أكد مبعوث الرئيس الأمريكي الخاصّ إلى سوريا “جيمس جيفري” أن بلاده لن تدعم النظام السوري اقتصادياً من أجل إعادة الإعمار، موضحاً أن الأخير يبحث عن اعتراف دولي، وأن واشنطن تصرّ على تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بسوريا حول إجراء عملية انتقال سياسي ذات مصداقية وتعديل الدستور السوري، كما أكد أن واشنطن تعمل على إخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا بالتعاون مع روسيا.
وقال “جيفري” لجريدة “الشرق الأوسط”: إن قوات بلاده ستبقى في سوريا حتى تحقيق 3 أهداف وهي ضمان القضاء التامّ على تنظيم الدولة وعدم ظهور تنظيمات أخرى مجدداً، بالإضافة إلى “الرغبة في المشاركة دبلوماسياً ومن خلال الحلفاء وعسكرياً في تحقيق هدف إخراج إيران من سوريا، وثالثاً لتنفيذ عملية سياسية وليس للاحتلال”.
وحول الحلّ السياسي الذي تريده واشنطن في سوريا قال جيفري: إنه يجب “مراجعة دستور جديد، وتحقيق الأمن، وإجراء انتخابات، وتشكيل لجنة لوضع الدستور” مشيراً إلى أنه يجب القيام بتشكيل اللجنة في أسرع وقت بحلول 31 أكتوبر/ تشرين الأول.
واعتبر أن الرفض الأمريكي لتمويل إعادة الإعمار بسوريا يرجع إلى عدم تحقيق الانتقال السياسي، فالنظام يريد من خلال إعادة الإعمار الحصول على اعتراف دولي، لكن المجتمع الدولي والدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة لا ينظرون إلى النظام باعتباره دولة عادية، ومَن يتعامل معه كدولة عادية هو روسيا فقط، وحتى الصين لا تفعل ذلك.
ورغم أنه “لا يوجد هدف أمريكي بإزاحة الأسد” – وفقاً لجيفري – إلا أن الأمريكيين “سيكونون سعداء إذا رحل وأعلن رحيله من تلقاء نفسه؛ لكن هذا ليس هدفنا، فالهدف لدينا هو ظهور سوريا مختلفة لا تهدد شعبها أو جيرانها، ولا تستخدم السلاح الكيماوي، ولا تطرد اللاجئين والنازحين إلى خارج أراضيها، ولا توفر لإيران منصة لإطلاق الصواريخ ضدّ إسرائيل”.
وأشار إلى “إزاحة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي من منصبه من خلال الدستور؛ لأنه لم يستطع منع تنظيم الدولة من السيطرة على مناطق بالعراق، ولم تحدث في أيّ دولة بمنطقة الشرق الأوسط إزاحة قائد لأنه لم يكن عند توقعات شعبه، وأن تتم إزاحته من خلال عملية دستورية”.
وأكد المبعوث أن القوات الأمريكية باقية في سوريا، ليست كقوة احتلال، وإنما لتنفيذ ثلاثة أهداف، هي “اقتلاع تنظيم الدولة بشكل حاسم، وعدم ظهوره مرة أخرى، وإخراج القوات الإيرانية من سوريا، وهو أمر يراه قابلاً للتحقيق فور انتهاء القتال في سوريا، وضمان تنفيذ عملية سياسية تؤدي إلى تشكيل لجنة لوضع الدستور وإجراء انتخابات، والمضيّ قُدماً في عملية حلّ سياسي وَفْقاً لقرارات جنيف وقرار مجلس الأمن 2254”.
وأشار إلى أن بلاده تعمل مع روسيا لتحقيق تلك الأهداف، وتقوم باتصالات مستمرة مع الروس على كل المستويات، وتريد من روسيا مساندة قرار مجلس الأمن 2254، واستخدام نفوذها في سوريا لضمان خروج الميليشيات التي تدعمها إيران حيث “لا يوجد سبب للإيرانيين للبقاء في سوريا بمجرد انتهاء هذه الحرب، ومن الواضح أن القتال انتهى، ونعتقد أن على الإيرانيين الخروج الآن”.
ومضى بالقول: “لا أحد يمكننا العمل معه لإخراج الإيرانيين من سوريا سوى الروس، فالولايات المتحدة لن تستخدم قوة عسكرية لإخراج الإيرانيين من سوريا، ولدينا أمثلة لخروج قوات عسكرية من مناطق قتال بمجرد انتهاء الحرب، فأمريكا رحلت عن فيتنام في فترة السبعينيات بعد انتهاء الحرب، وخروج الإيرانيين من سوريا ليس مطلباً غير عادي، وهو أمر قابل للتحقيق”.
وأعرب جيفري عن تفاؤله بإمكانية صمود الاتفاق التركي الروسي حول إدلب معتبراً أن “الفرصة سانحة بعد توقُّف القتال نسبياً في سوريا لمناقشة كيفية المضيّ قدماً في عملية سياسية تتضمن إقرار دستور جديد وإجراء انتخابات في سوريا”.
ورجَّح أن الاتفاق سيؤدي إلى إزالة التهديدات لبعض الوقت وإلى تقليل المخاوف من استخدام السلاح الكيماوي، وخفض التهديدات لنحو 3 ملايين شخص، معظمهم من المدنيين، موضحاً أن “توصُّل تركيا وروسيا لهذا الاتفاق هو أمر جيد، وما نتمناه هو أن يتم الالتزام به وأن يستمر، وأن يكون نقطة تحوُّل في هذا الصراع حينما يتم التحرك من ساحة المعركة إلى مائدة المفاوضات، من خلال الالتزام بعملية جنيف وقرار مجلس الأمن الدولي 2254”.
وكان الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قد أكد أنه لا يمكن للأسد البقاء في السلطة، مشيراً إلى أن السلام في سوريا مستحيل مع وجوده، فيما قال الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”: إن “سوريا باتت ركاماً، ولا يمكن تغطية جرائم الأسد من خلال إبقائه في الحكم” كما أعربت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة عن قناعة واشنطن بأن الأسد سيرحل عن السلطة، لكن المسألة “مسألة وقت”.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=69706