رُسمت حدود محافظة إدلب بعد الانتهاء من تثبيت نقاط المراقبة التركية في محيطها على خطوط تماس سيطرة قوات الأسد، وكان آخرها على الخاصرة الغربية “الساخنة” التي استحوذت على المشهد الميداني مؤخرًا بقصف روسي لا يهدأ رافقته إشاعات عن تجهيزات لعمل عسكري من قبل قوات الأسد.
وجاء تثبيت النقاط بصورة متسارعة، بالتزامن مع محادثات “أستانة9” بين النظام والمعارضة برعاية الدول الضامنة، والتي أكدت في بيانها الختامي على حماية مناطق “تخفيف التوتر” والاستمرار فيها، خاصة في إدلب التي غدت الخزان الرئيسي للمعارضة.
ومنذ مطلع العام الحالي ركز الجيش التركي في انتشاره بإدلب على اختيار المناطق “الاستراتيجية” للتثبيت فيها، اعتمادًا على قربها من نفوذ قوات الأسد وحليفته روسيا أو الجغرافيا التي تشكلها من حيث الارتفاع والإطلالة العسكرية.
إطلالة على ثلثي الغاب
تعتبر منطقة الغاب في الريف الغربي لإدلب من المناطق المهمة على المستوى العسكري والاقتصادي، وحاولت قوات الأسد في السنوات الماضية التقدم فيها على حساب فصائل المعارضة لكنها لم تنجح، كما شنت الأخيرة عدة معارك دون أن تحرز تقدمًا.
منذ مطلع نيسان الماضي، دار الحديث عن نية قوات الأسد التوغل في سهل الغاب بجبهة تمتد حتى جسر الشغور، إلى أن ثبت الجيش التركي النقطة 11 في جبل شحشبو، لتغلق الأحاديث عن عملية عسكرية مرتقبة.
القائد العسكري في “جيش النصر”، كوجان سوعان، والمنحدر من قرى جبل شحشبو قال لصحيفة عنب بلدي إن الجبل يعتبر امتدادًا جغرافيًا على ثلثي سهل الغاب من الجهة الغربية، ويلاصق جبل الزاوية من الطرف الشمالي، ويشرف من الجنوب على مدينة قلعة المضيق التي تحولت مؤخرًا إلى صلة النظام بالمعارضة.
ومن الشرق يطل شحشبو على قرى منطقة الطار ويقدر عدد سكانه بحوالي 40 ألف نسمة يعتمدون في معيشتهم على الزراعة وتربية المواشي.
وأضاف سوعان أن أهمية شحشبو تأتي من شقين: الأول اقتصادي استنادًا على الزراعة وتربية المواشي التي يشتهر بها سكانه، والآخر عسكري يعتمد على موقعه الاستراتيجي، حيث يطل بشكل مباشر على مواقع قوات الأسد من عدة اتجاهات، وحاولت روسيا في الأشهر الماضية التوصل لاتفاق يقضي بدخوله بموافقة الأهالي لكنها لم تفلح.
وبحسب القيادي العسكري، تمركز الجيش التركي في قرية شير المغار التابعة للجبل، ونشر مدرعات وآليات بلغ عددها 150، لافتًا إلى أن أهمية نقطة المراقبة تأتي من أنها تربط القرية المذكورة مع جميع قرى شحشبو.
النقطة الأخيرة تغلق في جسر الشغور
في حديث سابق مع المستشار العسكري في “الجيش الحر”، إبراهيم الإدلبي، قال إن خريطة إدلب وريفها رسمها تثبيت النقاط التركية، مضيفًا “نستطيع القول إن الحرب انتهت بين الثوار وقوات الأسد في المنطقة بشكل نهائي”.
وبحسب الإدلبي، “تلتزم روسيا مع إيران والنظام السوري بمنطقة شرق السكة بشكل مبدئي”، متحدثًا عن دوريات متنقلة تركية- إيرانية- روسية، تمسك زمام الأوتوستراد الدولي حلب- دمشق، على أن تمتد المنطقة التي تخضع للنفوذ التركي من جرابلس مرورًا بريف إدلب الغربي، ووصولًا إلى نقاط تمركزها في الساحل.
لم تمض أيام على نشر النقطة 11 حتى دخل الجيش التركي بعشرات الآليات العسكرية وثبت النقطة 12 في قرية العالية بمحيط مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي.
عضو “مجلس محافظة الحرة”، مصعب الأشقر عرض أهمية النقطة 12، وقال إنها تشرف بشكل مباشر على منطقة سهل الغاب، وخاصة القسم الشمالي منه والمعروف إداريًا بناحية الزيارة.
وأضاف أن النقطة تواجه نقاط تمركز قوات الأسد في قرى البحصة وفورو، وهي على مقربة من معسكر جورين ذائع الصيت، وهو أكبر قواعد الأسد غربي حماة، حيث تقدر المسافة بين النقطة التركية ومعسكر جورين بأقل من 15 كيلومترًا.
“كورنيت” الأسد إلى الواجهة
“المرصد عشرين” الذي يرصد مساحات واسعة في الريف الغربي لحماة أكد على حديث الأشقر، لكنه أشار إلى استمرار القصف الجوي على الأحياء السكنية في المنطقة، معتبرًا أن وقف إطلاق النار لم يطبق حتى اليوم.
وقال المرصد إن القصف يستهدف ريف جسر الشغور وقرى سهل الغاب، ويرافق ذلك قذائف صاروخية ومدفعية من قواعد متطورة نصبتها قوات الأسد بالتزامن مع تثبيت نقاط المراقبة التركية في قرية الحاكورة والمناطق المحيطة بها.
وشهد الأسبوع الماضي استهدافات من قبل قواعد قوات الأسد الصاروخية لمدنيين، أغلبيتهم من نازحي ريف حمص، ما أدى إلى مقتل العشرات وقطع الطرقات على المارة بين قريتي القاهرة والزيارة.
وبحسب المرصد كان القصف على مرأى القوات التركية الموجودة في النقطتين 11 و12، كما أن الطيران الحربي السوري لم يهدأ رغم تثبيت النقاط، ونفذ عدة غارات بالقرب منها، بينها على قرية العالية على مسافة أقل من 800 متر من وجود الجيش التركي.
وقال قائد كتيبة “م.د” في “جيش النصر”، الملازم إياد أبو المجد، إن “الكورنيت هو أطول أنواع الصواريخ قياسًا ببقية الصواريخ المستخدمة لدى النظام”.
وأضاف لعنب بلدي أن الجيل الذي يمتلكه النظام واستخدمه في السنوات السابقة يصل مداه إلى 5500 متر، في حين أن الصواريخ المستخدمة مؤخرًا تم تحديثها من قبل روسيا، وبإمكانية إطلاق صاروخين معًا وقيادتهم حتى الهدف الذي يصل حتى عشرة آلاف متر.
وأشار أبو المجد إلى أن النظام بدأ يستخدم أسلوب الفصائل بالاستهداف، أي أنه لا يثبت قاعدة الصواريخ في مكان واحد، ما يقلل احتمالية اكتشافها وتدميرها.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=54527