“هي فرحة لا أنكر، بصرف النظر عن المناسبة، لأنها أعادتني للأضواء التي أسعى لها عبر مهنتي، ولم يحالفني الحظ والظروف”، هكذا عبرت الصحافية السورية “كريمة السعيد”، بعد تمثيلها شركة ألبسة تركية بولاية “غازي عينتاب”، وحصدها لقب “أكثر فتاة مؤثرة ومحجبة”.
وتروي “السعيد” لـ”زمان الوصل” كيف تم ترشيحها لهذه الجائزة التي لم تتوقع يوماً، أن تدخل بمسابقتها: “ذات يوم صادف زوجي إعلاناً لشركة ألبسة مختصة بتسوق ملابس المحجبات، كان عبارة عن مسابقة للفوز بجوائز والحصول على لقب تمثيل الشركة للعام الحالي لأكثر فتاة مؤثرة ومحجبة في غازي عينتاب، وكتب قصتي وقدمها، حتى من دون علمي، لأُفاجأ بعد فترة باتصال الشركة وطلب المزيد من التفاصيل والصور وارتداء الألبسة، لتكون المفاجأة، بفوزي باللقب للعام ألفين وثمانية عشر.
وعمّا يعني الفوز بجائزة بعيدة عن الإعلام بالنسبة لصحفية، عملت ولم تزل، بعديد من الوسائل الإعلامية، تضيف “كريمة السعيد”: “كان ذلك يعني لي أمورا كثيرة، نوع آخر من الحرية التي طالب بها ملايين السوريين، فعندما تكونين حرة في اختيار الشكل الخارجي لك، ووجود مؤسسة تدعم ذلك دون أن تتعرض لسلسلة مضايقات واتهامات كما لو كنا وعانينا في سوريا بشكل عام، ولأننا محجبات خاصة”.
وأردفت “ربما لو كنت بأوروبا أو الولايات المتحدة، لشكل لي الحجاب صعوبات وبعض المضايقة، بواقع تسويق “اسلاموفوبيا” وربط الإرهاب باللباس أو الدين، كما أن الحجاب في الغرب قد يؤثر على اندماج اللاجئات السوريات وربما تقبلهم ببعض المجتمعات هناك”.
ولأن “كريمة” عاشت لفترة بالمناطق المحررة، شمالي غرب سوريا، تشير إلى أن الحجاب في المناطق المحررة ربما يكون فرضا محكوما بدوافع اجتماعية وسياسية وحتى عسكرية أكثر مما هو فرض ديني، فلا يمكن أن تجد امرأة غير محجبة في إدلب.
وتستدرك، “ولكن في تركيا الخيار للفتاة لذلك قلت إن الحجاب في تركيا شكل من أشكال الحرية المطلقة في اختيارات الفتاة”.
وحول حكاية “كريمة” مع الحجاب الذي أوصلها لمنصة التتويج فتقول: “قصتي مع الحجاب والتمسك به طويلة، تعود إلى عام 2000، عندما كنت في الإعدادية وكانت مدرستي العسكرية تجبرنا على خلع الحجاب، خلال حصص “التربية العسكرية” وتحية العلم، وما أثر بي، هي حالة القسرية وطريقة معاملة فتيات صغيرات وضعن غطاء الرأس لقناعة أو ربما لعادات اجتماعية، منذ ذاك، بدأ ينمو فيّ كره تجاه أي فعل إجباري ولعلها فرصة للقول إني أكره بدرجة متساوية من يطلب من إحداهن خلع الحجاب بالإكراه أو ارتداءه بالإكراه”.
“كريمة” الصحفية
وبالعودة إلى “كريمة” الصحافية، التي تقول: إن حجابها أثر كثيراً على عملها بسوريا، ولم يؤثر أبداً بتركيا لأن النظرة له أمر وحرية شخصية وتركيا تحترم خيارات الناس وحرياتهم، فهي صحافية سورية خريجة جامعة دمشق قسم الإعلام عام 2010.
وتضيف لـ”زمان الوصل” قائلة “بدأ شغفي في الإعلام منذ الطفولة وكنت أحلم دائما بأن أحمل “ما يكروفون”، وأقربه من أفواه المظلومين والمهمشين ولا سيما المهمشات، وكذلك أن أعبر عبر قلمي عن هموم الناس وقضاياهم، وعندما بدأت عملي بعد التخرج في مدينة حلب كصحفية في الشأن الاقتصادي في صحيفة “الخبر” السورية، ولم أتخيل للحظة أن تفرض علي الحرب وأتحول لمراسلة، ولكن من أرض معركة واليوم أعتقد بعد سنوات عملي في حلب، فتحت الباب أمام العديد من الفتيات في الشمال السوري لدخول باب الإعلام.
وحول هجرتها إلى تركيا وعملها اليوم، تضيف “السعيد”: “لم أكن أعتقد يوما أني سأجبر على ترك سوريا ومهنة الصحافة، حتى عندما حزمنا حقائبنا باتجاه تركيا، كنت أظنها إلى أجل وبقصد زيارة أهلي، إذ تركت أشيائي جميعها، بما فيها الثياب المنشورة على حبل الغسيل، وتزامن مع وصولنا “الريحانية” على الحدود التركية السورية نهاية عام 2016 الاقتال بين “جيش المجاهدين” و”هيئة تحرير الشام”، بُعيد سقوط حلب، يومها لم أتقبل فكرة العودة إلى سوريا وتلقي إصابات محتملة بنيران صديقة، وخاصة أني كنت وقتذاك، أعاني من حالة صحية خاصة ناجمة عن تلقي صورة شعاعية بالكتف”، بعد شهور من تعرضي لكسر في الترقوة جراء حادث سير.
وتختم الصحافية السورية: “شعرت أن تركيا باتت قدري أو موطني الجديد، وبدأت أقتنع بالفكرة تباعاً، ما دفعني إلى رحلة تعلم اللغة التركية، من خلال منحة مجانية قدمتها الحكومة للصحافيين السوريين من ثم الحصول على الجنسية التركية”.
وحول مدى إغراء الأضواء بعد جائزة “الفتاة المؤثرة والمحجبة” تقول السعيد: “لا يمكن لشيء أن يخطفني من مهنتي التي أحب، بل أسعى اليوم الى ماجستير العلاقات الدولية والإعلام بداية آذار/مارس المقبل، لأتابع بالدراسة والعمل، بعد تسع سنوات على ممارستي العمل الإعلامي، بدأته محررة في موقعي (سيريا نيوز وعكس السير)، ثم صحيفة “الخبر” وبعدها مسؤولة الإعلام في محافظة حلب ومن ثم مجلس المدينة قبل انشقاقي والتحاقي بالعمل الميداني الحربي في حلب وريفها، أنتجت خلالها مئات التقارير والقصص الإنسانية، وكذلك الرسائل المباشرة، إضافة لفيلم وثائقي طويل عن الشمال السوري بعنوان “منطقة آمنة”.
المصدر: زمان الوصل
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=88239