المتضرر الأكبر من ارتفاع قيمة الدولار مقارنة بالليرة التركية هم الأطفال السوريون، فقد أصبح قسم كبير من العائلات السورية غير قادر على إدخال البهجة إلى قلوب أبنائهم، فعيد الأطفال بالثياب الجديدة والألعاب والهدايا.
الدولار يقهر السوريين
تزامن قدوم شهر رمضان والعيد مع ارتفاع قيمة صرف الدولار مقارنة بالليرة التركية. وارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية والألبسة تبعاً لنظام السوق التركي الحر. فيما أجور العمال السوريين بقيت على حالها. زاد هذا من أعباء الأسر السورية بنسبة لا تقل عن 25%. أدى هذا إلى حرمان عدد كبير من الأطفال من الألبسة الجديدة.
اتجه قسم كبير لشراء الألبسة المستعملة لأطفالهم توفيراً للمال، وتضاعفت مبيعات محلات البالة التركية والسورية المنتشرة في مدينة عنتاب التركية.
يشتري “أبو محمد السوري” الألبسة المستعملة ويبيعها في منزله بعد تنظيفها وكويها. ارتفعت نسبة الإقبال من السوريين خلال شهر رمضان، وخاصة في أيامه الأخيرة، على شراء ألبسة “أبو محمد” رخيصة الثمن، وسعرها لا يتجاوز بضع ليرات تركية في أحسن الأحوال. ولفت انتباهه إقبال بعض النساء التركيات على الشراء من عنده وبكميات كبيرة، وزاد من دهشته أيضاً شراء بضاعته من بعض أصحاب محلات البالة التركية.
وقال أبو محمد لـ “اقتصاد”: “خلال الأيام الأخيرة قدم إلى محلي عدد من تجار البالة التركية وأخذوا كميات كبيرة من الألبسة، وعلمت منهم أنهم يعملون على بيعها في محلاتهم بضعف السعر الذي أتقاضاه منهم”.
وأضاف: “مع ذلك لن أرفع الأسعار فأنا أكتفي بالربح الذي أتقاضاه، ولا أريد أن أزيد من أعباء السوريين، وهم الغالبية التي تشتري من البالة”.
وزاد بقوله: “عندما ألاحظ أن أحد السوريين يريد الشراء، وأشعر أنه لا يملك المال، أقبل منه أي سعر يطرحه ولو كان بخسارة، ولا أدعه يخرج دون أن يأخذ طلبه، فالرزق على رب العباد”.
تبديل للألبسة
وتابع “أبو محمد”: “لم تعد الأسر السورية تتلف الألبسة التي ضاقت على أبنائها، نتيجة نموهم، وقسم كبير من جيراني في الحارة يأتون لي بألبستهم التي لم يعودوا بحاجة لها، ويأخذون بدلاً منها ما يحتاجونه، وفي أكثر الأحيان يدفعون فارق الثمن لمساعدتي على الاستمرار، فهم يعلمون أنني لا أقوم بهذا العمل بهدف الربح، وإنما أسعى لتوفير سلعة رخيصة وجيدة لأخوتي في اللجوء، وكذلك لتأمين بدل إيجار المنزل الذي أسكنه وحاجاتنا الشخصية فقط”.
هذه الحالة شملت غالبية الأسر السورية التي تشكو أصلاً من الفاقة وقلة الدخل وتعتمد على مساعدات الهلال الأحمر التركي، بينما يعمل شبابها بورش البيتون والبناء وأعمال التحميل، ويشقون في المصانع التي يستنكف المواطنون الأتراك عن العمل بها لقلة أجورها ومشقة عملها.
التأثير لم يشمل الأغنياء
قسم قليل من العائلات السورية التي تعتبر متوسطة الدخل وجدت حلاً وسطاً، وتوجهت إلى المحلات العامة التي تبيع السلع الجديدة ذات النوعية متوسطة الجودة، ولبت رغبات أطفالها وأدخلت الفرحة إلى قلوبهم.
أما القسم الثالث وهو يخص التجار السوريين الذين نزحوا إلى مدينة غازي عنتاب مع رؤوس أموالهم، وأغلبهم من تجار حلب، هؤلاء لم يكن لديهم مشكلة، فقد تصاحب ارتفاع سعر الدولار مع ارتفاع أسعار بضائعهم، وربما تضاعفت أرباحهم أيضاً، وتمكنوا من شراء الألبسة الفاخرة من المحلات الفخمة والمولات التي تبيع الماركات المشهورة.
عبّرت عن ذلك الحجة “أم عبدو” بقولها: “التاجر لا يهمه السعر فهو رابح عند الارتفاع وأكثر ربحاً عند الانخفاض، فهو يعلم من أين تؤكل الكتف”.
طارق حاج بكري – اقتصاد
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=57754