أشار تقرير اقتصادي في صحيفة العربي الجديد إلى أن عملة تركيا تواجه مصاعب في الوقت الحالي، وهذه المصاعب دفعت بها للتراجع إلى مستوى قياسي لتقترب من حاجز 4 ليرات للدولار الواحد.
وبحسب التقرير، فإنه إذا أردنا أن نحلل التراجع علمياً فإن السؤال الذي يتبادر للذهن هو: هل هناك أسباب اقتصادية وراء تراجع العملة التركية؟ ومن هذا السؤال تتفرع أسئلة فرعية منها مثلاً:
* هل تراجع احتياطي تركيا من النقد الأجنبي، وبالتالي أثر ذلك على قدرة البلاد على سداد ديونها الخارجية وتوفير العملة الصعبة لتمويل الواردات؟
* هل تشهد البلاد تراجعا في إيرادات النقد الأجنبي من الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي لم تعد البنوك والصرافات تلبي احتياجات عملائها، وعلى إثر ذلك ظهرت السوق السوداء للعملة؟
إعلان
* هل تراجعت إيرادات الصادرات الخارجية، أكبر مصدر للنقد الأجنبي للبلاد؟
* هل أصاب الكساد قطاع السياحة مثلا، وبالتالي أثر على تدفق النقد الأجنبي للبلاد؟
* هل سحب الأجانب استثماراتهم من السوق التركية خاصة الأموال الساخنة المستثمرة في أذون الخزانة والسندات والبورصة، وبالتالي سحبوا معهم مليارات الدولارات كما حدث عقب الانقلاب الفاشل؟
إعلان
* هل هناك عمليات نزوح للأموال نحو الخارج بسبب حدوث قلاقل سياسية داخلية تشبه ما حدث في صيف 2016 حيث وقع الانقلاب العسكري الفاشل؟
وأوضح التقرير أن الإجابة عن كل تلك الأسئلة بالنفي، فالاحتياطي لدى البنك المركزي التركي ارتفع إلى 120 مليار دولار، والحكومة تسعى لزيادته إلى أكثر من 150 مليار دولار كما أعلن أردوغان قبل أيام.
إعلان
وهناك تحسن ملحوظ في الصادرات حيث تقدر قيمتها بنحو 157 مليار دولار بنهاية العام الجاري، وهو مبلغ كاف للدفاع عن العملة المحلية وسداد الديون الخارجية وكلفة فاتورة الواردات خاصة من المشتقات النفطية.
وهناك انتعاش في قطاع السياحة بما فيها السياحة الروسية والخليجية والإيرانية، والاستثمارات العربية والأجنبية تتدفق على كل القطاعات الاقتصادية خاصة العقارات والصناعة والخدمات والزراعة والطاقة.
أضف إلى ذلك معايير أخرى منها التحسن في المؤشرات الاقتصادية، وقدرة تركيا على سداد ديونها الخارجية بلا تأخر، وزيادة معدل النمو الاقتصادي، وتراجع معدل التضخم، وارتفاع الدخل القومي للفرد من 3500 دولار إلى 11 ألف دولار تقريبًا، وزيادة السيولة لدى القطاع المصرفي، وتدفق الأستثمارات الأجنبية على أدوات الدين الحكومية.
الخلاصة، وفق التقرير، أنه لا توجد أسباب اقتصادية ومالية تبرر هذا التراجع الملحوظ في قيمة الليرة التركية أمام الدولار، ولا توجد أسباب تدعم توقعات استمرار تراجع الليرة.
الأسباب هنا سياسية بالدرجة الأولى، فهناك تصاعد لحدة القلق بين أنقرة وواشنطن بدأت عقب أزمة التأشيرات وزادت عقب البدء في محاكمة رجل أعمال ومصرفي تركيين في نيويورك.
وهناك تنامِ لحالة القلق في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والذي يمكن أن يؤثر سلبا على تركيا من ناحية صادراتها الخارجية واستثماراتها ومشاريعها في المنطقة خاصة الخليج، أضف لذلك تصاعد حدة القلق بين السعودية وإيران على خلفية أزمات اليمن ولبنان وحزب الله وغيرها.
وفي حال التعامل مع هذه الأزمات السياسية، فإن التحسن سيعود للعملة التركية، فالليرة التي صمدت عقب انقلاب يوليو 2016 الفاشل، قادرة على الصمود رغم المخاطر السياسية المحيطة بالبلاد وشن أنقرة حروبا مزدوجة على الكيانات الإرهابية في سورية وشرق تركيا، كما صمدت رغم الخلافات العميقة بين تركيا وجيرانها خاصة الروس.
الليرة قادرة على الصمود لأن اقتصادا قويا قادرا على جذب الاستثمارات الخارجية، يدعمها، وسيزيد الصمود مع تحول تركيا لأن تكون جسرا عالميا لمرور الطاقة، وإنجاز مشروع نقل الغاز الروسي لأوروبا عبر أراضيها، واكتشاف أنقرة حقول غاز ونفط في مياهها الإقليمية في البحر المتوسط، لأن كل هذه الخطوات ستقلل تكلفة استيراد الوقود والذي تعد تركيا واحدة من أكبر مستورديه في العالم، وبالتالي يخف الضغط على طلب الدولار.
في سياق متصل، أشار تقرير لشبكة الجزيرة القطرية إلى أن التراجع المستمر في سعر صرف الليرة التركية يعزى إلى انتقاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سياسات البنك المركزي بشأن السياسة النقدية، والتوتر في العلاقات الأميركية التركية.
وينتاب القلق المتعاملين أيضا بشأن آفاق السياسة النقدية بعدما قال أردوغان الأسبوع الماضي إن عدم تدخل الحكومة في السياسة النقدية تسبب في معاناة تركيا من ارتفاع التضخم الذي اقترب من 12% رغم أن الاقتصاد يسجل نموا نسبته تتجاوز 5%.
وتتركز المخاوف المرتبطة بالعلاقات الأميركية على محاكمة تاجر الذهب التركي رضا ضراب المتهم بانتهاك العقوبات الأميركية مع إيران، وهي قضية وصفها المتحدث باسم الحكومة التركية الاثنين بأنها “مؤامرة واضحة على تركيا” تفتقر إلى أي أساس قانوني.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=33280