بعد شهرين على إقرار المنحة الدراسية من قبل وزارة التعليم التركية للأجانب بقسميهما (المقيم واللاجئ) على أراضيها، والتي سيتم بموجبها منح الطلاب الأجانب مقاعد دراسية بمختلف الاختصاصات في الجامعات التركية إضافة لإعفائهم من رسوم التسجيل ومنحهم مبلغاً مالياً إضافياً كـ “تعويضات”، ما زال غالبية الأجانب وبخاصة السوريين منهم الذين يشكلون النسبة الأكبر من الأجانب في تركيا يقبلون بأعداد كبيرة على التقدم على المنحة عبر الرابط الإلكتروني المخصص من قبل وزارة التعليم التركية لهذا الغرض.
ورغم كل التسهيلات المقدمة في المنحة الدراسية وحصر جميع متطلباتها (إلكترونياً) دون الحاجة للذهاب إلى مديريات التربية أو الجامعات، يعتري الخوف نسبة كبيرة من الطلاب السوريين من عدم القبول فيها لا سيما بعد ان عقد الآلاف منهم الآمال عليها وعلقوا مستقبلهم بها، في ظل عجز الغالبية منهم عن إتمام دراسته الجامعية على نفقتهم الخاصة بسبب الأوضاع المادية المحدودة بالنسبة إليهم كـ (لاجئين)، وهذا ما أكدته الطالبة “راما محمد” التي انتهت من امتحانات (البكالوريا) أو كما يطلق عليها الأتراك اسم (الليسانس) وحصلت على معدل نهائي بلغ 94 % والتي سبق أن تقدمت بطلب تسجيل على المنحة الدراسية، مشيرة إلى أن صعوبات المنحة تتساوى مع تسهيلاتها تقريباً وقد بدأ ذلك من طرح عدد لا متناهٍ من الأسئلة تضمنت مختلف المجالات الخاصة بالسوريين في تركيا بما في ذلك دخل العائلة من المال ووثائق تتعلق بالدراسة في سوريا.
وضع مادي محدود والمنحة الملاذ الوحيد
وأضافت راما في حديثها لأورينت نت “سجلت عبر الرابط الإلكتروني منذ نحو شهر بالاعتماد على معدل الفصل الأول، لكني تفاجأت أن معظم الجامعات المتوفرة ضمن المنحة تبعد مسافات كبيرة عني، فمثلاً أنا أقيم في ولاية هاتاي/أنطاكيا التركية، وأقرب جامعة تمكنت من الحصول عليها كانت في مرسين ثم أنقرة فاسطنبول فإزمير وهذا بحد ذاته عقبة كبيرة أمامي كـ “فتاة” لا تستطيع الانتقال منفردة من أجل إتمام تعليمي، كما أن عائلتي لن تتمكن من الانتقال حيث جامعتي بهذه السهولة فنحن هنا منذ خمس سنوات وتأسيس حياة جديدة في مدينة أخرى أمر في غاية الصعوبة في ظل ظرفنا الراهن.
وتعد المنحة التركية نقلة نوعية على صعيد التعليم بالنسبة للأجانب وخاصة السوريين منهم، فهذه هي المرة الأولى التي يتلقى بها السوريون مثل هذا (العرض المجاني) من قبل الحكومة التركية، ومعظم من درس في الجامعات التركية من السوريين على مر السنوات السبع المنصرمة كان على نفقته الشخصية وهذا بدوره سهل عملية اختيار الجامعات ولكن أمام الظروف المادية التي يعانيها غالبية السوريين لم تتمكن النسبة العظمى منهم من إتمام دراستهم الجامعية وهو ما دفعهم لنسيان الأمر والتوجه للبحث عن عمل حر في إحدى الحرف المنتشرة في مدنهم، وتعتبر “محمد” أن الدراسة على نفقتها الشخصية أمر صعب بل ومستحيل أيضاً لذلك فإن قبولها في المنحة هو الملاذ الأخير لها لإتمام تعليمها.
ضربة حظ
وفقاً لـ “محمد” فإن من المصاعب الكبيرة الموجودة في المنحة هي عدم وجود شروط معينة أو سقف درجات معين لها، أي أنه من الممكن قبول طالب معدله 83 % ورفض طالب آخر معدله أكثر من 95% وهذا بدوره يبعث في النفس الإحباط، كما أن القبول في المنحة سيتبعه تعديل للشهادات الصادرة عن مدارس سورية (دينكليك) وهذا سينقص المعدل لدرجة كبيرة نتيجة حسم درجات من المجموع العام وستكون العديد من الأفرع الجامعية عصية على الطلاب السوريين، وقد عوّلت بذلك على القرارات المتفاوتة الصادرة عن وزارة التربية التركية والتي أفسحت المجال لبعض المدارس السورية بالاستمرار رغم أنها نقلت معظم الطلاب السوريين إلى مدارس تركية معبرة بذلك بلهجتها الشعبية (ما تركو المدارس السورية على وش ولا لغوها على وش).
ثلث المقاعد للسوريين
من الصعوبات التي ستواجه الطلبة السوريين أيضاً هو العدد المحدود للمقاعد في الكليات الجامعية، حيث وبحسب ما صرحت به المشرفة الإدارية السابقة (الموجهة) في ثانوية “محمد الفاتح” بولاية أنطاكيا “كولجان ديميرال” في حديث لـ “أورينت نت”، فإن الأجانب سيحصلون على 3 مقاعد فقط في كل كلية من الجامعات المتاحة أي على سبيل المثال جامعة (سكاريا)، هناك 5 اختصاصات فقط متاحة ضمن منحة الأجانب في كل اختصاص ثلاثة مقاعد فقط للطلاب الأجانب أي أن مجموع المقاعد في كل الجامعة هو 15 مقعد فقط للأجانب، يحصل السوريون على 5 مقاعد منها فقط أما الباقي فستكون للأجانب من الجنسيات الأخرى كالعراقية والأفغانية وغيرهم وهذا هو الحال بالنسبة للجامعات الأخرى في جميع المحافظات وهذا ما سيجعل أمر دخول الجامعات بموجب المنحة أكثر صعوبة.
ويبلغ عدد الجامعات التركية المدرجة ضمن المنحة الدراسية للأجانب وفقاً لإحصائيات شبه رسمية نحو 50 جامعة تضم نحو 500 فرع متنوعة بين المجالين (الأدبي والعلمي) إضافة لبعض الفروع التي سيتم تدريسها باللغة العربية في بعض الجامعات ومعظمها موزع بين أربع ولايات هي (إسطنبول وأنقرة وإزمير وصقاريا) أما الجامعات الأخرى فهي موزعة أيضاً بين محافظات الشمال الأخرى كـ (موغلا وألانيا وبورصة) مع وجود أفرع قليلة في جامعات (عنتاب ومرسين وأضنة).
تجدر الإشارة إلى أن طلاب (البكالوريا) في تركيا منقسمين بين مدارس تركية وأخرى سورية، وهذا ما جعل الأمر يختلط على الطلاب حيث سيتمتع طلاب المدارس التركية وفق مسؤولين تربويين بدخول الجامعات دون إجراء عملية (دينكليك / تعديل) على شهاداتهم لكونهم درسوا المنهاج التركي الرسمي، فيما سيخضع أقرانهم في المدارس السورية لعملية التعديل إضافة للاختبار (المعياري) في المنهاج ذاته ولكن باللغة التركية وسيكون هذا العام باختيار ثلاثة مواد فقط يتم إجراء الامتحان بها بعد أن كانت في سنوات سابقة تشمل جميع المواد وفي امتحان واحد وبيوم واحد فقط.
أورينت نت
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=54928