تركيا بالعربي
مالك الحافظ / روزنة
تنتظر محافظة دير الزور فصلاً لاهباً من التطورات الميدانية؛ في ظل استمرار التظاهرات الرافضة لواقع الحال الذي يعيشه أهالي المحافظة؛ فيما يبحث المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية في أنقرة مع نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي؛ سبل تشكيل جسم عسكري جديد في دير الزور لمقارعة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
ولا يبدو أن الرؤية ستتضح خلال الفترة القادمة حول مصير المنطقة؛ خاصة وأن تركيا كانت مصرة على الدوام بحشد عمل عسكري ضد “قسد” في شرق الفرات، ليثار التساؤل خلال الوقت الحالي حول مدى وجود رغبة تركية في بدء هذا العمل العسكري عبر قوات محلية في المحافظة؛ قد تساندها أنقرة لوجستياً ومادياً.
في مقابل تأكيد أميركي على حماية حليفها الكردي والحفاظ على مصالحه؛ فالقوات الكردية بذلت الكثير في سبيل طرد التنظيم الإرهابي من المنطقة سواء من دير الزور أو الرقة أو الحسكة.
وكانت “قسد” قد أعلنت و “التحالف الدولي” في منتصف شهر آذار الماضي؛ القضاء على تنظيم داعش في المنطقة بعد تأكيدها النصر على “داعش” في معركة “الباغوز” وهو الجيب الأخير للتنظيم في الشرق السوري، ضمن حملة عاصفة الجزيرة التي أطلقتها في أيلول عام 2017 بدعم من التحالف الدولي.
المظاهرات المتواصلة في ريف محافظة دير الزور ضد “قسد” التي كانت قد حاربت تنظيم “داعش” الإرهابي وطردته من المنطقة بدعم حثيث من قوات التحالف الدولي وعلى رأسهم الولايات المتحدة، تقول عنها مصادر من دير الزور أن هذه المظاهرات تأتي تنديداً لما أسموه بـ “عنصرية قسد” وتهميشها لمناطقهم، وكذلك رفضاً لـ “سرقة النفط” والاعتقالات التعسفية، فضلا عن تأكيدهم المطالبة بحقوقهم وتحسين الأوضاع المعيشية في المنطقة؛ وذلك وفقاً بحسب ما أفادت به المصادر.
وتعود الأسباب التي دفعت بأهالي المحافظة للتظاهر لعوامل تتعلق بالإدارة الأمنية والخدمية لـ “قسد” ذات الأغلبية الكردية في مناطق ذات أغلبية عربية عشائرية.
وفي سياق آخر، أفادت وكالة “الأناضول” التركية يوم أمس؛ أن فؤاد أوقطاي نائب الرئيس التركي؛ عقد لقاءً مغلقا في أنقرة مع وفد المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية، حيث أشارت تقارير بأنه قد تم التركيز على تشكيل جسم عسكري جديد لـ “تحرير دير الزور من قسد”، وحسبما أفادت وكالة “الأناضول”، فإن أوقطاي استقبل وفد المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية في المجمع الرئاسي يوم الاثنين، بعيدا عن عدسات الصحفيين.
المتحدث باسم المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية؛ مضر حماد الأسعد، قال في حديث لـ “راديو روزنة” أن الجسم العسكري الذي يتم الحديث عنه بهذا الخصوص موجود على الأرض من خلال فصائل المعارضة التابعة لـ “الجيش الوطني”.
مشيراً إلى أنهم كانوا قد ساهموا في “تحرير مناطق درع الفرات وغصن الزيتون،.لكن حاليا المساعي جادة في توحيد الكتائب والفرق التي تشكلت من أبناء المنطقة الشرقية، والخطوات الأولى قطعت شوطا كبيرا في عملية توحيد جميع تلك الفرق العسكرية في جسم عسكري سياسي تنظيمي واحد”، الأسعد اعتبر أن “قسد” حليفة واشنطن؛ لديها مشروع انفصالي يهدف إلى تجزئة سوريا على أساس قومي؛ على حد قوله.
كما كشف خلال حديثه لـ “روزنة” بأن الجسم العسكري المزمع تشكيله من أجل شن عمل عسكري في دير الزور؛ يبلغ حوالي 12 ألف مقاتل في المرحلة الأولى، ليتم بعد ذلك ضم كافة الكتائب والسرايا الصغيرة حتى يصل العدد إلى حوالي 17 ألف مقاتل، منوهاً إلى أنهم سيقومون بفتح باب التسجيل من أجل الالتحاق في الشرطة المحلية لفئة الشباب بين أعمار الـ 18 و الـ 22 عام.
بينما أشار الأسعد إلى أن الحديث الذي دار مع نائب الرئيس التركي تطرق لعدة ملفات كان على رأسها ملف اللاجئين السوريين في تركيا، فضلا عن أوضاع السوريين في مناطق المعارضة في الشمال السوري وكذلك المخيمات في الداخل السوري، ومنطقة الجزيرة والفرات ومنبج وتل رفعت، والعمل على محاربة الإرهاب في المنطقة و”تحرير” منطقة شرق الفرات كاملا؛ حسب تعبيره.
لافتاً إلى أن الحديث مع نائب الرئيس التركي تناول أيضاً أوضاع البنى التحتية في تلك المناطق والعمل على تأهيلها بشكل كامل؛ من خلال توفير الخدمات الضرورية للمدنيين؛ سواء في قطاع الخدمات (ماء وكهرباء)، أو في القطاع الصحي والتعليمي.
وحول ما إذا كانت الولايات المتحدة على توافق مع تركيا بخصوص إطلاق عمل عسكري في دير الزور، قال الأسعد: “تركيا من أهم الدول في حلف الناتو، ولا يمكن للولايات المتحدة؛ أو حتى الدول الأوروبية أن تتخلى عن تركيا؛ أو أن تتجاهل القوة العسكرية والاقتصادية والأمنية لتركيا؛ خاصة فيما يتعلق بالملف السوري”.
وفي سياق مواز؛ اعتبر الأسعد أن الولايات المتحدة تعرف بأن القوات الكردية ليس لها قوة وحاضنة شعبية على الأرض هناك، فضلا عن أن قسد عملت على تجنيد الشباب قسريا من خلال الخطف على الحواجز أو الإغراء بالأموال.
وأضاف: “نحن في المجلس الأعلى للقبائل والعشائر ومن خلال لقاءاتنا مع الحكومة التركية متفقون على أن الحل العسكري آخر ما نفكر فيه، رغم أن تركيا قد حشدت اكثر من 100 ألف جندي على الحدود السورية-التركية والمئات من الدبابات والآليات العسكرية”.
وختم حديثه بالقول: “رغم ذلك نحن مع الحل السياسي لإيجاد صيغة لإبعاد القوات الكردية هناك، وذلك لتجنيب الجميع القتال وإراقة الدماء، و مع التأكيد على التوازي بتفكيك القوة الكردية؛ فإننا نشدد على القضاء على المجموعات الجهادية الإرهابية وكذلك القوات التابعة لإيران وتضم جنسيات عراقية وإيرانية ولبنانية، وكذلك بعض القوات الأخرى التي أنشأتها روسيا”.
تجدر الإشارة إلى أن راديو روزنة تواصل مع مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” للتعليق على تطورات الأوضاع في ملف دير الزور؛ دون أن يلقى أي تجاوب.
وفي مطلع عام 2018 سيطرت “قسد” على أغلب أرياف محافظة ديرالزور الواقعة في شرق الفرات (جزيرة)، ولم يتبق لها آنذاك سوى جيب صغير مكون من بلدات هجين والسوسة والشعفة والباغوز، كان يتحصن فيه عناصر تنظيم “داعش”.
وحسب شبكة “فرات بوست” المحلية فإن قادة فصائل تجمع “أحرار الشرقية” و”جيش الشرقية” و”الفرقة 20″ وصلوا إلى أنقرة يوم الجمعة الفائت من أجل إجراء مباحثات مع الجانب التركي لتشكيل جسم عسكري موحد يتولى مهمة “تحرير المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات قسد في محافظة دير الزور والعمل على عودة آلاف المدنيين مِن أبناء المحافظة القاطنين في مخيمات الشمال السوري وداخل تركيا إلى مناطقهم”.
وتأتي هذه المباحثات على خلفية استمرار القوات التركية بإرسال تعزيزاتها العسكرية نحو الحدود السورية، وعلى الرغم من مضي نحو عام على سيطرة “قسد” على تلك المناطق، إلا أن قواتها واجهت انتقادات من السكان المحليين، بأنها “لم تقم بأعمال كافية على صعيد تحسين حياة سكان المنطقة”.
وأعلن عن تأسيس تجمع سوري معارض جديد تحت اسم “المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية” خلال مؤتمر تأسيسي له عقد في كانون الأول الماضي؛ في إعزاز بريف حلب الشمالي بحضور قادة للمعارضة السورية، وأعربت القبائل والعشائر المنضوية في المجلس عن دعمها للعملية التركية المرتقبة ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” شرق الفرات.
وكان المبعوث الأميركي إلى سوريا؛ جيمس جيفري، علّق على احتجاجات القبائل العربية ضد قوات سوريا الديمقراطية، في حديث متلفز نشرته قناة “سكاي نيوز عربية” يوم امس، أنه قد تواصل مع مواطني دير الزور علاوة على المجالس البلدية ورؤساء البلديات، مؤكداً على إدراكه للمشاكل الحاصلة هناك.
وأضاف: ” نراقب الأمر عن كثب ونشجع جميع الأطراف على التوصل إلى حل ودي، أنا واثق من أنهم سيحققون ذلك، فقد عملوا معا بشكل وثيق ضد داعش لفترة من الوقت؛ ولدينا مشاريع للتطوير الاقتصادي وبرامج إغاثة.. فنحن لدينا وجود ملحوظ في هذه المنطقة”.
وحول مصير قوات سوريا الديمقراطية، التي تدعمها واشنطن، قال جيفري: “علينا ألا ننسى أن قوات سوريا الديمقراطية هي قوات عسكرية شبه حكومية وهي شريكتنا في هزيمة داعش، وتساهم في تحقيق الاستقرار وضمان عدم عودة داعش. وأعضاء قسد هم مواطنون سوريون، تماما مثل العديد من المجموعات السياسية في العراق التي عملنا معها قبل إطاحة صدام حسين، حيث كانت مؤلفة من مواطنين عراقيين”.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=98537