تحتل مدينة إسطنبول حيزا كبيرا في وجدان المواطن التركي، وذلك للاعتبارات التاريخية والدينية التي تمثلت في تحقيق الوعد النبوي بفتح المدينة على يد السلطان العثماني محمد الفاتح عام 1453م، وما تيع ذلك من المظاهر الحضارية التي عاشتها الدولة العثمانية في عز سلطانها والأهمية التي رافقت ذلك، وبعده في زمن الجمهورية التركية الحديثة التي نقلت العاصمة لتكون في أنقرة، إلا أن ذلك لم ينقص من قدر إسطنبول شيئا.
وما زالت المدينة تحظى باهتمام شعبي ورسمي لما لها من دور كبير في تحديد وجه السياسة الداخلية التركية، وشكل التشكيلة الحاكمة في البلاد. فمع اقتراب موعد الانتخابات التركية الحاسمة في 24 حزيران الجاري، تتصدر المقولة الشهيرة “من يفوز بإسطنبول، سيفوز بتركيا”، وعليه تسعى الأحزاب المتنافسة إلى حسم نتيجة مدينة إسطنبول لصالحا بما يضمن لها الفوز غالبا في الانتخابات.
أرقام ومعطيات
ارتبطت مسيرة الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان بمدينة إسطنبول، عندما حقق أول نجاحاته السياسية بالظفر بمنصب رئيس بلدية إسطنبول الكبرى عام 1994، وحقق نجاحا كبيرا فيها ما أعطاه رصيدا كبيرا في مسيرته السياسية مع حزب العدالة والتنمية منذ عام 2001، وبقيت نجاحاته خلال رئاسته للبلدية مثالا يضرب في كل مناسبة انتخابية.
إعلان
ومنذ فوز العدالة والتنمية في أول انتخابات له عام 2002، حافظ الحزب على الفوز بمدينة إسطنبول حتى آخر انتخابات برلمانية عام 2015، والتي حصل فيها على حوالي % 48.7 من أصوات الناخبين في المدينة. ولم تستطع المعارضة الفوز بمدينة إسطنبول حتى اللحظة.
إذ يبلغ عدد سكان إسطنبول أكثر من 15 مليون نسمة، من أصل عدد سكان تركيا البالغ عددهم أكثر من 80 مليون. ووفقا لأرقام اللجنة العليا للانتخابات فإن عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في انتخابات 24 حزيران في مدينة إسطنبول يبلغ 10 ملايين و559 ألف و686 ناخب، ثم تليها العاصمة أنقرة بنحو 4 ملايين ناخب من مجموع 59 مليون ناخب على مستوى البلاد.
المشاريع العملاقة التي تم إنجازها في المدينة مثل الجسر الثالث ونفق مرمراي الذي يمر من تحت مضيق البسفور، ومشروع المطار الثالث الذي سيفتتح نهاية العام الجاري، بالإضافة إلى الاستثمار الكبير في البنى التحتية تشكل الحصان الذي سيحمل العدالة والتنمية للفوز في الانتخابات القادمة، وفقا لتوقعات الأروقة الداخلية في الحزب.
إعلان
التركيبة السكانية
وللتركيبة السكانية في إسطنبول خصوصية عن باقي المدن التركية، فغالبية سكان المدينة هم من المهاجرين من المدن الأخرىالذي انتقلوا للعيش فيها للعمل او الدراسة واستقروا فيها على مدار تاريخ الجمهورية، وشهدوا القفزات التي تحققت فيها، ما يجعلهم متابعين لنهضة قلب الدولة النابض. ومن المهم الإشارة إلى أن غالبية هؤلاء السكان لهم ارتباطات عائلية في مدنهم الأصلية ما يعني قدرتهم على التأثير أيضا في أصوات أقربائهم في المدن الأخرى.
إعلان
هذه المعطيات تفصح عن أسباب كثافة الحملات الانتخابية الكبيرة التي تنظمها الأحزاب التركية في إسطنبول، وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية الذي يعتمد بشكل كبير على رصيده من التنمية التي تركها في المدينة خلال 16 عاما من الحكم، لتكون العنوان الرئيسي في حملته الانتخابية. وهذا هو الحال أيضا لباقي الأحزاب التي ترى في إسطنبول اول الحصون الانتخابية التي يجب الفوز بها قبل الوصول للقصر الجمهوري والبرلمان.
ويشار إلى أن المواطنين الأتراك سيتوجهون يوم 24 حزيران الجاري لانتخاب برلمان جديد ورئيس لأول مرة وفقا للتعديلات الدستورية الجديدة التي حولت نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، والتي أقرت في استفتاء شعبي عام 2017، كانت لإسطنبول كلمة الفصل فيه.
TRT العربية
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=58254