يتسابق فرسان أرضروم شرقي تركيا مع الريح، أثناء ممارستهم رياضة “جيريت”، التي حملت أسمى معاني الشجاعة والفروسية منذ مئات السنين، وورثها سكان المنطقة عن أجدادهم الذين قدموا إلى الأناضول من آسيا الوسطى (تركستان) في القرن الحادي عشر الميلادي.
خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ يتجمع شباب أرضروم، من ممارسي رياضة “جيريت”، في ساحات مخصصة لذلك، تعرف باسم “جيريت آلاني”، وذلك على وقع الطبول وأنغام الزرنة، في مشاهد حماسية.
يتفحص ممارسو رياضة “جيريت”، صحة خيولهم ومتانة حدواتها وسروجها، قبل الخروج بها إلى ساحة “لعبة الحرب”، في مشاهد خاصة، لا تزال تتكرر منذ مئات السنين.
ينقسم لاعبو الجيريت إلى فريقين، يدخلان إلى الساحة على وقع الطبول.. يصطف الفريقان في صفين متقابلين.. يتقدم أحد فرسان الفريق الأول، ويصيح على أحد فرسان الفريق الثاني.. يخرج الفارس المعني.. وبعد أداء حركات فروسية لا تنقصها الخيلاء، يلقي فارس الفريق الثاني رمحا يسمى “جيريت” باتجاه فارس الفريق الأول الذي يقف على بعد نحو 30 مترًا.
يسارع فارس الفريق الأول بتوجيه فرسه والعدو بعيدًا لتفادي الرمح، فيتبعه فارس الفريق الثاني، وبعدها يتبعهما فرسان الفريقين، بهدف أن يُخرج أحدهم الآخر، عن طريق إصابته بضربة الرمح.
رياضة الجيريت، التي تعرف في باقي الجمهوريات التركية باسم “جوقان” وتعوِّد ممارسها على امتطاء الخيل وقيادته، يزداد الإقبال عليها خلال فصل الشتاء رغم انخفاض درجات الحرارة في المنطقة إلى ما دون 30 درجة تحت الصفر.
وفي مقابلة أجراها مراسل الأناضول مع رئيس نادي الفروسية في أرضروم، جنيد صايم، قال: إنه يمارس هذه الرياضة منذ ما يقرب من 10 أعوام، وتابع: “لكي يفهم المرء معنى هذه الرياضة، عليه أن يمارسها.. أستطيع القول إن هذه الرياضة هي اتحاد جسدين لمخلوقين في جسد واحد، هي عدوٌ وانطلاق بقوة نحو الأمام.. هي سباق بين الجسد والريح”.
ولفت صايم أن أرضروم تحتضن مسابقات الجيريت نهاية كل أسبوع، حيث تنظم الأندية المختلفة مسابقات بين الأحياء، مثل مباريات كرة القدم تمامًا. مشيرًا أن برد أرضروم القارس يزيد هذه الرياضة متعة وإثارة.
صور من رياضة جيريت
وأضاف صايم أن فرق الجيريت تتألف من سبعة أشخاص، يتسابقون في ميادين بطول 140 مترًا وعرض 40 مترًا، وأن استجابة الخيل السريعة لأوامر الفارس، والتناغم بينهما، يعتبر عاملًا رئيسيًا ومهمًا في حسم نتيجة المباراة.
واستطرد صايم: إن هذه الرياضة قديمة في الأناضول. لقد أحضرها أجدادنا معهم من تركستان (أسيا الوسطى)، وهي موجودة اليوم في جميع الجمهوريات التركية، فضلًا عن أن انتشارها كان واسعًا في العهد العثماني، وكانت تعرف باسم “جاوغان”، وقد مارسها الكثير من السلاطين في تلك الفترة.
وشدد صايم على ضرورة بذل جهود أكبر لتنظيم هذه الرياضة ونشرها، مثل كرة القدم والتزلج والتعامل معها كالكثير من الألعاب الرياضية. مشيرًا أن البعض يعتقد بخطورة هذه الرياضة، إلا أن نسبة الخطورة فيها أقل بكثير من رياضات أخرى وعلى رأسها لعبة الهوكي على الجليد.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=5902