مسؤولة أوروبية: أي عقوبات أوروبية مباشرة على تركيا ستكون نتائجها عكسية

Alaa22 أكتوبر 2017آخر تحديث :
مسؤولة أوروبية: أي عقوبات أوروبية مباشرة على تركيا ستكون نتائجها عكسية

لمح القادة الأوروبيون في قمة الاتحاد الأوروبي ببروكسل مؤخراً إلى أنهم لا يريدون تقليص العلاقات مع تركيا وإلى ضرورة الإبقاء أيضاً على خيار انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. فكيف تقيمين موقف الاتحاد الأوروبي هذا من تركيا؟

ألكسندرا ستيغلماير:
المجلس، أي الدول الأعضاء، منقسم جداً فيما يتعلق بتركيا. ومن الصعب التوصل إلى توافق في الآراء. ووفقاً لما ذكرته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، قرر المجلس الآن أن يطلب إلى المفوضية الأوروبية أن تخفض المعونات المالية لانضمام أنقرة إلى الاتحاد. ومن الناحية الاقتصادية، لن يكون هذا على قدر كبير من الأهمية. وهو قبل كل شيء تعبير عن سخط الاتحاد الأوروبي على تركيا، ولكن هذه الخطوة لن تضر تركيا كثيراً. إذ أنها لا تعتمد كثيراً على هذه المعونة، بل إنها يمكن أن تقدم ذخيرة يعتمد عليها الرئيس التركي أردوغان في تهجماته اللفظية على الاتحاد الأوروبي. ولكن هذه الخطوة لن ينتج عنها بالتأكيد أي تغيير سياسي في تركيا. بيد أنها إشارة، وقد يكون هذا مهماً في بعض الأحيان.

هل يمكن أن تُتبع هذه الإشارة بعقوبات أيضاً؟

العقوبات الاقتصادية ستضر بالاتحاد الأوروبي نفسه وبعض شركات دوله الأعضاء وبطبيعة الحال الشعب التركي أيضاً. هناك خيار قطع المفاوضات مع أنقرة. ولكن هذا سيكون خطأ فادحاً، لن يكون من السهل التراجع عنه ببساطة. قبرص اتخذت مؤخراً موقفاً مضاداً من تركيا. وسيستمر ذلك أيضاً طالما لم يتم حل الصراع هناك. وهذا يعني أنه حتى لو أصبحت تركيا في غضون السنوات القادمة بلداً ديمقراطياً يعتزم الإصلاح مجدداً، فإن قبرص ستصوت ضد استئناف المفاوضات مع تركيا بشأن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. وإذا ما عُلقت المفاوضات الآن، فإنها ستنتهي وتندثر تماماً خلال السنوات العشر أو العشرين القادمة. وهذا ما تخشاه الكثير من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

لماذا؟

إعلان

لأسباب عديدة.، فهناك اتفاق للاجئين مع تركيا، الذي يضمن دخول عدد أقل من اللاجئين إلى دول الاتحاد عبر تركيا، بالإضافة إلى ذلك، تركيا هي خامس أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي – وبالعكس فإن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لتركيا. أكثر من نصف الاستثمارات الأجنبية في تركيا قادمة من دول الاتحاد الأوروبي، وفي بعض السنوات وصلت إلى ما نسبته 70 بالمائة.

ضافة إلى أن عدداً كبيراً من الأتراك يعيشون في دول الاتحاد الأوربي. كما أننا بحاجة إلى تركيا في مكافحة الإرهاب، وأنها تؤدي دوراً مهماً في الدفاع والأمن. ولا تريد الدول الأعضاء في الاتحاد المغامرة بكل هذا وتأمل في أن تعود إلى نهج التقارب من الاتحاد مجدداً، ربما في ظل حكومة أخرى.

وبالعكس؟ هل لدى الاتحاد الأوروبي إمكانية على ممارسة الضغط على تركيا؟

إعلان

حالياً، ليس لديه خيارات كثيرة. ولا يمكنه أن يفعل أكثر بكثير من التعاون مع تركيا في مجالات مثل اتفاقية اللاجئين وحيث لا توجد مشاكل. كما قد يكون من المهم تجديد الاتحاد الجمركي المشترك. ويجب أن يكون من المهم توسيع هذا الاتحاد الجمركي، وهو ما سيعود على الجانبين بتوسيع حجم التبادل التجاري. لكن ألمانيا تعارض ذلك حالياً.

ومن القضايا الرئيسية بالنسبة لألمانيا فيما يتعلق بتركيا هي مسألة اللاجئين بالتأكيد. وتركيا لا تكاد تسمح بعبور المزيد من اللاجئين عبر البحر المتوسط. ما الدور الذي تلعب ههذه القضية في دول أخرى؟

إعلان

هذه قضية مهمة بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمته. وبطبيعة الحال، استقبلت ألمانيا معظم اللاجئين الذين جاءوا عبر هذا الطريق، كما ذهب العديد منهم أيضاً إلى السويد والدنمارك وهولندا والنمسا.

وتحرك اللاجئون عبر اليونان وغرب البلقان والنمسا وسلوفينيا، أما بلغاريا فقد كانت حينها بعيدة عن هذا الطريق، لكنها من الطبيعي أن تخشى من موجة لجوء جديدة أيضاً.

ومن الطبيعي أن ترغب الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي أيضاً في إظهار التضامن بشأن هذه المسألة. والآن بات من المهم تقديم ثلاثة مليارات يورو للاجئين في تركيا مجدداً، فقد كان هذا جزءا من الاتفاق، الذي نص على حصول تركيا على ستة مليارات يورو على دفعتين.

آمل أن يتم جمع هذا المبلغ، فالأمر يتعلق هنا في الغالب باللاجئين في تركيا. وقد حسنت هذه الأموال من وضعهم كثيراً. وبفضلها بدأ مئات الآلاف من الأطفال السوريين الذهاب إلى المدارس، حيث لم يُتح لهم ذلك قبل عامين. ولهذا السبب يجب إظهار التضامن مع تركيا مجدداً، إذ تقوم بدعم ملايين اللاجئين السوريين حالياً.

عودة إلى موضوع العقوبات: إذا امتنع الاتحاد الأوروبي، ألا يعني هذا أن نهج أردوغان مع الاتحاد الأوروبي انتصر في نهاية المطاف؟

في الوقت الحاضر هناك مناقشات حول معونات انضمام تركيا. ويمكن تقليصها أو حتى تحويلها باتجاه المجتمع المدني. ويمكن على سبيل المثال تقديم المزيد من الأموال للمؤسسات الإعلامية المستقلة. أو يمكن تقديم تسهيلات الحصول على تأشيرة لرجال الأعمال والطلاب والنشطاء الحقوقيين . وبهذا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يظهر الجهة التي يقف إلى صفها. لكن العقوبات المباشرة قد نتائجها عكسية. كما أن قطاعات عريضة من الشعب التركي تتمنى عودة الديمقراطية إلى بلدهم وإلى نهج التقارب مع الاتحاد الأوروبي – أكثر بكثير مما يجرؤون على قوله.

وفي هذا الصدد، فإن الآمال الأوروبية في هذا التطور لها ما يبررها. في حين أن العديد من المواطنين الأتراك يشعرون بالقلق إزاء “التطهير” الجاري حالياً. ولكنني أعتقد أن تركيا في ظل قيادة جديدة ستجد طريقاً مناسباً مجدداً وبشكل سهل للغاية.

ألكسندرا ستيغلماير هي عضو مؤسس في مبادرة الاستقرار الأوروبية، وتختص هناك بدول البلقان وتركيا وأذربيجان في المقام الأول.

المصدر: DW

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.