تدخل الأزمة السورية خلال أيام عامها السابع، وسط لامبالاة وعدم جدية من قبل المجتمع الدولي، وعلى رأسه الدول العظمى التي تتبجح بالعدل والمساواة والإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
نصف المهجرين والنازحين في دول العالم أجمع هم من السوريين، علماً أن 24 شخصاً يهجّرون من مناطقهم كل دقيقة في العالم، أي ما يعادل 34560 شخصاً في اليوم الواحد ما بين مهاجر ونازح. وبحسبة بسيطة، فهؤلاء يبلغ عددهم نحو 12.5 مليون في العام.
الدول “العظمى” لم تكن وفيّاً لهذا الوصف في تعاملها مع الأزمة السورية، تلك القضية الإنسانية التي بلغ ضحاياها أكثر نصف مليون قتيل أو شهيد، ومئات الآلاف من الجرحى، قسم كبير منهم سيمضي بقية عمره معاقا جراء بتر ساق أو يد أو غيره، أو يعاني مرضا نفسيا جراء ما شاهد ويشاهد من بشاعة قتل ودمار وانتهاك تعرض لها أو أحد أفراد عائلته أو قريب أو صديق، ناهيك عن ملايين اللاجئين والنازحين الذين يعانون الأمرين في البلاد المستضيفة.
حاقد أو يعاني من مرض، من يظن أن اللاجئين السوريين لا يعيشون معاناة كبيرة ولا يواجهون مآسي عظيمة؛ فهؤلاء تركوا وطنهم وبيوتهم هرباً من القتل والدمار الذي لم يستثن أحدا، بحثاً عن أمن وأمان ولقمة عيش تعينهم على البقاء على قيد الحياة.
ستة أعوام مضت تخللتها مبادرات دبلوماسية ومؤتمرات واجتماعات عدة باءت جمعيها بالفشل، لم تنه معاناة اللاجئين السوريين. ولا نبالغ عندما نقول إنها زادت من تلك المعاناة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فها هو رئيس أعظم دولة في الكون (شرطي العالم) دونالد ترامب يصدر قرارا يحدث صدمة كبيرة لدى اللاجئين السوريين، وخصوصاً المقيمين في الأردن، يقضي بمنع دخولهم لمدة 120 يوما إلى الولايات المتحدة، إضافة إلى مواطني 6 دول عربية وإيران لمدة 90 يوما.
كما أن المجتمع الدولي يدير ظهره لهؤلاء ويظهر عن سابق إصرار وترصد عدم جدية تجاههم، أو تجاه أزمتهم. فعلى سبيل المثال، قدرت الحكومة الأردنية قيمة خطة الاستجابة للأزمة السورية بـ8 مليارات دولار أميركي، خلال العام 2015، لم يوفر المجتمع الدولي سوى 36 % من تلك القيمة.
الأردن الذي يستضيف نحو 1.4 مليون لاجئ ومقيم سوري، وأقام 6 مخيمات في أماكن مختلفة من أراضي المملكة أكبرها مخيم الزعتري بمحافظة المفرق، يعاني أيضاً جراء عدم وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته، حتى يستطيع الأردن بدوره مواصلة دوره الإنساني والأخلاقي. فالعدد الكبير للاجئين على أراضيه أثقل كاهله الاقتصادي وأثر سلباً على بناه التحتية والتعليم والصحة والمياه، خصوصاً وأن 80 % من اللاجئين يعيشون خارج المخيمات الستة.
أضف إلى ذلك أن برنامج الغذاء العالمي قلّص، خلال العامين الماضيين، كثيرا من مساعداته وخدماته للاجئين السوريين. وهذا على مستوى المملكة، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ بخصوص الدول الأخرى المستضيفة للاجئين كتركيا ولبنان.
نقطة مهمة أخرى يهمشها المجتمع الدولي، ألا وهي أن أطفال اللاجئين السوريين لا يتلقون التعليم بشكل صحيح أو سليم، ما يعني ضياع جيل كامل من السوريين بسبب نقص التعليم، فـ2.7 مليون طفل سوري، حسب أرقام منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، غير ملتحقين بالمدارس أو لا يتلقون التعليم بشكل مناسب، سيقع على كاهلهم بعد فترة بناء بلد دمرته ومزقته حروب وفتن داخلية وأخرى خارجية لأسباب لا تمت للإنسانية والحضارة بصلة.
بقلم محمود الخطاطبة
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=5654