الانتخابات البلدية في تركيا وأهميتها.. بقلم محمد قدو الافندي
شملت التعديلات الدستورية التي وافق الناخبون الأتراك عليها عام 2017 ثمانية عشر مادة دستورية ، وأهمها اعتماد النظام الرئاسي في الحكم بدلاً من النظام البرلماني الذي كان سائداً منذ ولادة تركيا الحديثة عام 1923.
يمثل النظام الرئاسي الجديد تغييراً جذرياً في بنية وشكل الحكم الذي أرسي منذ ولادة الجمهورية التركية في بدايات القرن الماضي أي قبل أكثر من تسعة عقود
فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه، العدلة والتنمية، في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت يوم 24 يونو/حزيران 2018 ودخل النظام الرئاسي الذي تم التصويت عليه أواسط عام 2017 حيز التنفيذ .
أن رئيس الجمهورية في النظام الجمهوري يكتسب صلاحيات رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية معا , كما يستحدث منصب نائب رئيس الجمهورية ويقوم الرئيس بتعيينه وتعيين الوزراء.
كما يتولى رئيس الجمهورية إعداد موازنة الدولة وتعرض على البرلمان لاعتمادها وإذا رفض البرلمان إعتمادها تبقى موازنة العام السابق معتمدة وسارية المفعول.وأيضا هو من يقوم بتعين مسؤولي الدرجات الخاصة كرؤساء الجامعات والقضاة , ومن حقه أيضا اعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد أو بعض الولايات .
اما البرلمان فقد فقد اهم سلطاته وهو استجواب الوزراء بصورة مباشرة والاستعاضة عنها بأنشاء لجان تحقيق وطرح الاسئلة والاستجوابات من خلالها ومناقشة القضايا على أن تتم الردود على تلك الاستفسارات من قبل الوزراء ونائب الرئيس خلال خمسة عشر يوما
يحق للبرلمان الدعوة إلى انتخابات مبكرة بموافقة 360 صوتا. كما يحق للرئيس الدعوة إلى انتخابات مبكرة.
ومن هنا نرى أن الانتخابات البلدية تكمن اهميتهافي تقليص مهمات البرلمان واعطاء معظم صلاحياتها الى الجهة التنفيذية المباشرة المتمثلة برئاسة الجمهورية .
ولرؤساء البلديات ابلغ الاثر في التعبير عن توجهات الاحزاب التي يمثلونها في النواحي الانسانية والخدمية والاجتماعية وتعتبر نقطة الاتصال الاولى للاحزاب بمواطنيها كما تعتبر خير دليل على مستوى كفاءة كوادر الحزب وبنفس الوقت تعكس دقة اختيار الاحزاب لممثليها في النزالات الانتخابية .
فالبلديات هي التي تقوم بمهام تطوير المدن وتنظم حركة النقل الداخلي كما تتولى مسؤولية انشاء البنى التحتية وتخطط لتطوير خطوط توزيع الكهرباء وشبكات المياه والصرف الصحي وخدمات التنظيف والصحة العامة اضافة الى تخطيط الطرق والانفاق والاسواق والمناطق الصناعية الانتاجية والخدمية الانية .
ولها نشاطات اخرى في كافة مراحل التعليم حيث تقوم بأنشاء مجالس الطلبة وكذلك تقوم بتوفير كافة مستلزمات انجاح النشاطات الثقافية للطلبة الجامعيين خصوصا , كما انها تساهم بشكل فعال في تيسير كافة وسائط النقل وحسب الامكانيات والتصورات لكافة طلاب المارس والجامعات , وحتما هي تشرف على الفعاليات الاجتماعية والدينية في الولاية .
وفي كلمة امام جمع من الحاضرين لمؤتمر القمة الدولية للمدن والمنظمات غير الحكومية في اسطنبول في عام 2017 قال بأن البلديات في تركيا هي سر بقاء السلطة باعتبار أن الديمقراطية تبدا من مراكز الحكم المحلية .
أذن فان التاكيد على أن الانتخابات المحلية هي الانتخابات الثانية الاكثر اهمية بعد الانتخابات الرئاسية في تركيا هي حقيقية وواقعية .
من الطبيعي ان ننوه أن الى أن حزب العدالة والتنمية قد كسب الجولات السابقة في تسع وأربعين ولاية واهم البلديات التي تسيطر عليها هي اسطنبول وانقرة وغازي عنتاب ويأتي حزب الشعب الجمهوري في المرتبة الثانية بحصوله على بلديات ثلاثة عشر ولاية ومنها ازمير معقل حزب الشعب الجمهوري أضافة الى أدرنة واسكي شهير .
وحقيقة ان اكبر المنافسين في هذه الانتخابات المهمة هما حزب العدالة والتنمية مع حزب الشعب الجمهوري وتكمن اوج عظمة التنافس في المدن الثلاث وهي :
اولا : اسطنبول
منذ عام 2002اصبحت هذه المدينة هي قبان الامان لحزب العدالة والتنمية متمثلة بشخص رئيس بلديتها الذي كان رئيسا لها قبل ذلك التاريخ منذ أيام الزعيم اربكان , لكن هذه المدينة اعطت الضوء الاصفر في الانتخابات التشريعية والرئاسية بعد أزدياد نفوذ احزاب اخرى في المدينة ولذا فأن حزب العدالة سيراهن من جديد على المدينة بعد تسمية رئيس البرلمان ورئيس الوزراء السابق الاخير كمرشح للحزب في المدينة .
ثانيا : انقرة
لاشك أن التنافس سيكون على اشده بين حزب الشعب وحزب العدالة في تلك المدينة رغم أن مرشح حزب العدالة يتمتع بشعبية مقبولة وعالية جدا .
ثالثا : ازمير
هذه المدينة التي تقع في اقصى الجنوب الغربي التركي تقريبا وعلى بحر ايجه تعتبر من اهم معاقل حزب الشعب الجمهوري في كافة الانتخابات التشريعية التي حدثت في تركيا منذ عشرات السنين , ورغم ان الكثير من المراقبين لايرون تغييرا في توجهات المدينة الانتخابية ألا ان المدينة تعاني تراجعا في نسبة الانجازات مقارنة مع غيرها من المدن التي يترأسها رؤساء بلديات من حزب العدالة , فمن الممكن القول أن المدينة ربما ستكون واجهة السياح الاولى بعد أسطنبول لو استغلت بشكل عملي تلك المراكز الترويجية السياحية , لأنها تتمتع بقدرات هائلة من تلك المراكز السياحية اضافة الى جوها المعتدل .
أن اي تغيير في توجه هذه المدن الثلاثة الانتخابية ستكون عاكسة لمدى شعبية الاحزاب بصورة شاملة وربما من خلالها ستعيد تلك الاحزاب الى ترتيب أوراقها واولياتها وسياساتها وذلك في نهاية الشهر الحالي
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=90864