تجّار يقلدون منتجات سوريّة معروفة ويطرحونها في الأسواق التركية

Alaa
تركيا والعرب
Alaa19 أبريل 2017آخر تحديث : الأربعاء 19 أبريل 2017 - 4:32 مساءً
تجّار يقلدون منتجات سوريّة معروفة ويطرحونها في الأسواق التركية

دفعت موجات لجوء السوريين إلى تركيا، وحاجتهم لمنتجات اعتادوا عليها لم يجدوها في “البلد الغريب”، عددًا من “التجار الجدد” وأصحاب رؤوس الأموال إلى إنتاج غذائيات تقلّد في اسمها المنتجات السورية المعروفة لدى السوريين، وطرحها في الأسواق، استثمارًا للطلب الشديد لها، وتأسيسًا لتجارة جديدة في المغترب، لكن على حساب شهرة المنتجات الأصلية في سوريا.

“شيبس” و”بسكويت” بأنواع متعددة، إلى جانب عددٍ من المعلّبات، حملت أسماء منتجات سورية دون أن تحظى بجودتها أو مذاقها، لتغدو سلعة رائجة في السوق السوري- التركي، بسعر أرخص (بالنسبة للسوريين) قياسًا بالمنتجات الأخرى.

عدم وجود تسجيل وحماية للماركات الأصلية السوق التركي، كان حجة تذرع بها المنتجون “المقلدون” لتبرير العملية. عنب بلدي تواصلت مع تجار سوريين أصحاب ماركات أصلية، وآخرين امتهنوا التقليد، وغدت تجارتهم على مستوىً تجاري واسعٍ في تركيا.

المنتج الأصلي يقاضي بالحماية الدولية

“ديربي” كان من المنتجات السورية التي تعرضت للتقليد، إذ استغل عدد من التجار الاسم الرائج في سوريا لبطاطا “الشيبس” الشعبية، لطرح نسخة مطابقة عنه. وانتشرت البضاعة “المقلدة” بشكل كبير في المحلات السورية في تركيا، وحملت الاسم ذاته مع تعديل طفيف، كإضافة كلمة أو حرف للاسم الأصلي.

البداية الأولى لـ”الشيبس” في تركيا كانت للمالك الأصلي، شركة “كعدان وعفش”، من مدينة مرسين، وبعد أن لاقت إقبالًا كبيرًا بدأت المنتجات الشبيهة “المزورة” بالانتشار في الأسواق، الأمر الذي استدعى تدخلًا من المالك الأصلي، الذي يحمل شهادة دولية للمنتج.

عنب بلدي تحدثت مع مدير الشركة (كعدان وعفش)، حسام كعدان، وعرض في البداية المراحل الأولى لتأسيس المصنع (ديربي) خارج سوريا في مدينة عمان الأردنية عام 2011، تحت اسم “شركة العادل”، بعد أن ولدت في سوريا عام 1979 من قبل التاجرين الحلبيين عادل عفش وحسين كعدان.

وعرف المنتج بكيسه الأحمر ورسم “سوبرمان” عليه، كما احتلت الرقم 1 في السجل الصناعي في سوريا.

وقال كعدان إنه “تم التواصل مع الشركة المزورة (داديخي)، إلا أنها لم تتجاوب نهائيًا، ما اضطره للجوء إلى القضاء التركي، وذلك اعتمادًا على شهاده الحماية التركية التي تحملها الشركة”.

ومايزال التاجر الحلبي ينتظر رد القضاء حتى الآن، موضحًا أن منتج “داديخي” الذي يحمل اسم “ديربي الأصلي”، مزور ولا يحمل أي شهادة حماية من الحكومة التركية، إذ يعتمد في منتجه على طلب تسجيل فقط، “وقامت شركة ديربي الأصلية بالطعن فيه قضائيًا”.

وحاولت عنب بلدي الاتصال مع أصحاب المنتجات المقلّدة للديربي، إلا أنها لم تستطع التواصل معهم.

وأكد كعدان أن “المنتج المزوّر ينتشر على مستوى ضيق، ولا يؤثر على سوق الشركة الأصلية نهائيًا، لكنّه لا يملك أي حماية تركية، وهذا واضحٌ ومثبت في دائرة الحماية التي نتابعها دائمًا”.

وتستهدف عملية التقليد الأصناف المعروفة على مستوىً دولي، فالأمر ينسحب على بقية المنتجات، كماركات الشاي “السوري” الذي غزا بأنواعه السوق، إلى جانب المرتديلا والمعلبات الغذائية، عدا عن القهوة والمتة وتوابعها، ليتحول السوق التجاري إلى وسط للاعبين التجاريين الجدد.

المقلّد يبرر ويرفض الكشف عن اسمه

خلال البحث في ظاهرة المنتجات غير المحمية في تركيا، تواصلت عنب بلدي مع تاجر يملك إحدى شركات البسكويت، المعروفة بشكل كبير لدى السوريين في تركيا، للوقوف على الذرائع والآليات التي يمضي بها في تصنيع منتجه وطرحه في الأسواق، على الرغم من وجود مالك أصلي للاسم المستخدم. وافق الحديث إلينا شرط عدم ذكر اسمه أو الشركة التي ينتج بها.

يقول التاجر السوري “قبل البدء بإطلاق أي ماركة أو منتج معين في تركيا يجب أن يكون العمل نظاميًا، تجنبًا لأي مساءلة قانونية من قبل الحكومة التركية”، مؤكدًا أن “أغلب التجار العاملين في تركيا لا يعملون بشكل رسمي ونظامي”.

وأضاف التاجر “عندما يكون عمل صاحب الماركة نظاميًا وقانونيًا عن طريق مراجعة الدوائر الحكومية المسؤولة في تركيا، وإخراج رخصة عمل للمصنع والمنتج، إضافةً إلى تسويقه، فلا يوجد قدرة لأي شخص على مساءلته أو مقاضاته لأن جميع أموره قانونية في البلد الذي طرح فيه منتجه”.

التاجر كعدان ردّ على ما ذكره التاجر المقلّد، واعتبر أن “بعض التجار السوريين يعتمدون على أسلوب الشطارة، والتي تعتبر أسلوبًا صحيحًا في نظرهم”.

في حين برر التاجر عمله بالقول “أمورنا قانونية وفي موضع رسمي وقانوني، ولا يحق لأحد أن يحاسبنا، لأننا استمررنا في التحضير لمشروعنا منذ سنتين”.

وأوضح “هناك من يقول إن اسم المنتج لديه صاحب أصلي في سوريا منذ عشرين عامًا، ويجب عدم تقليد منتجه الأصلي (…) نحن نقول له إن ذلك كان في سوريا وليس في تركيا، وهناك من يملك أموالًا ورغب في تصنيع المنتج، فأين المشكلة؟”.

إلا أن كعدان أوضح أن “علامات الجودة التي يمتلكها المنتج المزور، روتينية وتصدر في تركيا من خلال التسجيل والدفع (…) أنا أطالب بشهادة حماية ملكية خاصة بالاسم”.

في حين اعتبر التاجر أنه “ليس من المعقول أن يضحي أحد التجار بآلاف الدولارات من أجل تصنيع منتج معين، وتسويقه وطرحه في الأسواق، ليأتي شخص آخر يسمي نفسه صاحب المنتج الأصلي ويوقف العمل، فهذا ليس منطقًا تجاريًا”.

الجودة تغيب عن المنتجات المقلدة

“السوريون يشتكون من المنتجات المقلّدة، فالطعم لا يشابه المذاق الأصلي للمنتج المباع في سوريا سابقًا”، يقول التاجر سالم أبو أحمد، صاحب محل لبيع المواد الغذائية في حي اسنيورت بمدينة اسطنبول.

وأكّد لعنب بلدي أن المنتجات، وخاصة البسكويت والشيبس، التي يبيعها في محله، تفتقد للجودة التي كانت عليها المنتجات السورية الأصلية.

وأشار إلى أنه “في أغلب الأحيان تعاد بعض البضائع من قبل المستهلكين، نظرًا لرداءتها، على الرغم من الأسماء المشهورة التي تحملها”.

وعن الآلية التي يتبعها التاجر “أبو أحمد” في شرائه للبضائع والتأكد من جودتها، ومحتواها الغذائي قبل بيعها للمستهلك، أوضح “اعتمدت في البداية بشكل أساسي على الشراء من مندوبين جوالين، إذ تتنوع المنتجات التي يحملونها في سياراتهم”.

وتحدث عن طرق غش وتزوير يتبعها بعض التجار السوريين، من خلال وضع لصاقات تحمل أسماء لمنتجات سورية مشهورة، ليتبين فيما بعد أنها منتجات تركية رديئة الجودة، وضعت لصاقة الماركة السورية فوقها.

“القتم”.. الحديقة الخلفية للصناعة “المقلدة”

ووردت معلومات لعنب بلدي عن وجود سوق في مدينة غازي عنتاب التركية، يسمى بسوق “القتم”، وهو سوق عشوائي، تغض الحكومة التركية النظر عنه، و80% من المنتجات السورية التي تصنع وتباع فيه غير مرخصة.

ويضمّ السوق مصانع لتعبئة المواد المقلّدة، كالزعتر والزيت، وإضافة اسم الماركة عليها بسهولة.


رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.