تناول برنامج “للقصة بقية” على قناة الجزيرة القطرية، تأثّر العملة التركية بالمتغيرات السياسية، وما إذا كان التلاعب في قيمة العملة التركية سلاحا في حرب دبلوماسية تشن بأدوات اقتصادية على أنقرة بمشاركة أطراف عربية، وإلى أي مدى نجحت تركيا في تهدئة الأزمة؟
وأشارت الجزيرة إلى رد تركيا على تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب – التي هدد فيها بتدمير الاقتصاد التركي إذا هاجمت “الأكراد” في شمال سوريا – قائلة: نحن لا نخشى التهديدات.
وجاء الرد التركي – حسب تقرير القناة – بعدما انتهى العام الماضي بانفراج في عدة قطاعات، وارتفاع في الاحتياطي النقدي للبنك المركزي، وأصبح الأتراك يتوقعون نمو مؤشرات اقتصادهم.
لم يُحدث تهديد ترامب نفس الأثر الذي وقع بعد تغريدة له في أغسطس/آب الماضي هوت على إثرها العملة التركية بحدة، غير أن ما حدث طرح تساؤلات جدية عن أسباب تأثر العملة التركية بالضغوط السياسية والاقتصادية الخارجية، وعن آليات تركيا التي تتخذها لحماية اقتصادها من تقلبات بورصة التغريدات.
إعلان
الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور سونغ هونغبنغ، يرى أنه بعد الحرب العالمية الثانية وضعت أميركا نظاما ماليا جديدا ربط كل العملات بالدولار ثم ربط الدولار بالذهب. وعندما انهارت هذه المنظومة في سبعينيات القرن الماضي؛ قامت أميركا بربط عملتها بالنفط وتجاوزت هذه المشكلة، والآن إذا أرادت أميركا ضرب عملة أي بلد فإنها تقوم بتحريك الدولار.
ووضع هونغبنغ فرضيات بشأن إمكانية تدمير الاقتصاد التركي عبر ثلاثة احتمالات: الأول هجوم كامل على السوق التركي، والثاني فرض عقوبات على تركيا، والثالث فرض عقوبات على البنوك المركزية التركية.
وقال إن الخيار الثالث يعتبر بمثابة حرب نووية على العملة، لكن ما حدث في تركيا مجرد هجمة ولم يكن حربا.
إعلان
أما المحلل السياسي والخبير الاقتصادي التركي يوسف كاتب أوغلو، فأوضح أن العملة أصبحت سلعة وهي سلاح ذو حدين بحسب الطلب، واستخدام الاقتصاد سلاحا أصبح هو ديدن أميركا.
لكن الهدف الأميركي من ضرب الاقتصاد التركي فشل، إذ تصدت أنقرة للهجمة الشرسة التي تعرضت لها في أغسطس/آب الماضي، وهي تتوقع هجمات أخرى مشابهة.
إعلان
وأضاف أوغلو أن تركيا تعرضت لحرب شعواء هدفها تدمير اقتصادها الذي هو الرافعة الأولى للرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات، وإن كانت هذه المحاولات تستهدف تركيا كدولة لا شخص أردوغان، مشيرا إلى أن الديون الخارجية لتركيا أقل من ديون أميركا.
ويؤكد هونغبنغ أن أسواق تبادل العملات الخارجية هشة للغاية وتخضع للتقلبات السياسية السريعة على غرار تغريدة من رئيس، والاقتصاد التركي لديه خلل بنيوي مما يجعله هشا أمام التضخم وهذا يؤثر على السوق، لأن ضعف الإنتاج والتصدير في تركيا يؤدي لزيادة التضخم الذي ينعكس في سوق العملات.
وأشار أوغلو إلى أن تركيا حققت نموا اقتصاديا كبيرا إذ انتقلت من المرتبة 26 في الاقتصاد العالمي إلى 17 بعد حكم حزب العدالة والتنمية، وهي تخطط لأن تكون ضمن الدول العشر الأقوى اقتصاديا، وهذا لم يرُق للبعض فبدؤوا محاربتها لإيقاف العجلة الاقتصادية، فقد تم استخدام أكثر من 100 مليار دولار في ليلة واحدة للإضرار بالليرة والتركية، وسعت دولتان خليجيتان لتحقيق ذلك.
ولفت إلى أن تركيا بدأت مؤخرا في عقد العديد من صفقتها بالعملات المحلية مع الدول الصديقة، وقد نجحت في خوض حرب مضادة غير معلنة ضد الدولار.
ويعتقد هونغبنغ أن هناك أزمة مالية قادمة يجب التعامل معها من الآن، وهناك طريقتان لذلك: الأولى هي إنشاء نظام مالي إقليمي لكل إقليم للتعامل بالعملة المحلية، والثانية تأسيس نظام مالي عالمي -على غرار صندوق النقد الدولي- تكون له عملة عالمية واحدة لا تخضع لهيمنة أي دولة.
وفي وقت سابق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده تمكنت من السيطرة على التقلبات في سعر الليرة خلال فترة وجيزة “بفضل ما اتخذناه من تدابير وإجراءات”.
وأضاف أردوغان أن أولوية تركيا في الوقت الراهن هي الصعود مجددا بمعدلات الإنتاج والتصدير والتوظيف، وأن الميزانية الجديدة للبلاد ستحميها من “مثلث الشر” الذي أضلاعه التضخم وأسعار الفائدة وأسعار الصرف الأجنبي.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=85371