نقرأ في قصص التاريخ عن ملوك وأمراء يتنكرون بأزياء مختلفة وينزلون إلى الأسواق متخفين للوقوف على حال الناس والاطلاع على مشاكلهم. وفي عصرنا الحاضر، وإن كانت فكرة نزول الملوك إلى الشوارع والأسواق قد غابت، إلا أن فكرة التخفي لم تغب.
وهذا ما قام به الصحفي أحمد كولصوي، العامل في صحيفة “صباح” التركية، يومي 9 و10 كانون الثاني/يناير. إذ عاش يومين كاملين كمتشرد في شوارع تقسيم، في إسطنبول، وذلك لاختبار سرعة تدخل وحدة العناية بالمتشردين التابعة لبلدية إسطنبول، وللحكم إن كانوا يقومون بعملهم كما يجب.
وهكذا، قرر أحمد كولصوي، صباح التاسع من الشهر أن يترك بيته الدافئ وفراشه الوثير لينام في العراء تحت الثلج.
بعد برهة، رآه بعض المارة مستلقياً على مقعد حديقة في الصقيع، فاتصلوا “بالمكتب الأبيض” التابع للبلدية؛ فقالوا لهم على الهاتف إنهم في طريقهم إليهم. لكن لسوء الحظ أن أحدا لم يحضر في اليوم الأول.
إعلان
وقال الصحفي إن العيش في درجة 10 تحت الصفر كانت تجربة صعبة وإنه حاول التأقلم معها قدر ما يستطيع: “كنت فعلاً يائساً جداً واعتقدت أنني سأموت”.
في اليوم التالي، اتصل بعض المارة من جديد بمكتب المتشردين؛ وهذه المرة، جاء ممثلو المكتب خلال عشرين دقيقة تقريباً وأخذوه إلى صالة زيتونبورنو الرياضية التي تستخدمها البلدية ملجأً للمتشردين في الشتاء.
صحفي تركي يعيش يومين في العراء لاختبار فاعلية إجراءات البلدية لإيواء المشردين
إعلان
وعن تجربته هناك يقول الصحفي: “الطعام كان مقبولاً والجميع في الصالة كان راضياً به. وكان الطاقم الطبي يحضر باستمرار للفحص الطبي ويعطي الأدوية للمحتاجين”.
ويضيف: “استمعت للناس ولقصصهم. الجميع كان يدعو الله أن يحمي تركيا ويقولون إنهم لولا الحكومة ومساعيها لكانوا باتوا في العراء”.
إعلان
هذا ويحاول مركز البلدية للكوارث والتنسيق أن يقدم خدماته خلال موجات البرد الشديدة والعواصف الثلجية. ويقول المسؤولون إنهم آووا 921 متشرداً خلال الأسابيع الماضية.
كما تقوم البلدية بالدعاية لذلك وتوجيه الدعوة للمتشرد والمحتاج إلى الحضور إلى مركز زيتونبورنو حيث يحصلون على ثلاث وجبات يوميا وبطانيات وعناية صحية.