الفيلق الخامس يتجه لإنتزاع “العلويين” من قبضة الأسد

Amani Kellawi
أخبار العرب والعالم
Amani Kellawi23 أبريل 2019آخر تحديث : الثلاثاء 23 أبريل 2019 - 10:04 مساءً
الفيلق الخامس يتجه لإنتزاع “العلويين” من قبضة الأسد

تركيا بالعربي

كشفت مصدر سوري خاص عن معلومات تفيد بقيام “الفيلق الخامس” الموالي لروسيا وعبر جناحه السياسي باستطلاع آراء العلويين في سوريا حول مستقبل سوريا بدون رأس النظام “بشار الأسد”.

حيث جاء في المعلومات “إن شخصيات عسكرية من الفيلق الخامس ومدنيين يعتقد أنهم من الجناح السياسي للفيلق الخامس، زاروا خلال الأسبوع الفائت المناطق ذات الأغلبية العلوية”، بحسب موقع “أورينت” المحلي

والذي أوضح أن عسكريي “الفيلق الخامس” كانوا قد التقوا بشخصيات ذات وزن اجتماعي في أوساط هذه المناطق ذات الأغلبية العلـ.وية، وخاصةً في مدينة مصياف ومناطق اللقبة والمحروسة والربيعة ومناطق أخرى بريف حماة الغربي.

كما شهدت مناطق أبو دالية والقطيلبية وطرطوس ومناطق بريف اللاذقية نفس المباحثات في وقتٍ سابق مع العلـ.ويين، وذلك لتقديم تصور خاص بالعلـ.ويين عن مستقبل سوريا، في حال لم يكن لـ “بشار الأسد” أي دور في الحكم لاحقاً.

حيث انتهت الاجتماعات والمحادثات على أساس عقد اجتماعات أخرى في الأيام القادمة، من أجل الحصول على موقف موحد من أبناء المناطق العلـ.وية، وتقديم تصور واحد مبني على رأي الأغلبية من أبناء الطـ.ائفة العلـ.وية في تلك المناطق.

وسبق وصرح عدد من الضباط في صفوف “الفيلق الخامس” خلال الاجتماعات أن روسيا لن تتخلى عن الذين يقطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

كما ألمح أولئك الضباط إلى أن الجانب الروسي استطاع بناء قوة عسكـ.رية على الأرض هي “الفيلق الخامس”، ولديها إمكانات عسكرية ضخمة، لم تعد متوفرة في ثكنات ووحدات النظام العسكرية.

حتى أنه أصبح بإمكان “الفيلق الخامس” الدفاع عن أي منطقة خاضعة حالياً لسيطرة النظام وبمساندة روسية من أي تهـ.ديد بري ومن قبل أي جهة.

وأنهى ضباط “الفيلق الخامس” جولتهم بزيارة عدد من المواقع العسكرية المتقدمة بريف حماة والتقوا فيها قادة المواقع، وتحدثوا عن الأوضاع العسكـ.رية والسياسية الراهنة.

يذكر أن “الفيلق الخامس” بسط سيطرته على كامل المواقع العسكـ.رية المتقدمة في ريفي حماة وإدلب، عقب طـ.رده “الفرقة الرابعة” والميليشيات الإيرانية منها، بعد مواجهات عسكرية كان قد قـ.تل وأصيب خلالها أكثر من 200 عنصر من كلا الطرفين في منتصف الشهر الأول من العام الحالي.

عندما بدأت مرحلة الانحدار الذي قادها الأسد بحركته التصحيحية وجد نفسه وجهاً لوجه مع أبناء تلك الطائفة المسيطرين على مفاصل الجيش وحزب البعث معاً، ما أوحى إليه بالاستفادة من الطائفة لخدمة مشروعه في تحويل سوريا إلى جمهورية عائلية فبدأ بالعمل مع أخيه في الجيش والأجهزة وحزب البعث.

أعاد الأسد الطائفة إلى عشائرها الأولى ووّزع المناصب والمواقع الأمنية بينها مستغلاً فقرها الاقتصادي وبحث أبنائها عن مصدر رزق، ترافق ذلك مع تشكيلات عسكرية طائفية البنية مثل الحرس الجمهوري وسرايا الدفاع وسرايا الصراع وإطلاق يدها في المس برقاب البشر والاقتصاد، هكذا تحول الجيش لأبناء الطائفة من مصدر عيش إلى مصدر ثروة، وبخاصة بالنسبة إلى قيادات تلك التشكيلات الجديدة لنشهد في مسقط رأس كل رمز إمارة إقطاعية عسكرية وقصوراً وخدماً مارس فيها الضباط السطوة والعبودية على أبناء جلدتهم وتحولوا إلى شركاء في دورة الاقتصاد والمال.

ربما كانت دراسة أحد دكاترة جامعة دمشق أصدق دراسة عن تحول الطائفة، جاء فيها (عمل النظام على تجهيل أبناء الطائفة وتدمير ثقافتهم السياسية، يعرف كثير من أبناء الطائفة أن مستوى التعليم في الطائفة انخفض بتأثير الدعوات المستمرة للشباب بالتطوع في الجيش حيث كانت الإغراءات تقدم للشباب برواتب جيدة وامتيازات (سرايا الدفاع سرايا الصراع) لا تقاوم، حتى جاء يوم وقد فرغت المدارس الثانوية من طلابها. هذه هي بعض الخدمات التي قدمها النظام للطائفة: تحويل الشباب إلى عسكر يتراكمون في منطقة الـ 86 وعش الورور وغيرها من الحارات المهملة والضائعة في دمشق. وهؤلاء الآن جميعهم يشكلون طبقة مسحوقة فقيرة معدمة لا حول لها ولا قوة وهم كما يسميهم ماركس حثالة البروليتاريا ونسميها حثالة عسكر النظام الذين فقدوا كرامتهم وحريتهم وتعرضوا لكل أشكال الامتهان والاستغلال والقهر في مؤسساتهم العسكرية. إن إحدى الكوارث الكبرى للطائفة أن النظام عسكرها أي فرغها من أهل الفكر والثقافة والمعرفة. لقد كانت هذه العسكرة أحد المصائب الكبرى لأبناء الطائفة العلوية الفقيرة.

إن وجود نسب كبيرة من أبناء الطائفة في الجيش قصة قديمة ترتبط بأوضاع هذه الطائفة. فأبناء الطائفة العلوية من الفلاحين الفقراء جداً ليس لهم شأن بالصناعة والتجارة أراضيهم فقيرة وقليلة ونظراً إلى هذا الوضع شكل الجيش منذ عهد العثمانيين ثم في عهد الفرنسيين ثم في العهد الوطني مصدر رزق لهم. فالعلويون لشدة فقرهم ينتسبون إلى الجيش ويعيشون من خلال الخدمة فيه ومع الزمن تحول الجيش بحكم العادة والفقر إلى مصدر حيوي من مصادر الرزق والتعيش والتطوع في الجيش أمر مرفوض في أكثر الأحيان من قبل سكان المدن وأهل الحرف والتجارة فالجيش هو عمل من لا عمل له. وهذا استمر في عهد الأسد مع بعض التشجيع فأبناء الطائفة العلوية عندما يتطوعون في الجيش يتطوعون ليس من أجل حماية النظام وليس ارتباطاً بالنظام بل يتطوعون من أجل ضمان عيشهم. ولكن النظام السياسي استغل هذه الظاهرة فجَّيشهم في وحدات عسكرية شديدة الولاء ضمن عمليات غسل دماغ مستمرة تؤله الرئيس وأسرته.)(3).

المضحك المبكي في ذلك التحول هو رموز من منبت طبقي فقير ومعدم أيضا كانت كلها متحمسة مثل قائدها الأسد لحزب البعث وللتحرر وللفقراء، فإذ بهم جميعاً ينسلخون عن ماضيهم وتاريخهم ليصبحوا مثل رموز الإقطاع وربما اسوأ ما عرفته الطائفة.

نكتفي بمثال واحد يكاد يكون نموذجياً: إنه قائد القوى الجوية السابق محمد الخولي، محمد الخولي ابن فلاح فقير معدم من قرية الحصنان في بيت ياشوط من ريف جبلة، لم يتمكن أبوه من تعليمه ونيله الشهادة الثانوية من ثانوية جبلة إلا بصعوبة اضطرته في بعض السنين إلى أن يدور على الفلاحين في القرى المجاورة من أجل مساعدة تمكنه من الاستمرار في إرسال المصروفات اللازمة إلى ابنه في مدينة جبلة لإكمال دراسته.

نال محمد الخولي الشهادة الثانوية وأصبح بفضلها قائداً لجهاز أمن المخابرات الجوية، ومن ثم جمع في مدّة قصيرة ثروة محترمة مكنّته من بناء قصر منيف محل بيته العتيق في القرية جعل سطحه مهبطاً لطيارته وأحاطه بأسوار عزلته عن بيوت الفلاحين التي بقيت على حالها، وفي إحدى السنين بعد حرب تشرين جاء بطائرته إلى القرية صيفاً وكانت حقول الفلاحين مملوءة بمحصول أوراق التبغ المشكوكة في خيوط وموزعة في الحقول حتى تجف، لكن مراوح الطائرة بعثرتها وأتلفتها. حاول الفلاحون الحصول على تعويض منه فصّدهم ورفض دفع قرش واحد لهم، ما دفع بعضهم إلى الذهاب إلى جبلة وإقامة دعوى عليه في السرايا.

المأساة أن كثيراً من أبناء البعث الذين كان فقرهم مدقعاً واغتنوا من خلال نهب الدولة سلكوا السلوك نفسه مع جيرانهم وربما أبشع في حين كان أبناء العائلات الوسطى من حزب البعث أرحم بجيرانهم مثل عائلات الخطيب وعيد وماخوس، ذلك السلوك الذي شهدته شخصياً أوحىإ لي بان مشعل التاريخ هو الطبقة الوسطى وليس الطبقة العاملة وحلفاءها من الطبقات الشعبية التي كانت تقولها الكتب الماركسية.

آل الأسد سبب صعود الطائفة وهبوطها

ربما أضافت التجربة السورية بعداً لم يعرفه غيرها. ففي روسيا البلد الأم كان رمز مرحلة الصعود هو لينين، أما مرحلة الهبوط فقد لزمها رمز جديد هو ستالين، وفي مصر كان رمز مرحلة الصعود هو عبد الناصر وقد لزم مرحلة الهبوط رمز آخر هو السادات. أما في سوريا وعند العلويين فقد قاد مرحلة الصعود والهبوط شخص واحد هو حافظ الأسد.

حافظ الأسد المناضل في حزب البعث منذ أن كان طالباً في ثانوية جول جمال، والمتحمس جداً لقيم العدالة والتحرر والتقدم في بلاده انقلب على مبادئه تحت مغريات كرسي السلطة التي وصل إليها لتصبح فلسفته الجديدة –الإمساك بالسلطة مهما كان الثمن– يروى عن وفد شعبي زار حافظ الأسد لتهنئته بالسلامة –بعد محاولة اغتياله في أوائل الثمانينيات– سماعهم منه قوله: التاريخ صراع على السلطة والله لن أترك السلطة ما دام فيّ عرق ينبض لو لم يبق في سوريا حجر فوق حجر.

حافظ الأسد ابن الحزب التحرري قاد تحويل سوريا إلى جمهورية وراثية، من دون أن يرف له جفن، ليظهر في ذلك التحول تخلف الشرق بأبشع صوره. إن صراع حافظ مع أخيه رفعت لم يصل إلى مرحلة كسر العظم إلّا بعد مرضه وظهور أخيه رفعت طامحاً في الخلافة وتحويل الوراثة إلى نسله ليرث السلطة ابنه دريد بدلاً من باسل، هنا هّب حافظ بعد شفائه من مرضه ليبدو وكأنه فلاح متخلف مستعد لقتل أخيه من أجل شبر أرض يريد أن يورثه لابنه وليس لابن أخيه. ليكمل بعد التخلص من أخيه مشواره الذي بدأه معه على قاعدة توريث السلطة من الأب إلى الابن وليس من الأخ إلى الأخ.

بداية ونهاية

انقلبت تلك المرحلة على العلويين في سوريا من حلم إلى كابوس تحوّلوا فيه من نسيج اجتماعي سوري يحوي كثيراً من قيم التحرر والتضامن والتعاضد والتسامح والانفتاح على الآخر الذي يسير ضمن الاتجاه الإيجابي لحركة التاريخ، إلى مناطق تسودها قيم المصلحة الخاصة والاستفادة من الامتيازات السلطوية التي منحت إليهم، لتظهر فيها عادات التشبيح والزعرنة وكل ما هو فاسد وقد أصبح هّم أبنائها المحافظة على مكاسبهم السلطوية بأي ثمن، هكذا كان حالهم عندما انطلقت شرارة الثورة السورية وكان همهم وما يزال المحافظة على مكاسبهم الجديدة.

إنه مكر التاريخ الذي مشى في تلك المرحلة -ليس في سوريا، بل البلدان المسماة بلدان الديمقراطية الشعبية كلها– على رأسه بدلاً من أن يمشي على قدميه، وأسوأ ما بقي منه حس انتهازي تشّكل مع انحدار “الثوار الاشتراكيين” في مرحلة نهبهم للدولة وجمع ثروتهم على قاعدة من السلطة إلى الثروة بعكس طريق خصومهم من الثروة إلى السلطة الذي لم يشهد ذلك القدر من الانحطاط لأنه تطّلب بعض الجد والاجتهاد في جمع الثروة. وفق مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.

محنة الطائفة العلوية الحالية تنبع من مكر التاريخ هذا الذي حّولهم إلى عصا بيد النظام، والآن وقد أصبح الكوكب موّحداً وضمن سوق واحدة يطلق عليها قرية كونية، انتهى فيها ذلك الطريق الاشتراكي وأصبحت القاعدة هي الانطلاق من مكونات المجتمع من الأسفل إلى الأعلى، فإن محنة الطائفة لن تنتهي إلا بعودتهم ليشاركوا في بناء مجتمعهم بما يؤهلهم حجمهم في هذا النسيج الذي لا يتجاوز 13 في المئة وهو ما يعني فقدان امتيازاتهم السلطوية وهم لا يستطيعون تصور ذلك.

المصدر: هيومن فويس

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.