قالت صحيفة (وول ستريت جورنال) إن السلطات التركية من الممكن أن تطلق سراح القس الأمريكي الذي يواجه تهماً متعلقة بالإرهاب الشهر القادم، الأمر الذي سيؤدي إلى حل التوتر الناشئ بين البلدين في المستقبل القريب.
وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين أتراك، إن القاضي التركي الذي سيمثل أمامه القس الأمريكي من الممكن أن يطلق سراحه خلال جلسة المحاكمة التي ستنعقد في 12 تشرين الأول.
وأكد أحد المسؤولين للصحيفة أن إطلاق سراح القس “من الممكن أن يكون نتيجة محتملة” لجلسة المحاكمة.
ويأتي حديث الصحيفة الأمريكية بالتزامن مع تحسن في سعر صرف الليرة التركية اليوم (6.00 ليرة تركية للدولار الواحد) إضافة إلى زيارة يقوم بها الرئيس التركي للولايات المتحدة الأمريكية.
وأشارت (ستريت جورنال) إلى أن المسؤولين الأمريكيين في إدارة ترامب، ممن قادوا حملة الضغط لإطلاق سراح القس بشكل فوري هذا الصيف، قرروا تخفيف الحملة، بسبب مخاوفهم من توسع دائرة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا لتشمل الأسواق في الدول الناشئة الأخرى.
“التزام الهدوء بعض الشيء، هو الاستراتيجية الأفضل، قبيل جلسة تشرين الأول. لأنهم أدركوا أخيراً أننا جاهزين للتصرف” قال مسؤول أمريكي مُطّلع على النقاش للصحيفة، وأضاف “عندما يأتي تشرين الأول، إذا بقيننا في مكاننا، سيقوم جانبنا بالضغط على الأتراك.. الوقت الآن حرج، لا نريد وضعهم في مأزق”.
وبحسب الصحيفة، سينعكس إطلاق سراح القس، بالإيجاب على إدارة (ترامب) والحزب الجمهوري، مع قدوم الانتخابات النصفية في الكونغرس التي يحاول فيها (ترامب) والجمهوريون وقف صعود أعضاء الحزب الديمقراطي. كما أن حل المشكلة مع تركيا يعني إزالة العوائق الموجودة بين الدول الأعضاء في “حلف شمال الأطلسي – الناتو”.
وكان كلاً من (ترامب) ونائبه (مايك بينس) قد وضعا إطلاق سراح القس الأمريكي (أندرو برونسون) ضمن أولوياتهما، وذلك لكسب تأييد المسيحيين الإنجيليين الذين قد تكون أصواتهم محورية بالنسبة للجمهوريين الذين يحتفظون بأغلبية تشريعية في الولايات المتحدة.
تفاؤل حذر
حذّر مسؤولون أمريكيون من أي انفراجه سابقة لأوانها في هذا الملف، مشيرين إلى أن الموضوع كان أساساً في متناول الزعيمين؛ إلا أن الجهود السابقة للحل باءت جميعها بالفشل في اللحظة الأخيرة.
وقال المسؤول الأمريكي للصحيفة: “من المعروف أن أردوغان، تماما مثل ترامب، يغير رأيه بشكل متكرر وفي اللحظة الأخيرة”.
مع ذلك، رأى المسؤولون الأمريكيون إشارات إيجابية تتعلق بالتصرفات الأخيرة التي صدرت من تركيا، بما في ذلك القرار الصادر عن أحد القضاة الأتراك، الأسبوع الماضي والذي خفض بموجبه التهم الموجهة لـ(سيركان غولج) العالم الأمريكي من أصول تركية والذي يواجه عقوبة السجن بسبب تهم متعلقة بالإرهاب.
وكانت المحكمة التركية قد خفضت عقوبة (غولج) من سبع سنوات ونصف إلى خمس سنوات، بعد إلغاء التهم الموجهة له، بوصفه عضواً في جماعة إرهابية، حيث خلص الحكم إلى أنه ساعد المنظمة المحظورة.
ورأى (سلمان أوغوت) المحامي التركي الذي له علاقات وثيقة بحسب الصحيفة مع (أردوغان) إلى إنه من الممكن أن يتبع القاضي المسار نفسه في قضية (برونسون).
“من الممكن أن يتم الأفراج عنه في غضون الأشهر القادمة، لأن التهم الموجهة إليه لا تشمل كونه عضواً –في منظمة إرهابية” قال (أوغوت) الذي يدرس القانون في “جامعة ميديبول” بإسطنبول للصحيفة، وزاد “نتحدث هنا عن المساعدة” في إشارته للتهمة الموجهة للقس.
عوائق أخرى
ونوه (أوغوت) إلى وجود شرط مسبق قبل إطلاق سراح القس “يجب عليهم أن يتراجعوا ويسترخوا، وإلا سيدخلون بحلقة مفرغة.. لو كنت بدل القاضي، لن أقبل بتلقي الأوامر، أفعل كذا وكذا. أمريكا ليست مديري”.
وكان (برونسون) يدير كنيسية صغيرة في مدينة أزمير الساحلية عندما تم احتجازه من قبل السلطات التركية في تشرين الأول، 2016. وتم نقله إلى منزله في 25 تموز، بعد أن قضت المحكمة بتخفيف ظروف احتجازه نظراً إلى مشاكل صحية حيث يعيش منعزلاً في أزمير، مراقب بواسطة سوار إلكتروني بكاحله، وذلك بحسب محامية (إسماعيل جيم هلافورت).
“تحسن مزاجه أكثر بكثير. عندما كان بالسجن، تداعت عليه بعض الذكريات وأصبح يتناول مضادات للاكتئاب” وذلك بحسب ما قل محاميه للصحيفة.
وفي إطار التحضير لجلسة الاستماع التي عقدت في 12 أكتوبر، قال المحامي إنه تلقى مذكرة قضائية تحتوي على اتهامات جديدة وشهود سريين جدد.
زعم أحد الشهود السريين بحسب الصحيفة أن (برونسون) قد قام بنقل حقائب تحتوي على أموال نقدية بواسطة القوارب إلى سوريا. وحال هذا الشاهد، كحال بقية الشهود السريين السابقين، من المتوقع أن يظهر من خلال رابط فيديو بدون أن يظهر وجهه مع تغيير في نبرة الصوت.
ويختلف الطرفان (تركيا وأمريكا) على الكثير من القضايا، التي ستبقى شائكة حتى في حال تم إطلاق سراح (برونسون)، منها عملية السلام في سوريا وتقدم تركيا بطلب شراء نظام دفاع صاروخي من روسيا.
القس وبداية الأزمة
تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات التركية اعتقلت الراهب (برونسون) في أواخر عام 2016، وذلك لتهم تتعلق بانتمائه إلى تنظيم (الكيان الموازي) بحسب اتهامات القضاء التركي، حيث تحوّل (برونسون) فيما بعد إلى مادة دسمة على أجندة كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا.
وأشعل (القس) أزمة دبلوماسية واقتصادية بين البلدين، بدأت مع تغريدات نشرها الرئيس الأمريكي (ترامب) ملوحاً بفرض عقوبات على تركيا، حيث قال نهاية آب الفائت: “ستفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات كبيرة على تركيا، وذلك لاحتجازها الطويل للقس أندرو برونسون، رجل الدين المسيحي والإنسان الرائع، إنّه يعاني معاناة كبيرة، رجل الدين البريء وينبغي إطلاق سراحه على الفور”.
وما لبثت الولايات المتحدة كثيراً حتى فرضت سلسلة من العقوبات على وزراء أتراك وبعض الصادرات التركية، ما تسبب في هبوط مستمر لقيمة الليرة التركية قبل أن يستقر نوعاً ما خلال الأسابيع القليلة الماضية عند 6.50 ليرة لكل دولار.
يشار إلى أن حديث الصحيفة الأمريكية عن إطلاق الراهب يتزامن مع وصول الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) إلى مدينة نيويورك الأمريكية للمشاركة في اجتماعات الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
للاطلاع على التقرير باللغة الإنكليزية (اضغط هنا)
المصدر: أورينت
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=69550