أثار خبر نشرته عدة منابر ومؤسسات إعلامية الثلاثاء (28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017) عن نية التحالف المسيحي، المكون من “الحزب المسيحي الديمقراطي” وشقيقه البافاري “الحزب المسيحي الاجتماعي”، للبدء بترحيل لاجئين سوريين بدءاً من الصيف المقبل، موجة من الذعر والتكهن والقيل والقال.
وبالفعل تقدمت ولايتا سكسونيا (شرق ألمانيا) وبافاريا (جنوب) بطلب لمؤتمر وزراء داخلية الولايات الألمانية بهذا الخصوص ولإعادة تقييم الوضع في سوريا. ومن المقرر أن ينعقد مؤتمر وزراء داخلية الولايات الألمانية الأسبوع المقبل في مدينة لايبزيغ. وبحسب ما ذكره وزير داخلية ولاية سكسونيا، ماركوس أولبيغ، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، يتعلق الأمر، وفق الطلب المقدم، بترحيل الأشخاص الخطرين والذين ارتكبوا جرائم خطيرة في ألمانيا إلى بلادهم.
ووفق تقرير شبكة (RND) الألمانية، فإن تمديد العمل بقانون منع ترحيل السوريين سيستمر إلى غاية نهاية حزيران/ يونيو فيما يطالب “الحزب الاشتراكي الديموقراطي” بتمديد العمل بهذا المنع لغاية نهاية السنة المذكورة 2018.
لإلقاء مزيد من الضوء على هذه القضية، حاور “مهاجر نيوز”، مصطفى العمار عضو مجلس أمناء “الحزب المسيحي الديمقراطي” في القضاء الإداري Ostalb الواقع في ولاية بادن فورتمبورغ، والمكلف بشؤون الاندماج في نفس القضاء الإداري:
انتشرت موجة من الذعر بين صفوف اللاجئين السوريين بعد انتشار الخبر بالأمس. حسب معلوماتك وأنت في داخل مطبخ صنع القرار فيما يخص ملف اللاجئين في قضائك الإداري ومطلع على حيثيات الملف بأكمله في الحزب، على من سيطبق هذا القرار؟
مصطفى العمار: ليس من سياسة حزبنا نشر الذعر بين اللاجئين أو غيرهم. ذهب البعض بالخبر مذاهب بعيدة عن متنه. الموضوع يخص أصحاب الملفات الجنائية والإرهابية فقط. وتم بالفعل ترحيل عدد من أصحاب الجنايات إلى أفغانستان وغيرها. وكنت وما زلت أحد العاملين على هذا الملف.
ألا يمكن أن يكون ذلك مقدمات لتهيئة الرأي العام بين اللاجئين لترحيل جماعي، بمعنى “احزموا حقائبكم!”؟
أستبعد هذا الأمر. وأنا كعضو في الحزب وكلاجئ سابق في الماضي سأناضل لمنع ذلك.
تقوم سياستنا على استقبال 200 ألف لاجئ سنوياً. وهذا لا يستقيم ومن الناحية المنطقية مع الكلام عن ترحيل جماعي وقسري. ناهيك عن الوضع الأمني غير الآمن، البنية التحتية متهالكة في سوريا والعراق ومدن ومناطق مدمرة وركام، وهذا ليس فقط في سوريا بل ينسحب على العراق، الذي يعاني من الفساد الإداري وعبث الميلشيات، مما دفع بالكثير من الشركات عن الإحجام عن إعادة الإعمار.
وماذا عن الحاصلين على “الحماية الثانوية”؟
أنصح من لديه “الحماية الثانوية” العمل ليل نهار على الاندماج (تعلم اللغة، البدء بالدراسة، البدء بالتعليم المهني، العمل وبالتالي الاستغناء عن المساعدات الاجتماعية). الاندماج سيكون المفتاح للبقاء في ألمانيا.
ألا تؤثر تلك الأنباء والتسريبات أو الإشاعات على جهود الاندماج؛ بمعنى أن اللاجئ قد يسأل نفسه لماذا عليّ بذل الجهود للاندماج ولا أعرف مصيري. وقد يترك ذلك اللاجئ فيما يمكن تسميته بـ”مرحلة بين-بين” ويدفعه إلى اللامبالاة؟
لا أعتقد أن اللاجئين ساذجين لدرجة تصديق كل ما يقال ويشاع. مَن يندمج، فمكانه محفوظ في هذا البلد. هم اليوم لاجئون وغداً سيكونون مواطنين. وأنا مثال حيّ أمامك.
هل خبر البارحة وما سبقته من أخبار تهدف للضغط على اللاجئين للاندماج أم أن جهات لها أهداف تسرب تلك الأخبار؟
نحن في بلد قانون ومن ينشر الذعر والكراهية يحاسب.
قبل عدة أشهر بثت محطة ألمانية ذات مصداقية تقريراً عن اتفاقية مع الحكومة العراقية لإعادة اللاجئين العراقيين فوراً. وطبعاً حدث لغط. وهذه التصرفات تؤثر بالتأكد سلباً على الاندماج ويزيد من العنف والكراهية بين اللاجئين وربما تؤدي إلى ردة فعل عكسية أخرى من طرف اللاجئين. ومن هنا لا بد أن نكون صريحين وواضحين بقراراتنا وبأفعالنا.
ما هي المعايير التي يتم بناء عليها تقيم الوضع الأمني في سوريا بأنه آمن؟ وهل يعني ذلك أن الدولة الألمانية لديها أو ستعطي ضمانات بأن الوضع لن يعود للانفجار من جديد؟
ألمانيا ليس من طبعها اتخاذ قرارات مستعجلة أو بناء على دراسات من هنا وهناك. نعتمد على تقييم وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. الموضوع جد معقد وليس بهذا البساطة ليحصل بين ليلة وضحاها.
خطابك خطاب طمأنة للاجئين، ولكن أود هنا التذكير بما حصل من ترحيل جماعي وعشوائي للاجئين البوسنيين في أواخر تسعينات القرن العشرين؟
لن أقارن ما حصل في البوسنة وبما حصل ويحصل في سوريا. لكن أحب لفت الانتباه أن البوسنة في أوروبا ولا يفصلها عنها بحار ومسافات كبيرة. كما أن الكثير من البوسنيين هم من رغبوا في العودة آنذاك.
يقال إنه تحت تأثير الشارع بدأ حزبكم بالتراجع عن “ثقافة الترحيب” باللاجئين. كيف ترى الأمر؟
وقف على باب ألمانيا في 2015 مليون لاجئ. ومن الناحية الإنسانية كان يتوجب علينا آنذاك استقبالهم وتوفير المأوى لهم. ولكن لا عودة لسياسة “الباب المفتوح”، لأن تلك السياسة أثرت أيضاً على أمن البلد وسيادته.
الوضع في أفغانستان ليس بآمن تماماً والكثير من المناطق ليس فيها بنى تحتية، لكي لا نقول إنها متهالكة، ومع ذلك ترحيل الأفغان قائم على قدم وساق؟ ما الذي يمنع أن يحدث للسوريين ذلك أيضاً؟
ربما يحدث ذلك مع البدء بإعادة الإعمار. ولكن معطيات اليوم تقول أنه من الصعب التكهن بذلك في المستقبل القريب. المعادلة السورية معقدة وفيها لاعبون كثر. شاهدت بالأمس المقابلة التي أجرتها DW مع الرئيس الأفغاني السابق، حامد كارزاي، وحديثه عن قلة الدعم لبلده. القضية السورية لا تحتاج إلى دعم ألماني فقط، بل ودولي أيضاً.
أنصح اللاجئين بعدم الارتباك وتشتيت الانتباه بالالتفات لكل ما يقال، والتركيز على الاندماج والاندماج فقط.
أجرى الحوار: خالد سلامة- مهاجر نيوز
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=34031