أسست مجموعة من خريجي الجامعات السورية والألمانية من السوريين جمعية للأكاديميين بالتعاون مع الجامعات الألمانية من أجل العودة إلى الوطن والشروع في البناء والاعمار.
DW عربية كانت معهم
جهاد النجار شاب سوري يبلغ من العمر 35 ربيعا يعيش في ألمانيا منذ ما يزيد عن السنتين. وكالعديد من أبناء وطنه فضّل مغادرة وطنه سوريا متجها نحو المهجر الألماني مكرها كما يقول:” قررت الفرار من دمشق إلى تركيا فألمانيا حيث أنا الآن من أجل حياة أفضل بعيدا عن جحيم الحرب والمستقبل المجهول.” جهاد الحاصل على ماجستير في الهندسة المعمارية عمل مهدنساً معمارياً في مدينة دمشق لدى شركة بناء خاصة إلى أن وضعت الحرب أوزارها في كل أرجاء البلاد فأتت على الزرع والضرع ما أدى إلى أزمة اقتصادية حادة قادت إلى انهيار الشركة ففقد إثرها عمله ككثير من الأكاديميين في وطنه، كما يقول.
ومن مهندس معماري في سوريا يتحول الشاب الثلاثيني إلى عامل في إحدى المطاعم بالعاصمة الألمانية برلين. وحول وضعه كخريج جامعة يتمتع بتجربة عملية في قطاع الهندسية المعمارية يقول الشاب الوسيم:” صحيح أن عملي في المطعم لا يعكس تكويني الجامعي، لكن يتعين علي أن أعمل للحصول على المال.”
دخل الشاب السوري من عمله محدود، ومع ذلك يقوم بتحويل بعض منه إلى عائلته في العاصمة السورية دمشق، والتي يصفها بأنها” في أشد الحاجة إلى المال”. ويضيف المهندس الشاب القول إنه يعرف كثيرا من السوريين من خريجي الجامعات السورية من مختلف المجالات العلمية كالطب والصيدلة…يعيشون في برلين كلاجئين ويعملون أعمالاً لا تعكس مستواهم العلمي، ويمضي قائلا:” أعرف شخصيا أطباء وصيادلة ومهندسين في الهندسة المدنية وفنانين يعيشون هنا في برلين في مبيتات جماعية، في الوقت الذي تحتاج فيه سوريا لمثل هذه الطاقات ، أكثرهم يريدون العودة من أجل بناء ما دمر.” رغم أنّ حياة جهاد آمنة في ألمانيا إلا أن رغبته جامحة من أجل المشاركة في اعادة اعمار وطنه الذي دمرته حرب طال أمدها ،ويمضي يقول:” هنالك الكثير من خريجي الجامعات من السوريين، سواء كانت جامعات سورية أو ألمانية ينتظرون الوقت المناسب للعودة إلى سوريا للانطلاق في حملة إعادة الإعمار.”
طاقات علمية سورية في ألمانيا حان وقت الاستفادة منها
“بعثنا الجمعية السورية لخريجي الجامعات الألمانية في برلين من أجل لم الأكاديميين السوريين المتخرجين من الجامعات الألمانية في فضاء ملائم قصد توظيفهم عاجلا في برنامج البناء في الوطن مباشرة أو عن بعد من ألمانيا.” هكذا انطلق الدكتور عبد الغني ماء البارد يتحدث إلينا حول الجمعية التي قام بتأسيسها بحلول عام 2017 والتي أطلق عليها اسم “سادو نات”.
الدكتور عبد الغني درس الصيدلة في ألمانيا وعقب الحصول على درجة الدكتوراه عاد إلى سوريا ليدرس مادة علوم الصيدلة في جامعة دمشق ليشغل لاحقا منصب عميد جامعة دمشق. ويقول الدكتور في حديثه إن عددا لا يستهان به من السوريين حاصلون على شهادات علمية جامعية في ألمانيا يتمتعون بمناصب علمية مرموقة في الجامعات والمستشفيات والشركات الألمانية. من خلال تأسيسه لهذه الجمعية سعد الاكاديمي السوري الى الوصول إلى النخبة السورية في المهجر الألماني والتي يتوسم فيها قدرات علمية هامة من شأنها أن تمد يدها لبني جلدتها من الأكاديميين السوريين المتخرجين من الجامعات السورية، و يقول في هذا الشأن:” نريد من خلال استقطاب الأكاديميين السوريين في ألمانيا الاستفادة من تجاربهم الثرية ومؤهلاتهم المتعددة في شتى الحقول العلمية التي اكتسبوها في خططهم كأساتذة جامعيين أو أطباء في ألمانيا…وتقديمها إلى نظرائهم من بني وطنهم المتواجدين في المهجر الألماني.” أكد لنا الدكتور في مجرى حديثه على ضرورة الاستعانة بالقدرات والمؤهلات السورية المنتشرة في ربوع ألمانيا، ويضيف الدكتور عبد الغني ماء البارد يقول:” هنالك ردود فعل إيجابية من قبل هؤلاء، كثر هم من أعربوا عن رغبتهم واستعدادهم في تكوين وتأهيل الأكاديميين السوريين من اللاجئين في مختلف الاختصاصات سيما منها المتعلقة بأعداد الأساتذة الجامعيين تربويا، وخاصة علم الديتكتك، ليتسنى لهم التدريس في الجامعات السورية”. حماس وتعاون النخبة السورية في المانيا ساعد على إنشاء هذه الجمعية التي باتت تمثل بيت الأكاديمي السوري.
تعاون ثري ومثمر مع الجامعات الألمانية
تسعى الجمعية السورية من خلال عملها الدؤوب في برلين إلى تكثيف عملها مع الجامعات الألمانية. ويفيد الدكتور ماء البارد حول تجربته مع الجامعتين البرلينيتين فقال:” تجربتنا مع جامعتي برلين التقنية والحرة إيجابية جدا. تقدم لنا هاتان الجامعتان مساعدات معتبرة تتمثل في توفير أساتذة جامعيين يسهرون على تكوين الأكاديميين السوريين من خلال ورشات عمل وحلقات تكوينية علمية يتم تنظيمها في هذا الصدد. كما توفر الجامعتان في العاصمة الألمانية للجمعية السورية قاعات للتدريس والاجتماعات. التجربة الإيجابية في برلين جعلت الجمعية تمتد في المقاطعات الألمانية الأخرى، كما قال لنا الدكتور عبد الغني:” النخبة السورية لا تقتصر على العاصمة برلين فحسب بل هي منتشرة في ربوع التراب الألماني، لذا بادرنا في الاتصال بالجامعات الألمانية مثل جامعة كولونيا وغيرها من الجامعات الألمانية الأخرى ليتسنى للأكاديميين السوريين من المشاركة في برنامجنا من أجل إعادة تشييد سوريا.” مؤسس الجمعية الدكتور ماء البارد لفت الانظار إلى أن جمعيته لا تحصل على دعم مالي من أي كان عدا المشاركات الرمزية التي تحصل عليه الجمعية من قبل الناشطين فيها.
تمد الجمعية يدها لكل من يرغب في المساعدة الميدانية في عين المكان أو انطلاقا من ألمانيا من خلال فئة خريجي الجامعات “الراغبين في الدخول في معترك الحياة السورية العويص وإن فضاء الجمعية مفتوح للجميع بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.” على حد وصف مؤسس الجمعية
المصدر: DW
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=35918