من هي ميرال أكشينار .. «المرأة الحديدية» التي تعول عليها المعارضة التركية للإطاحة بأردوغان

Osman1 مايو 2018آخر تحديث : الثلاثاء 1 مايو 2018 - 9:25 صباحًا
من هي ميرال أكشينار .. «المرأة الحديدية» التي تعول عليها المعارضة التركية للإطاحة بأردوغان

لم تكد تمضي لحظات قليلة على قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، في يونيو (حزيران) المقبل، حتى توجهت الأنظار في الداخل والخارج إلى فرس الرهان الجديد بالنسبة للمعارضة، ميرال أكشينار، زعيمة «حزب الخير» حديث التأسيس، تلك السيدة التي يعول عليها الكثيرون لإصلاح العطب الذي أصاب المعارضة التركية، ويطمحون أن تشكل رقمًا صعبًا في المنافسة الانتخابية أمام أردوغان.
تاريخٌ سياسيّ مليء بالتحدي

ولدت ميرال أكشينار في مدينة إزميت شرق إسطنبول عام 1956، لأبوين كانا قد هاجرا من سالونيك اليونانية، وقد حصلت على شهادة الدكتوراه في التاريخ، لكنها تركت عملها الأكاديمي -رئيس قسم بالجامعة- حين فازت بمقعد نيابي في برلمان 1994، ألهمت تجربة رئيسة الوزراء التركية السابقة تانسو تشيلر -المرأة الأولى والوحيدة التي ترأست حكومة تركية بين عامي 1993 و1996- أكشينار؛ فانضمت إلى حزب تشيلر (الطريق القويم)، وتبوأت مقعد وزير الداخلية في الحكومة التي ترأسها الزعيم الإسلامي نجم الدين أربكان.

لم تمر سوى أشهر قليلة قبل أن ينفذ الجيش التركي «انقلابًا أبيض» أطاح حكومة أربكان عام 1997، وقد كان لأشكينار موقف بارز في تلك الأحداث، رسخ صورتها على أنها امرأة «قوية» في مضمار السياسة التركية، إذ رفضت الانصياع للانقلاب العسكري، وقد تعرضت للتهديد من أحد جنرالات الجيش بأنه «سيصلبها على السياج الحديدي» أمام مجلس الوزراء.

انضمت أكشينار إلى حزب العدالة والتنمية في بدايات تأسيسه، قبل أن تتركه لاحقًا إذ اعتبرت أنه «مجرد امتداد لحزب الرفاه»، وبعد خفوت نجم حزب الطريق القويم، دخلت مجددًا إلى البرلمان عبر بوابة «حزب الحركة القومية» عام 2007، وهو الحزب الذي ستنشق عنه لاحقًا في خطوة ستتجاوز تبعاتها الخطوط الحزبية، وستهز أركان السياسة التركية بأكملها.

وفيما ثار الحديث عن تخوف رئيس حزب الحركة القومية العجوز دولت بهجلي من كاريزما أكشينار الصاعدة، أدى تحالف بهجلي مع حزب العدالة والتنمية وأردوغان، والذي تعزز في أعقاب الانقلاب الفاشل في 15 يوليو (تموز) 2016، وتبلور في تطابق موقف الحزبيين في استفتاء الدستور عام 2017، والذي قضى بتحويل تركيا إلى النظام الرئاسي- أدى ذلك التحالف إلى إثارة حفيظة بعض الأطراف داخل الحركة القومية بزعامة أكشينار، التي قادت محاولة لإطاحة بهجلي من زعامة الحزب، كان مآلها إلى الفشل في نهاية المطاف بعدما حاصرت قوات الأمن مقر انعقاد المؤتمر العام للحزب قبل أن يصدر حكم قضائي ببطلان ذلك الانعقاد، وهو ما كلل جهود «المنشقين» الرامية إلى إطاحة بهجلي -بعد 20 عامًا من قيادته للحركة القومية- بالفشل.

لم تستسلم أكشينار، التي تلقب بـ«المرأة الحديدية» أو «أنثى الذئب»، إلى فشل مساعيها داخل الحركة القومية، أو لفصلها ومناصريها لاحقًا من الحزب؛ بل واصلت خوض المعركة تحت راية جديدة نسجتها بنفسها هذه المرة، عندما أعلنت تأسيس حزب جديد هو «حزب الخير» -يترجم أحيانًا تحت اسم «الحزب الصالح» أو «الحزب الجيد»- وكان من ضمن مؤسسي الحزب أربعة نواب من الحركة القومية، ونائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض.

وتشير تقارير صحافية إلى أن أحد الدوافع الرئيسية التي سرّعت بالانتخابات العامة التركية، وقدّمت موعدها نحو عام ونصف، كان رغبة حزبي الحركة القومية والعدالة والتنمية في حرمان الحزب الوليد من تنظيم صفوفه، ومنعه من اكتساب مساحات سياسية جديدة على حساب القاعدة الانتخابية للحزبين. ولكن جاء رد المعارضة سريعًا، إذ انتقل 15 نائبًا من حزب الشعب الجمهوري إلى حزب الخير، ليمنحوه العدد المطلوب للمشاركة في الانتخابات، إذ ينص القانون على أحقية الأحزاب التي تشغل 20 مقعدًا فأكثر من البرلمان في خوض السباق الانتخابي مباشرةً.

ولكن يذهب الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج إلى اعتبار قرار أردوغان تبكير الانتخابات، وإن كان يعود جزئيًّا إلى رغبة سياسية في سحب البساط من تحت أقدام المعارضة لمنعهم من الاستعداد جيدًا للمنافسة الانتخابية -إلى جانب اعتبارات اقتصادية وسياسية وإقليمية أخرى-، إلا أن «حزب الخير» تحديدًا لم يشكل هاجسًا كبيرًا في عقل أردوغان يدفعه إلى التعجيل بالانتخابات، لا سيما مع الأنباء التي تحدثت عن استعداد العدالة والتنمية لتمرير تعديل تشريعي يساعد الحزب الوليد على الدخول في السباق الانتخابي، بعكس حزب الحركة القومية الذي يخشى من أن يسحب الحزب الجديد من خزانته الانتخابية.
«بارقة أمل» لمعارضة أصابتها «الشيخوخة»

في تجمع لأنصار أكشينار إبان تدشين حزبها الجديد، هتف الحاضرون: «ميرال، يا رئيسة الوزراء»، فأجابتهم: «لا، لست رئيسة وزراء؛ بل رئيسة الجمهورية»، لم تخف «المرأة الحديدية» أبدًا طموحها إلى مقارعة أردوغان في عقر داره، وقد ذكرت سابقًا أنه «ليس لديها خيار آخر» سوى منافسة أردوغان، وحين ثارت شائعات خلال الأيام الماضية بإمكانية ترشح الرئيس التركي السابق عبد الله غُل بصفته «مرشحًا توافقيًّا» للمعارضة بوجه أردوغان، خرجت أكشينار لتؤكد أنها ستواصل خوض السباق الرئاسي، وأن الانسحاب لمصلحة غُل ليس أحد احتمالاتها.

بالنسبة للكثيرين، فإن أكشينار قد تمثل المنافس الجدي الوحيد لأردوغان، ففي مقابل فشل حزب الشعب الجمهوري -العدو التقليدي للعدالة والتنمية- بزعامة كليجدار أوغلو، في حصد أي إنجاز انتخابي من العدالة والتنمية على مدى 15 عامًا، فإن أكشينار قد تكون خصمًا من نوع مختلف، أو كما يعبر جونول تول (مدير مركز الدراسات التركية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن): «الكثيرون يرون في كليجدار أوغلو رجلًا، لكنه غير قادر على منازلة أردوغان في ملعبه، ولكي تستطيع هزيمة شخص مثل أردوغان عليك أن تلعب وفق قواعده».

بالنسبة للبعض، تبدو أكشينار أكثر قدرة على اجتذاب شرائح واسعة ومتنوعة من الناخبين، تقول إنها ملتزمة، وإنها تصلي بانتظام، وإن كانت لا ترتدي الحجاب، تطعّم خطاباتها بالحكم وبالمزاح أحيانًا، اختارت اسمًا عامًا لحزبها يمكن أن يروق للجميع، وبعكس خطاب المعارضة العلمانية الذي ينعت أردوغان بالـ«ديكتاتور»، تتجنب أكشينار تلك اللهجة لئلا تثير حفيظة الناخبين المحافظين، وتركز على نقد النظام السياسي الذي أسسه، وتأكيد تمسكها بحكم القانون والمؤسسات وليس سياسة «أبيض أو أسود» التي يسعى أردوغان إلى تكريسها.

وفي مقابل قدرتها على اجتذاب أصوات قومية (منازعة بذلك حزب الحركة القومية)، ومحافظة (مستفيدة من السخط الذي أصاب بعض قواعد العدالة والتنمية بفعل سياسات أردوغان)، فإن الأمور لن تكون بالسهولة ذاتها بالنسبة للصوت الكردي، إذ تعتبر أكشينار على يمين أردوغان فيما يتعلق بالحركة الكردية، وقد انتهجت الدولة التركية سياسات أكثر تشددًا تجاه الأكراد إبان الفترة التي كانت أكشينار في منصب وزيرة الداخلية، وسبق لها أن أعربت عن رفضها محادثات الحكومة مع الأكراد، مؤكدة أنه «لا توجد مشكلة كردية في تركيا» وأن الإطار القانوني الحالي يعطي الضمانات الكافية بالنسبة لحقوق الأقليات.

وعلى الرغم من أنها قد دعمت خطط اجتثاث أتباع جماعة كولن من المؤسسات التركية، قائلة: «نحتاج إلى أن نبدد أحلامهم بالسيطرة على البلاد»، فإن ذلك لم يمنع وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة من الهجوم عليها، واتهامها بالتحالف مع الجماعة، حتى إن إحدى الصحف التركية قد تساءلت في سخرية: «تُرى من يستغل الآخر؟ الكيان الموازي يستغل أكشينار أم أن أكشينار هي من يستغل الكيان الموازي؟».

أما الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج، فيرى أن «فرص أكشينار في منافسة أردوغان ضعيفة، فهي -وإن كانت قادرة على استثمار زخم حزبها كونه حزبًا جديدًا استطاع استقطاب نخبًا معينة سيما من الحركة القومية، بالإضافة إلى رصيدها السياسي السابق- غير قادرة على منافسة رجل بكاريزما أردوغان أو إنجازاته، ولكنها في حال وصولها إلى الجولة الثانية أمام أردوغان، قد يكون بإمكانها الحصول على دعم أحزاب المعارضة جميعها في مواجهة الرئيس التركي».

أما بخصوص الانتخابات البرلمانية، فأقصى ما يمكن أن يطمح إليه الحزب -في رأي الحاج- هو تخطي العتبة الانتخابية (10%) ودخول البرلمان، من دون الحاجة إلى إجراء تحالفات مع أحزاب أخرى، وهو أمر محل شك حتى اللحظة، ويضيف الحاج أن أكشينار معنية حاليًا في الأساس بتعزيز حضور حزبها على الساحة السياسية، وإثبات جديته بصفته لاعبًا سياسيًّا، ولهذا كانت مصرة على خوض الانتخابات الرئاسية كما وعدت، وعدم الانسحاب لصالح عبد الله غل بوصفه مرشحًا «توافقيًّا» محتملًا للمعارضة، وإن كانت قد أعلنت أنها ستدعم غل إذا وصل إلى الجولة الثانية في منافسة أردوغان.

المصدر: ساسة بوست

كلمات دليلية
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.