منذ عشرات ومئات السنين.
لقد جعل حكام الخليج – الذين ينتقدون ديكتاتورية أرود غان – من أموالهم مطية في خدمة المستبدين لقمع شعوبهم وما وصول السيسي إلى السلطة وتثبيت بشار إلا ترجمة لما نقول.
وأختم بالحديث الشريف ” إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت ”
والمثل العربي القائل: رمتني بدائها وانسلت.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=54071