سر العلاقة بين دوائر الحيوانات وإجهاض الانقلاب في ألمانيا
ايهاب عطا- صحفي وباحث في علم التأويل
في الحلقة الاولى من المقال تناولت ظاهرة دوائر الحيوانات وعلاقتها بدوائر المحاصيل وكونهما رسائل مشفرة موجهة من قبل الرماديين ألد اعداء البشرية الذين يسكنون فيما وراء الجدار الجليدي الى اعوانهم ومواليهم المنتشرين سرا بيننا، وكيف بدأت دوائر الحيوانات بشكل ساكن في عام 2021وانتقلت لمرحلة الدوران في الاسابيع القليلة الماضية للشروع في تنفيذ مخطط معد مسبقا من المفترض ان يغير مجرى الأحداث ويهيئ لمرحلة مرعبة من تاريخ البشر بإسقاط الأنظمة الديمقراطية حول العالم، وقلت أن الإعلان عن القبض على رئيس وبعض اعضاء تنظيم مواطني الرايخ اليميني المتطرف في المانيا، وثيق الصلة بذلك الحدث العظيم الذي كانت الرسالة المشفرة تحتويه وموجهة من اجله لأتباع حكومة العالم الخفية التي تسخرها قوى الشر متمثلة في الرماديين.
وكنت في المقال السابق طرحت سؤالين حول التنظيم الانقلابي اليمني المتطرف في المانيا، الأول حول توقيت الإعلان عن التنظيم ولماذا الآن بالذات في نفس فترة انتشار ظاهرة دوائر الحيوانات، والثاني لماذا ألمانيا بالذات دون عن باقي دول العالم أو أوروبا تحديدا التي يظهر فيها تنظيم متطرف يخطط لإسقاط نظام الحكم هناك؟
وأما إجابة السؤال الأول فسهلة وبسيطة وتكمن في ان اعضاء التنظيم تلقوا التعليمات التي حملتها الرسالة المشفرة وهي الظاهرة بأنه قد حانت ساعة الصفر للتنظيم لتنفيذ مخططهم والإنقلاب على النظام الحاكم في المانيا، وإلا لماذا تأخرت السلطات الأمنية الالمانية في القبض على عناصر من التنظيم رغم أنه وبحسب ما تناقلته وسائل الاعلام العالمية على ألسنة المسؤولين الألمانية يراقبون التنظيم منذ سنوات ويعلمون الكثير عنه وعن انشطته وافكاره المتطرفة؟ ومن المؤكد لدينا ان التنظيم كان قد اخبر بسرعة الصفر لتنفيذ الإنقلاب الدموي والذي لن يخلو من القتل والعنف والتصفية الجسدية لرموز النظام الحاكم في ألمانيا يرافقه احتلال وسيطرة على مبنى البوندسناج أو البرلمان الالماني، لاحظ الشبه مع محاولة ترامب واعوانه في يناير 2021، اذا الموضوع مرتب بشكل جيد وبمنتهى الدقة وكان التنظيم في انتظار معرفة ساعة الصفر التي تحدد له من قادته الخارجيين فليس له ان يفعل شيء من تلقاء نفسه.
الأمير السبيعيني هاينريش 71عاما
تظهر المعلومات المتداولة إعلاميا رغم شحها، ان التنظيم اعد لكل شيء عدته وحدد شخصيات داخل التنظيم لنولي حقائب وزارية بعينها، ومن ضمن من القي القبض عليهم الأمير السبيعيني هاينريش 71عاما و3ضباط احدهم من قادة القوات الخاصة وكذلك أحد اعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا وهو الحزب اليميني الذي تمكن من حصد حوالي 100مقعد في البرلمان في الانتخابات الاخيرة، ولنا ان نتخيل قوة تنظيم مواطني الرايخ هذا عندما نعلم انه وبحسب بعض التفسيرات يصل اعضائه لأكثر من 100 الف شخص داخل ألمانيا، وهو ما يفصح عن كارثة محققة حال الشروع في تنفيذ الإنقلاب، فإما نجاحه وإما تحويل ألمانيا الى ساحة حرب اهلية تطول بشظاياها وتكوى بنارها كل دول اوروبا على غرار الحرب الاوكرانية الروسية رغم الاختلافات الكبيرة في الحالتين، فهذه المرة كانت المقصودة بالدمار ألمانيا اكبر اقتصاد اوروبي منافس للولايات المتحدة الامريكية.
إن ظهور تنظيم مواطني الرايخ الساعي لإقامة الرايخ الرابع لم يكن مفاجئا للسلطات الالمانية كما ذكرنا وهو امتداد لعقيدة هتلر والحزب النازي الذي أسس الرايخ الثالث، لكن جاء القبض عليهم قبيل ان يشرعوا في تنفيذ الإنقلاب بعد أن حددت لهم الرسالة المشفرة ساعة الصفر.
وحتى نفهم خلفية المخطط المعد للإنقلاب ومدى خطورته حال تنفيذه ونجاحه، يجب ان نرجع الى ما كتبه المحلل السياسي الروسي الكسندر ستينيكوف في مقال مطول نشر في (سفوبودنايا بريسا) الروسية في اواخر يونيو 2020 ويبشر فيه بعودة الرايخ الرابع إلى ألمانيا ضمن خطة تبسط فيها ألمانية السيطرة والنفوذ على اوروبا وربما العالم، و كانت ستستغل انشغال أمريكا بمواجهة كورونا وكذلك الاستعداد للانتخابات من جهة اخرى، ما يؤكد أن هناك من هو على علم ببواطن الامور وعنده من الاسرار الخاصة بحكومة العالم الخفية ما نعجز عن تصديقه أو حتى تخيله، لكن ما نخلص اليه من مقال ستينيكوف ان أمر مخطط الانقلاب معروف بين النخب الحاكمة والسياسيين وبعض المحللين امثاله، وان الانقلاب كان متوقع تنفيذه نهاية 2020 وتم تأخيره الى إشعار آخر لحين صدور تعليمات بساعة الصفر وهو ما نقلته وحددته الرسالة المشفرة أو ظاهرة دوائر الحيوانات، ومن قبلها أحد الرسوم الجديدة ضمن ظاهرة دوائر المحاصيل والتي تحدثت عنها في الحلقة الأولى من المقال.
قبل ان نجيب على السؤال الثاني وهو لماذا الانقلاب في المانيا؟ علينا ان نعلم ان حدود ألمانيا بحسب معتقدات أعضاء تنظيم الرايخ الرابع أو مواطني الرايخ ليست الحدود الحالية لألمانيا وهي حدود 1949, لكن يرون انها يجب ان تتوسع وتعود لما كانت عليه في 1937 تحت قيادة هتلر وتضم كل من بولندا وفرنسا وربما تطول معظم أو كل أوروبا، ويرفضون التعاون مع القوى الاخرى كأمريكا وغيرها ضمن حلف النانو بل ويرون ان ألمانيا الحالية ماهي الا خاضع للهيمنة الامريكية ومجرد مستعمرة أمريكية في اوروبا أو منطقة إدارية تابعة لقوى استعمارية تضم أمريكا وبريطانيا وفرنسا، لذلك يجب حدوث أنقلاب دموي يؤسس الامبراطورية الألمانية الرابعة، وهذا يجب ان نفهمه ولو بحذر في ضوء ما يؤمن به أتباع نظرية المؤامرة ان هتلر لم ينتحر أو يقتل لكنه هرب الى مستعمرة ألمانية بناها في أواخر الحرب العالمية الثانية فيما وراء الجدار الجليدي، وقد يبدوا هذا التصور خيالي أو ساذجا لكن يجب ألا نتجاهله لأن معظم ما يدور أو نعلم عنه حاليا ومنذ سنوات سواء في السياسة أو الاقتصاد أو العلوم والتكنواوجيا هو أغرب من الخيال، لذلك نؤمن بصدق تلك الفرضية ولو بنسبة 10%.
اعجبني تحليل الكاتب والباحث المصري أميل أمين لمقال ستينيكوف، المشار إليه ورؤيته لمكانة وقوة ألمانيا الحديثة في مقاله في الاندبندنت البريطانية في اغسطس 2020بعنوان “هل تقف برلين على أعتاب الرايخ الرابع؟”، ويمكننا هنا الوقوف على أهم النقاط التي تناولها أمين أو ستينيكوف كنقاط قوة ترشح ألمانيا دون غيرها لإحداث كارثة سياسية أو ربما عسكرية أو اقتصادية في حالة نجاح الانقلاب.
هناك مخاوف مكتومة وان كانت غير خفية في أوروبا من تنامي دور المانيا ووصلت المخاوف إلى أمريكا وروسيا، وصلت الى ان تتجسس أمريكا في عهد اوباما على تليفون المستشارة الالمانية وقتها أنجيلا ميركل واختراقه برنامج تجسس يعرف باسم “بريزم”، وفي فترة ترامب وصل قلق أمريكا تجاه ألمانيا وقوتها ان حاول وفكر في تكبيل ألمانيا بعقوبات غير مباشرة في شكل ضرائب على المنتجات الالمانية.
وفي الداخل الاوروبي نجد ان تصاعد نفوذ ألمانيا ومحاولتها السيطرة الاقتصادية على اوروبا، برز في في عدة خطوات واشكال منها ان ألمانيا باتت تعرف بأنها مغناطيس الاقتصاد الاستثماري وبحسب الاحصاءات التي قامت بها غرفة التجارة الامريكية في ألمانيا فالشركات الامريكية تعتبر ألمانيا اكثر مواقع الأعمال جاذبية في اوروبا، ويضاف الى ذلك امتلاك ألمانيا مخزون كبير من الذهب في مخازن بنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي وتقدر قيمته حسب اسعار الذهب عام 2020 بحوالي تريليون دولار ويعجز الالمان عن استعادته.
ويصل الجبروت الالماني المهيمن على الاقتصاد الاوروبي الى الدرجة التي تفرض فيها المانيا وتلزم البنك المركزي الاوروبي على نقل وثائق مهمة إلى ألمانيا تساعدها في تحديد الطبيعة النسبية لبرامجها في شراء الاصول وهو ما اعتبره الأوروبيون خطوة غير مسبوقة في تاريخ الاتحاد الاوروبي وطرح تساؤلات حول رضوخ البنك المركزي الاوروبي لالمانيا، كما سعت ألمانيا الى اصدار قرار يلزم البنك المركزي الاوروبي بإعلام السلطات الالمانية في المستقبل بما ينوي القيام به.
ويجدر بنا الإشارة الى إرهاصات التحول أو الانقلاب في ألمانيا لتأسيس الرايخ الرابع قديمة ومتجذرة في عقيدة ووجدان كثير من الالمان، ويشير الى ذلك تخصيص كل من الصحفيان المعروفان فيتوريو فيلتري وجيناور سانغولياني كتابهما (الرايخ الرابع) للتبشير بعودة الامبراطورية الألمانية الممتدة الحدود، وكان التساؤل الرئيسي في هذا الكتاب يدور حول ما اذا كانت المستشارة الالمانية السابقة أنجيلا ميركل تعمل من اجل صالح ألمانيا الأوروبية أم صالح اوروبا الالمانية؟ وهو نفس التساؤل الذي طرحه الكاتب الالماني توماس مان حول المستقبل الاوروبي وهل سيمنح الأوروبيين اوروبا ألمانية أم ألمانيا اوروبية؟
وتظل المخاوف من انصار فكرة الرايخ الرابع قائمة على الرغم من القبض على 25شخص من بينهم زغيم التنظيم، لكن ما يمثل هذا العدد الضئيل مقارنة بمأئة الف أو أكثر كانوا ينتظرون فرصة إسقاط النظام الحالي واقامة دولة استعمارية جديد تنذر باندلاع حرب عالمية ثالثة تدخل العالم في خراب ودمار اكثر مما خلفته الحرب العالمية الثانية وربما تسببت في دمار الارض وفناء البشر ونهاية التاريخ، وتحقيقيا لما تنبأ به فرانسيس فوكو ياما منذ عقود.
بالطبع المشهد سيبدوا مرعبا اذا كتب لأي تنظيم إسقاط النظام الديمقراطي القائم في أي دولة من دول أوروبا، فساعتها ستكون نهاية التاريخ والعالم، مما يدعم نظريتي في كون دوائر الحيوانات ما هي ألا رسالة مشفرة حملت وحددت ساعة الصفر لحدث مرعب تمثل في إسقاط ألمانية ودخول العالم حقبة جديدة من الحرب المدمرة يخضع فيها لحكومة خفية تأتمر بأمر الرماديين خلف الجدار الجليدي، فعل سيحاولون تنفيذ نفس المخطط في ألمانيا مرة اخرى؟ أو تظهر محاولات إنقلاب في دول اوروبية بديلة؟ هذا ما سنراقبة في الايام القادمة.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=107317