تحدث أحد الضباط السوريين السابقين عن تفاصيل تتعلق بأول محاولة انقلاب على رأس النظام السابق “حافظ الأسد” والذي كان قد استولى على الحكم في سوريا عبر انقلاب أيضاً وذلك في تشرين الثاني عام 1970.
حيث يروي هذه القصة الملازم أول “أسعد عبد الله الجمعة” وهو من بلدة السفيرة بريف حلب، وكان قد التحق بالكلية الحربية في حمص عام 1968، وتخرج منها بعد عامين برتبة ملازم.
وعمل بعدها “الجمعة” ضابطاً للعمليات في اللواء (43) دبابات التابع للفرقة التاسعة في منطقة جباب، وفي عام 1973 بدأ “الجمعة” مع عدد من زملائه بتنظيم أنفسهم والتكتل ضمن مجموعات مؤلفة من 6 ضباط للتخطيط والعمل على الانقلاب على هذا النظام، حيث أن الأمر كان حينها بمنتهى الحساسية والخطـ.ورة.
وخاصةً أن “حافظ الأسد” كان قد أحكم سيطرته على البلاد بالحديد والنـ.ار، كما كان قد زرع مخابراته في كل القطع والثكنات العسكـ.رية ليراقبوا حركات الضباط والأفراد، تحسباً لأي حركة ضده.
ويقول “الجمعة” بأن اجتماعات المخططين للانقلاب كانت تجري بسرية تامة من خلال لقاءاتهم في نادي الضباط بدمشق، دون ذكر أي شيء عن التنظيم، والتحرك بحـ.ذر شـ.ديد في الليل وحتى في مناطق خالية أغلب الأحيان.
حيث لم يتم تحديد ساعة الصفر للبدء بالانقلاب، لأن المخططين له كانوا ضباطاً صغاراً في السن، وليسوا من القادة أو ذوي الرتب العالية، وكانوا ينتظرون اكتمال تنظيمهم من كل النواحي ليبدؤوا مخططهم الذي يهدف لقلب النظام والاستيلاء على السلطة.
كما تم الاتفاق مع عدد من الطيارين وقادات الوحدات الجوية سراً، لاعتقـ.ال الضباط الموالين للنظام من مختلف الرتب والسيطرة على قيادة الأركان العامة، غير أن الأمور لم تسر كما كان مخططاً لها.
ويقول “الجمعة” أنه بعد تهيئة ضابط برتبة رائد يدعى “وليد السقا” وموافقته على الإشراف على عملية الانقلاب، حيث تواصل “وليد السقا” بدوره مع ضابط مسرح يدعى “زياد ملص” في دمشق، ولكن الأخير كشف مخطط الانقلاب لرئيس فرع المخابرات الخارجية المقدم “طلعت جميل”.
حيث طلب “طلعت جميل” اجتماعاً عاجلاً مع بعض الضباط الذين يخططون للانقلاب في أحد البيوت في دمشق، وفعلاً انعقد الاجتماع الذي حضره الرائد “وليد السقا” وملازم أول يدعى “غياث عياش” والضابط المسرح “زياد ملص”، لتأتي عشرات العناصر من المخابرات ويطوقوا المكان ويعتقـ.لوا جميع المجتمعين فيه، حيث كان من بينهم 48 ضابطاً وستة مدنيين وخبير فني تمكن من الفرار بأعجوبة بعد اعتقـ.ال “زياد ملص” معهم.
وأكد “الجمعة” أنه كان مدعواً للاجتماع المذكور، ولكنه اعتذر عنه بسبب مهامه وانشغاله كضابط عمليات في اللواء 43 دبابات، حيث اقتيد الجميع إلى سجن المزة العسكـ.ري فوراً للتحقيق معهم.
إلا أن الرائد “وليد السقا” اعترف على “أسعد الجمعة” في اليوم التالي من التحقيق جراء التعـ.ذيب، حيث جاءت عناصر المخابرات في اليوم التالي برفقة رائد في المخابرات، وتم اقتياد “الجمعة” إلى أحد أفرع المخابرات في دمشق.
وبعد ساعة من الزمن اقتيد “الجمعة” ثانيةً إلى سجن المزة العسكـ.ري حيث وضع في الزنزانة، وبعد يومين من التعـ.ذيب، عرض على رئيس لجنة التحقيق “ناجي جميل”، الذي حقق معه عن تفاصيل مخطط الانقلاب ومن الأشخاص الذين ضمهم إليه.
وكان من بين الأشخاص الذين حققوا معه “طلعت جميل” شقيق رئيس لجنة التحقيق القاضي “ناجي جميل”، والعقيد “عدنان دباغ” من محافظة حلب، و”رفعت الأسد” وآخرين لم يعرفهم، وبعد 47 يوماً تم تقديمهم للمحاكمة الميدانية، وكان يرأس المحكمة الميدانية حينها العميد “حسن تركماني” والعميد “جلال الجهني” والمقدم “حسن قرصا”.
وتم الحكم على جميع الضباط والموقوفين في محاولة الانقلاب هذه، بالإعـ.دام والسجن المؤبد، فيما بعضهم حكم عليه 20 عاماً، وبعضهم بأحكام أخف وصلت لعام واحد، أما “الجمعة” فتم الحكم عليه بالإعـ.دام، ومن ثم خفضت العقـ.وبة إلى المؤبد، ومن ثم إلى 20 عاماً، إلا أنه قضى منها فقط 11 عاماً ومن ثم أفرج عنه في عام 1984.
ليعود بعد ذلك إلى بلدته السفيرة بريف حلب، ولكنه كما يقول كان قد تم وضعه تحت الإقامة الجبرية، كما كان مراقباً من قبل أقاربه وإخوته قبل أن يراقب من قبل النظام، ومن ثم هرب من سوريا إلى دولة أوربية حيث يعيش هو الآن.
المصدر: مدونة هادي العبد الله
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=93092