دستور بشار الأسد ودستور السوريين

Amani Kellawi14 يونيو 2018آخر تحديث :
بشار الأسد

قال رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، نصر الحريري، خلال إفطار نظمته هيئة التفاوض في اسطنبول بتركيا، إن اللجنة الدستورية “تم الحديث عنها في جنيف، وازداد زخمها بعد مؤتمر سوتشي، وخفَّ الحديث عنها لاحقاً بسبب رفض النظام لها”.

في المادة 38 من الدستور المذكور، تنص الفقرة (1) على “لا يجوز إبعاد المواطن عن الوطن، أو منعه من العودة إليه”. وقد سن رأس النظام القانون رقم 10 الذي ينظم الملكيات العقارية ليسحب كل المعنى من منطوق ومنطق المادة
هذا أهم ما قاله الحريري، وأهم نقطة يمكن الحديث عنها لاحقاً، بغض النظر عن التفاصيل المتعلقة بتشكيل اللجنة الدستورية مثالثة بين النظام والمعارضة وخبراء.

قبل ذلك، يمكن التأكيد أن الحريري وفريقه تنازلوا عن مبدأ “لا دور للأسد في المرحلة الانتقالية”، بموافقتهم على المشاركة في “اللجنة الدستورية” التي سيشكل فيها فريق النظام ثلث الأعضاء، من بين 45 إلى 50 عضواً فقط، من بين 150 اسماً ستتقدم بها الأطراف إلى الأمم المتحدة.

ممانعة النظام تركزت في ثلاث نقاط، فيما يبدو أنه موافق على المبدأ خضوعاً للأوامر الروسية، فهو يريد الأغلبية في اللجنة، ويريد مناقشة دستور 2012 وتعديله على مقاس العائلة الحاكمة، كما يريد أن يكون مقر اللجنة في دمشق.

إعلان

والشرطان الأول والثالث لممانعته يعودان إلى “ثقته” بأنه حقق نصراً نهائياً على الثورة والمعارضة، وإلى ثقته أن سبطانات مدافعه، وعدد براميله المتفجرة، تفوقت بأشواط على بنادق الفصائل المعارضة المسلحة والمتفرقة، وعلى خطب سياسيي المجلس الوطني والائتلاف السوري. أما دستور 2012 فهو الحكاية كلها.

ودستور سوريا 2012 هو الذي أعده النظام الأسدي لرئيسه، معدلاً عن دستور 1970 وتعديلاته، التي سنها جميعاً والد الرئيس الحالي، حتى بعد وفاته. ويتألف من مقدمة لا طعم لها ولا لون ولا رائحة (هي جزء أساسي من الدستور كما تنص العبارة التقليدية في معظم دساتير دول العالم)، إضافة إلى ستة أبواب.

في هذا الدستور، يُسمي رئيس البلاد رئيس مجلس الوزراء ونوابه، والوزراء ونوابهم، وهو من يقبل استقالاتهم، ومن يعفيهم من مناصبهم. والرئيس يضع السياسة العامة للدولة، ويشرف على تنفيذها، من دون أي دور للأغلبية البرلمانية، في يده إعلان الحرب والسلام، وإعلان حالة الطوارئ وإلغائها. وهو يعين السفراء والقناصل لدى الدول الأجنبية. هو قائد الجيش والقوات المسلحة، ومن يعين الموظفين المدنيين والعسكريين وينهي خدماتهم. يمتلك حق حل مجلس الشعب، ليتولى هو نفسه السلطة التشريعية كلها. وليس أخيراً، هو من يقترح تغيير الدستور، أو تعديله، وضمناً، تعطيل العمل به لفترة “مؤقتة” عند إعلان حالة الطوارئ.

إعلان

وحالة الطوارئ في سوريا لا تحتاج إلى إعلان أو إغلاق لإنها مستمرة منذ 8 مارس (آذار) 1963، سواء ادعى أحدهم أنها ألغيت عام 2011، أو لم يدعِ. ومن المعروف أن سوريا ليست بلد كوارث طبيعية، فلا زلازل متكررة، ولا براكين، ولا فيضانات، بل كوارث سياسية، من عينة الانقلابات التي انقلب عليها حافظ الأسد متنبهاً إلى 17 جهاز أمن في البلاد كفيلة بالقضاء على قوى المجتمع والجيش نهائياً، وبالتالي فهو ونسله في أمان من أي انقلاب مستقبلي يهدد سلطته إلى الأبد.

هنالك مواد في دستور 2012 لافتة فعلاً، من حيث أنها تشير إلى عكس منطوقها على أرض الواقع، خاصةً أننا الآن في 2018، التي توجت سبع سنين لم يكن أحد يتخيل أن تصل مآسيها على السوريين إلى هذه الدرجة.

إعلان

في المادة 38 من الدستور المذكور، تنص الفقرة (1) على “لا يجوز إبعاد المواطن عن الوطن، أو منعه من العودة إليه”. وقد سن رأس النظام القانون رقم 10 الذي ينظم الملكيات العقارية ليسحب كل المعنى من منطوق ومنطق المادة.

وفي المادة 84، التي تتحدث عمن يحق له الترشح لرئاسة الجمهورية، تنص الفقرة (5) على “أن يكون مقيماً في الجمهورية العربية السورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح”.

وهي مادة تمنع أياً من المعارضين المقيمين في الخارج، ممن لا يحملون جنسية أخرى غير السورية، من التفكير بالترشح.

أما المادة 88، فتقول: يُنتخب رئيس الجمهورية لسبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ نهاية ولاية الرئيس القائم، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية.

وعلى اعتبار أن الرئيس الحالي تمت إعادة انتخابه في عام 2014، فإن مفعول دستور 2012 يلغي أنه تولى حكم سوريا لفترتين رئاسيتين سابقتين، وبالتالي سيمتد حكمه إلى 2021، ويحق له الترشح لولاية ثانية وأخيرة، حسب الدستور الحالي.

أما المادة 153، فتقول: “لا يجوز تعديل هذا الدستور قبل مرور ثمانية عشر شهراً على تاريخ نفاذه”، أي أن لا شيء يمنع الآن، شكلياً، تعديل الدستور. كما أن الدستور المعني لم يقل نعم، أو لا، في شأن كتابة دستور جديد كلياً.

ومن هنا يأتي إصرار النظام، حتى الآن، على تعديل هذا الدستور فقط، وليس كتابة دستور يسحب الصلاحيات المطلقة المذكورة آنفاً، وتالياً يأتي إصراره على الحصول على أغلبية في اللجنة الدستورية، لكي يأتي الدستور الجديد مطابقاً تقريباً لهذا الدستور، ويتيح لرئيس النظام إعادة الترشح عام 2021.

وإذا كانت الهيئة العليا للمفاوضات قد تنازلت عن “إسقاط النظام” في المرحلة الانتقالية، فأقل ما يمكن أن تتمسك به الآن هو كتابة دستور ينص على أن الرئيس لا يمكنه الحكم ولايتين متتاليتن، ودستور يمنع اجتهادات المفسرين نحو أن الدستور الجديد نقطة بداية جديدة تسمح لبشار الأسد بالترشح، لأن الجديد يجب دستور 2012.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.